الرئيسية

المغاربة من رواد السيرك الحديث في ألمانيا

صفحات منسية من تاريخ السيرك المغربي

أحمد حرمة
ساهمت عدة شعوب برصيد ثقافي معين في تكوين ما أصبح يعرف اليوم بـ «السيرك» الحديث، فقد ساهمت الصين بمشاهد الالتواء الجسدي Contorsionniste، وساهمت إسبانيا بعمليات ترويض الحيوانات، وساهمت إيطاليا وألمانيا بمشاهد المهرجين، وساهم المغرب بالحركات الرياضية والقفزات الخطيرة لبناة الأهرامات البشرية، لدرجة أن تلك الحركات أصبحت تسمى في لغة السيرك بـ Arabski وعند الألمان بـ Arabebogen بمعنى القوس العربي، والذين يتميزون بكونهم ينجزون عروضهم بدون خيوط أمان.
وفي أمريكا يعود أول عرض سيرك للمغاربة لسنة 1838، عبر ما كان يعرف بأنشطة الفودفيل Vaudeville، من خلال بعض الوثائق التي توثق لما سمي آنذاك بسيرك البدو العرب The bedouin arab circus act، والذي سوف تليه العديد من الفرق التي سنعرض لها لاحقا.

في ألمانيا، فإن أول عرض موثق للمغاربة في سيرك ألماني كان سنة 1852 بفضل أرنست رينز الذي كان يلقب بملك السيرك، والذي جلب إلى ألمانيا فرقة من طائفة أولاد احماد أوموسى المعروفة بالمغرب بحركات أعضائها الرياضية الرشيقة، والتي كان يرأسها مصطفى بن محمد السوسي. وفي سنة 1862 اشتهرت بألمانيا فرقة مغربية من بناة الأهرامات البشرية والقفز سميت بفرقة «الطوارق ـ عجائب الصحراء» وكانت مكونة من سيدي الحاجي المباركي، محمد بن علي، حبيبي بن محمد، امبارك بن الحسن، عبي بن محمد، الهادي إبراهيم بن محمد، عبد الله بن حامن، محمد سهير، مسمن بن مبارك، عمار صغير، عروش بن عديج، وفي نفس الوقت اشتهرت فرقة تقوم بمشاهد القفز العربي على الخيول، أما في سنة 1877، فقد ظهرت فرقة مكونة من 15 فردا سميت بصيادي النوبة، وكان معظمهم مغاربة من سوس وبعض النوبيين، وفي سنة 1887 ظهرت فرقة مكونة من 12 مغربيا تحت رئاسة الهادي عمر بن محمد، وفي سنة 1889، نشرت إعلانات لمشاهد مغربية تحت عنوان «قفزات خطيرة للبدو»، أما في سنة 1892 فقد اشتهرت فرقة الهادي عبد الله، ومنذ ذلك التاريخ أصبح المغاربة جزءا لا يتجزأ من السيرك العالمي والألماني منه على الخصوص.

المستشرقون وفرقة احماد أوموسى
اكتشف المستشرقون الألمان فرقة «أولاد احماد أوموسى» وعملوا على دراسة عادات أفرادها وطريقة عيشهم، وهكذا قام الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية غوستاف ناختيغال سنة 1870 بالسفر رفقة بعض أعضاء الطائفة وقام بوصف رحلته معهم، ودراسة بنياتهم الاجتماعية في كتاب ألفه حول الموضوع، كما قام باحثان في علم اللسانيات هما هانز شتوم وألبير سوكان بأبحاث لغوية حول لغة أولاد احماد أوموسى الذين كانوا في جولة بألمانيا.
كما يتحدث «فرايهر فون أوبنهايم»، المتخصص في دراسة قبائل الرحل، عن لقائه بأحد أفراد الفرقة بدمشق وبكونه فوجئ بطلاقة لسان هذا الأخير وهو يحادثه باللغة الألمانية، وكيف أن أولاد احماد أوموسى استقروا بمعظم العواصم الأوروبية.

34 فرقة بهلوانية مغربية
في بداية القرن العشرين وإلى حدود سنة 1925 تم إحصاء ما يزيد عن 34 فرقة بهلوانية مغربية عاملة في مجال السيرك.
لقد كانت لهؤلاء المغاربة ملابس متميزة، فقد كانت عبارة عن «كندورات» وسراويل مغربية ملونة زاهية ومطرزة، مع ربط «الكندورة» بحزام جلدي، فيما كان لباس أحد أعضاء الفرقة متميزا بـ«شاشية» ملونة وقد عفر وجهه في الطحين بشكل يجعل منه مهرج الفريق، وقد كانت تلك الملابس مثيرة لمتفرج لدرجة أن أغلب العقود المبرمة معه كانت تشترط عليهم الاحتفاظ بتلك الملابس حتى خارج أوقات العروض، كنوع من الإشهار للسيرك المتعاقد معهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى