شوف تشوف

سري للغاية

بنى رفقة مواطنه ترجمان جامع السوريين ترحما على شهداء مغاربة في الجولان

حسن البصري

يقول رشيد العفاقي، الباحث في تاريخ المغرب والأندلس، «إن مسجد السوريين صرح ديني، تولت بناءه عائلة ططري الحلبي، وهي عائلة سورية استقرت بالمدينة منذ ما يزيد عن نصف قرن، شيدت الصرح الديني وقدمته كهدية رمزية للمملكة المغربية». وأضاف العفاقي أن تشييد المسجد جاء بمباركة من الملك الراحل الحسن الثاني، بعد مشاركة بطولية للقوات المسلحة المغربية في جبهة الجولان السورية في عام 1973، وتمتينا لأواصر الأخوة بين الشعبين المغربي والسوري. ويشير المتحدث إلى أن المسجد بني على الطراز المعماري الحلبي الشامي، وكان المهندس الذي وضع تصميمه هنغاري الجنسية مقيما بدوره في طنجة منذ أن كانت تحت الوصاية الدولية.
استمد مسجد «السوريين» تسميته من الحي الذي يوجد فيه وسط المدينة، وأيضا من جنسية العائلتين اللتين أشرفتا وتكفلتا ببنائه وتشييده، يتعلق الأمر بكل من عائلة ططري الحلبي وترجمان الدمشقي، المقيمتين بمدينة طنجة، منذ عقود طويلة. ستأخذ العائلتان على عاتقهما، وبمباركة من الملك الراحل الحسن الثاني، مبادرة تشييد هذا المسجد ليظل منذ تلك الفترة، معلمة إيمانية تشع روحانية يزداد فيح عبيرها خصوصا في شهر رمضان. ويعتبر مسجد «سوريا» بمدينة طنجة، المعروف أكثر لدى ساكنة المدينة بـ«جامع السوريين»، أو السوريين كما يصطلح عليه أهل طنجة في الحي الذي أصبح يحمل اسمه في ملتقى طريق تطوان والطريق المؤدي إلى محطة القطار-المدينة.
وبني المسجد سنة 1975، تحت عناية عامل إقليم طنجة، بناء على تعليمات من الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله غداة عودة الجنود المغاربة المجاهدين على الجبهة السورية سنة 1974، وذلك تيمنا بالشهداء المغاربة الذين سقطوا في أرض المعارك، وكان بعض الساهرين على المشروع قد اقترحوا إطلاق اسم كبير الشهداء العقيد العلام على المعلمة إلا أن الحسن الثاني رفض وأصر على أن يظل مرتبطا بالأرض السورية، ويقال إن المهندس الهنغاري اعتنق الإسلام بعد انتهاء الأشغال، إلا أن هذه الرواية تحتاج لتأكيد.
وأشرف على بناء المسجد عائلتا ططري الحلبي وبولند ترجمان الدمشقي، حيث جعلتا منه منارة للعلم حين بنتا معهد عائشة أم المؤمنين لتحفيظ القرآن الكريم الخاص بالنساء أيضا. ولا زال هؤلاء السوريون لحد الآن يشرفون عمليا على تدبير المسجد، خاصة وأنهم ظلوا على امتداد استثمارهم في المغرب يمارسون العمل الخيري دون السعي إلى الوجاهة.
رسخت عائلة ططري السورية جذورها في المغرب بعد أن أصبحت تربط بآصرة المصاهرة مع رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، حين ