الرئيسيةتقاريرخاص

المغرب وماكينة الوحل الإعلامي والسياسي الأوروبي..مكاشفة لابد منها

مؤامرة منتصف دجنبر -1-

لقد أشرك أحد الخطابات الملكية السامية «القوى الحية» في عمليات التنمية والدفاع عن المكتسبات الوطنية المختلفة وكذا الوحدة الترابية والوطنية. وهو التكليف / التشريف الذي يجعل من كل ضمير وطني حي ومن كل صانعي الرأي العام.. جنديا في كتيبة الدفاع عن مقدسات الوطن، سواء بالخارج أو الداخل.. كما يجعل منه «كشافا ضوئيا» ينير طريق الحقيقة من جهة، ويكشف زيف «روايات» أعداء الوحدة الوطنية والترابية الملغومة بالمغالطات، والتحايل على الحقائق، ودموع التماسيح من جهة ثانية… والرفع من درجة اليقظة من جهة ثالثة…

مقالات ذات صلة

خاصة أمام تكالب العديد من الجهات من أجل نسف المجهودات المغربية في موضوع صحرائه المغربية، أو تشويه صورته بالخارج، أو من أجل عرقلة المسلسل الديمقراطي والتنمية البشرية…

تقديم قار

 الدكتور عبد الله بوصوف

ولعل التقارير السنوية لبعض المنظمات الحقوقية «المخدومة» على مقاسات ضرب الوحدة الترابية وزعزعة الاستقرار المغربي، أو تسخير «ماكينة» إعلامية قذرة من أجل التشهير برجالات المغرب بالخارج، أو شراء ولاءات وأصوات بعض المنظمات من أجل منح بعض الجوائز «المشبوهة» لأشخاص يتخذون من سب وشتم المغرب خبزهم اليومي وبرنامج حياتهم…

لقد عشنا هذه اللحظات مع أحداث ارتبطت برفع دعاوى قضائية ضد مصالح المغرب أو في قضية «بيغاسوس» أو في قضية «قطرغيت»… مع وجود قاسم مشترك بين كل هذه الأحداث والوقائع، وهي أنها تتم عبر «ماكينة» الصحافة الاستقصائية، التي تتكون عادة من آليات إعلامية معروفة بعدائها التاريخي للمغرب ولرموزه… وتضم نفس المنابر وبنفس خلفية المؤامرة والحقد، وقد تستعين ببعض «ضعاف النفوس» من المحسوبين علينا بالمغرب أو بالخارج… مستغلين الثورة الرقمية الهائلة، وسرعة انتقال الأخبار الزائفة «الفايك نيوز»، وسخاء النظام العسكري الجزائري، وحقيبته الوطنية سونطراك…

لكل هذا، فإن التكليف / التشريف الملكي للقوى الحية المغربية… يضعها أمام مسؤوليتها الأخلاقية وواجبها الوطني، ويزيدها جرعة أقوى، ويدفعها لرصد كل ما يقوم به الأعداء على المستوى الأكاديمي والجامعي والإعلامي والتوثيقي… ويدفعها لتنظيم طريقة الرد عليهم بحكمة وموضوعية من داخل المنظمات الحقوقية والجامعات والمعاهد ومراكز التفكير ومن خلال التأليف والتحقيقات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإعلامية المغربية والدولية…

 

 

 

 

البرلمان الأوروبي بين مطرقة «اللوبيات» وسؤال مدونة الأخلاقيات

 

لم يكن ليصدق أحد كل هذا التوهج والاهتمام الإعلامي العالمي بكل من قطر الدولة المنظمة لكأس العام 2022.. والمغرب الدولة التي سحب فريق أسودها بساط التألق من تحت أقدام دول عريقة في كرة القدم، كبلجيكا وإسبانيا… وليقف «التسونامي المغربي» عند دور نصف نهائي بعد خسارة أمام فريق الديوك الفرنسي، بطل العالم بروسيا سنة 2018، ووصيف بطل العالم في مونديال قطر 2022…

ويبدو أن تفاصيل التنظيم الخرافي لمونديال قطر، وتداول الإعلام العالمي لصور تخص البنية التحتية والمؤهلات والقدرات الطبيعية والبشرية في دولة قطر… من جهة، وخروج العالم فرحا عند كل فوز وعند كل تأهل للمنتخب المغربي في امتداد جغرافي وإنساني رهيب، حيث كانت الراية المغربية حاضرة في كل ساحات عواصم العالم، وكأن الفريق المغربي هو فريق كل تلك الشعوب في البلاد الإسلامية والعربية والإفريقية والآسيوية… من جهة ثانية، كل هذا لم يكن ليصدقه حتى أكبر المتفائلين.. لكنه حدث بالفعل وعشناه ولمسناه ووثقناه…

ونعتقد أن العالم كان يتوقع تنظيما عاديا للمونديال من طرف دولة صغيرة ليس لها تاريخ في كرة القدم… لكن حصل العكس، ورفعت قطر سقف التنظيم، سواء من حيث التكلفة التي فاقت 220 مليار دولار، أو من حيث توظيف الثورة التكنولوجية والرقمية… كما كان العالم يتوقع مشاركة مغربية عادية أقصاها دور الثمن… لكن حصل العكس وأطاح الأسود المغاربة بفرق لها تاريخ وحاصلة على ألقاب قارية وعالمية ولها بطولات قوية… ووصل إلى نصف النهاية في حدث تاريخي رياضي غير مسبوق من طرف فريق مغربي / إسلامي / إفريقي… وأثبت كل من قطر والمغرب بأنه ليس كل البجع أبيض…

 

«مفسدو الأفراح»

لقد تعودنا في مثل هذه الظروف أن يطل علينا أحد «مفسدي الأفراح»، وكأنه ليس لنا الحق في الفرح والاحتفال.. لكن العالم كان شاهدا على كل حملات التشويه والابتزاز منذ إعلان عن تنظيم قطر لكأس العالم في دجنبر من سنة 2010 واستمرت الحملة حتى بعد انطلاق المونديال. ونحن بهذا لا ندافع عن قطر، لأنها دولة لها مؤسساتها السيادية القادرة على تقديم الجواب والرد وبالطريقة التي تختارها قطر..

لكن مهندسي الحملات الابتزازية… لم يتحملوا لحظات الفرح والفوز والفخر بكل الوطن العربي وإفريقيا… لم يتحملوا ارتفاع أسهم قطر والمغرب في سوق الندية ودخولهما لنادي الكبار.. فكان أن رفعوا من درجتها بمتابعة سياسيين وبرلمانيين في البرلمان الأوروبي… بإصدار قضاة بروكسيل يوم 9 دجنبر الحالي أوامر القبض والتحقيق مع اليونانية «ايفا كايلي» نائبة رئيس البرلمان الأوروبي، ونائب برلمان أوروبي سابق ومساعده (من إيطاليا) وآخرون… أما التُهم، فهي التوصل بأموال من أجل تحسين صورة قطر… لذلك عُرف هذا الملف في وسائل الإعلام بقطرغيت… Qatargate.. كان من نتائجها السريعة إقالة اليونانية من منصبها كنائبة رئيسة البرلمان الأوروبي وتجميد جميع أصولها وأموالها باليونان، والتحقيق مع كل من النائب الأوروبي السابق بانزيري ومساعده… وهي التهم التي رفضتها قطر جملة وتفصيلا في بيان أصدرته وزارة الخارجية القطرية… وكان لابد من إقحام المغرب لإضافة الإثارة والتشويق في الحفلة التشهيرية المقامة في بروكسيل… وتعمد إقحام شخصيات مغربية من قامات وازنة في الوطنية والاستقامة… والقول بعلاقتها مع شبكة الإيطالي أنطونيو بانزيري.. الذي كان يخدم قضايا المغرب بالبرلمان الأوروبي..

تم استدعاء البرلمان الأوروبي بشكل عاجل يوم 15 دجنبر للتداول في الأمر وبإعلان رئيسة البرلمان الأوروبي المالطية «روبيرتا ميتسولا» عن حزمة إصلاحات واسعة من بينها مراجعة مدونة سلوك البرلمان الأوروبي وحل جميع لجان الصداقة مع الاتحاد الأوروبي وإلغاء امتيازات قطرية بخصوص التأشيرات وغيرها… وأضافت أن البرلمان ليس للبيع وأن المذنبين تم إيقافهم وسيخضعون لإجراءات قانونية…

ويظهر الأمر وكأنه عملية تطهيرية من داخل جسم مؤسسة البرلمان الأوروبي.. وإعلان بزوغ عهد جديد من الصرامة والاستقامة داخل المؤسسة التشريعية التي طالما كانت تمثل ضمير مؤسسات الاتحاد الأوروبي… فهل كان الأمر كذلك…؟ أم أن المتهمين هم فقط «كبش فداء» لعملية تشويه وشيطنة مدفوعة الأجر…؟ مادام أن المتهمين ليسوا من الصف الأول أو الثالث.. فاليونانية «إيفا كايلي» هي فقط أحد النواب 14 لرئيسة البرلمان الأوروبي. كما أن الإيطالي بانزيري هو نائب أوروبي سابق ومساعده يشتغل مع نواب آخرين ونقابي آخر… وبالتالي من السهل التضحية بهم في ملف فساد مالي… وتلطيخ سمعة شخصيات وازنة قطرية ومغربية… !

لقد كان التصعيد الإعلامي المبالغ فيه مثيرا لكثير من الشكوك… فقد ترك الإعلام الغربي جانبا الأحداث في أوكرانيا ومظاهرات إيران وأزمة الطاقة والمهاجرين وغيرها… وأمطر الرأي العام الدولي بمقالات غزيرة في اليوم الواحد إلى حد التخمة… حول قضية الفساد المالي بالبرلمان الأوروبي وإقحام المغرب وقطر…

في حين عجزت تلك التقارير عن تقديم الفرق بين الرشوة / الفساد المالي وبين أعمال مجموعات الضغط في محيط مؤسسة البرلمان الأوروبي… ولماذا لم تعتبر تلك الجهات استثمارات قطر كرشاوى كبرى أو فساد مالي كشرائها أسهم شركات السيارات الكبرى الألمانية وأسهم Deutsche Bank، وشراء معارض Harrods البريطانية و20 في المئة من مطار Heathrow، وشراء ماركات عالمية إيطالية Valentino وقصور وأحياء راقية بميلانو الإيطالية… وشراء فريق باريس لكرة القدم وموانئ فرنسية وعقارات مهمة في بلجيكا وهولندا وإسبانيا… لماذا لم تطعن تلك التقارير في اتفاقيات دولة قطر مع أعرق الجامعات الأمريكية والفرنسية والبريطانية… وكيف تصف الدعم القطري للجامعات الأمريكية بالتمويل وليس بالرشوة حيث فاقت بين سنتي 2011 و 2017 حوالي مليار دولار…؟

 

الشفافية داخل وفي محيط البرلمان الأوروبي

نفس التحقيقات عجزت عن الكشف عن نتائج كتاب «أوراق قطر» الصادر سنة 2019 من تأليف صحافيين فرنسيين واتهام قطر بتمويل الإسلام السياسي بأوروبا… لا أحد كشف للرأي العام عن أسماء المتورطين وعددهم عن طبيعة العقوبات… ملايين الدولارات لم نعرف مصيرها واكتفى كتاب «أوراق قطر» بالكشف عن مصدرها فقط…؟

وعندما تم إقحام المغرب في ملف الفساد المالي بالبرلمان الأوروبي.. فقد تم ربطه بملف الوحدة الترابية والوطنية.. واتفاقية الفلاحة والصيد البحري… !

ومادامت تلك الجهات تدعي الشفافية دون تطبيقها.. فإننا سنكون أكثر جرأة منها بطرح بعض الإشكالات المتعلقة بالشفافية داخل وفي محيط البرلمان الأوروبي… إذ تُعتبر بروكسيل أكبر حاضنة لمجموعات ضغط في العالم بعدد يفوق 11.800 مسجلة في سجل الشفافية داخل اللجنة الأوروبية.. وتعمل تلك المجموعات بالتعاون مع البرلمانيين والمنظمات والجمعيات على عدم المصادقة على قوانين أوروبية ضد مصلحة الجهات التي تمثلها تلك «اللوبيات» أي مجموعات ضغط… وطبعا هو عمل تنتظر من أجله تلك «اللوبيات» أتعابا أو عمولات أو واجب عن عمل.. لذلك لا يجب أخلاقيا وصفه بالفساد أو الرشوة.. !

المثير هو أن إقحام المغرب في ملف قطر دفع مهندسي الحملة إلى الاستعانة بأوراق ومراسلات وصور قديمة (سنوات 2013 و2014 و2015…) تجمع بانزيري مثلا بالسفير عبد الرحيم عثمون… وصفتها بالسرية، في حين أن بعضها منشور في بعض المواقع المغربية الرسمية وليست هناك حاجة إلى خدمات «هاكر» لاختراق أنظمة أو مراسلات…

فإذا كان الإيطالي بانزيري هو رئيس اللجنة البرلمانية المختلطة المغربية الأوروبية عن الجانب الأوروبي والسفير عبد الرحيم عثمون هو الرئيس عن الجانب المغربي منذ سنة 2011… فإن لقاءهما سواء في بروكسيل أو الرباط أو تبادل المراسلات والزيارات هو من صميم عملهما.. كما أن مناقشة ملفات الصحراء المغربية والفلاحة والصيد البحري داخل اللجنة المختلطة هدفه هو تقريب وجهات النظر وتفادي أي انزلاق يهدد مصلحة هذا الطرف أو ذاك… وهذا أيضا من صميم عمل اللجنة البرلمانية المختلطة… وتشاء الصدف أن يتم تعيين «عبد الرحيم عثمون» سفيرا لدى دولة بولونيا سنة 2019 وفي نفس السنة لم يعد الإيطالي «بانزيري» نائبا أوروبيا.. بل اكتفي بخلق منظمة حقوقية ومقرها بروكسيل.. بمعنى أن العلاقة بينهما انتهت سنة 2019…

أكثر من هذا، فإذا كانت بروكسيل تسمح بعمل مجموعات ضغط لصالح العديد من الدول والأنظمة تحت العديد من المسميات كلجان الصداقات مثلا… فهذا يعني أن المشكل هو في طريقة عمل مؤسسة البرلمان الأوروبي التي رهنت قرارته وتوصياته بأداء اللوبيات المتحكمة في دواليب السياسة والاقتصاد… مع التذكير بأن قضية الفساد المالي للبرلمان الأوروبي لسنة 2022 ليست هي المرة الأولى، بل هناك سابقة في سنة 2011 كان وراءها برلمانيون أوروبيون من النمسا وسلوفينيا ووزير روماني سابق حيث وصل المبلغ إلى 100 ألف أورو مقابل إصدار تدابير تخص المجال البنكي…

ومادام الشيء بالشيء يذكر، فإن تواجد أكثر من 11 ألف مجموعة ضغط مسجلة في سجل الشفافية باللجنة الأوروبية… يدفعنا للتساؤل عن مجموعات الضغط التابعة لجنيرالات النظام الجزائري وعن صفات أعضاء لجنة الصداقة البرلمانية الجزائرية / الأوروبية…؟ وكيف تقوم بالدعاية والتحريض ضد الوحدة الترابية والوطنية المغربية..؟ وكيف يُفسر تقاعس وسائل الإعلام الإيطالية مثلا عن كشف تفاصيل مالية تسلم لجهات مرتشية بالبرلمان الأوروبي أو اللوبيات من أجل الترويج لأطروحة الانفصاليين…؟ مقابل الاهتمام غير المسبوق للمواقع والجرائد الإيطالية بإقحام شخصيات سيادية مغربية في ملف فساد مالي داخل البرلمان الأوروبي…؟ فهل تلك المواقع والجرائد الإيطالية تشتغل لصالح النظام العسكري الجزائري كمجموعات ضغط خارج بروكسيل… خاصة وأن إحدى الجرائد النشيطة خلال هذه الحملة تعاني من ضائقة مالية كبيرة تهددها بالتوقف عن الإصدار الورقي…؟

لا أعتقد أن تداعيات فبركة ملفات فساد مالي بالبرلمان الأوروبي واتهام قطر أو المغرب سيمر مرور الكرام خاصة وأن قطر لمحت إلى اتخاذها إجراءات قد تؤثر في المجال الطاقي لأوروبا… في حين أن المغرب ينتظر قيام سلطات بروكسيل بفتح تحقيقات حول شبكات النظام الجزائري بالبرلمان الأوروبي ليس لتلميع صورة النظام العسكري بأوروبا ولكن ضد الوحدة الترابية، لأنه حينها سيكون قد نظف المؤسسة التشريعية من أكبر بؤرة فساد مالي وسياسي وأخلاقي… كما يمكن للإعلام الغربي والإيطالي خصوصا تسميتها بالجزائر غيت Algerigate… وإلى ذلك الحين يحتفظ المغرب بكل حقوقه في الدفاع عن صورته وعن مقدساته السيادية والترابية.. بكل الطرق القانونية وبكل الشفافية الممكنة..

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى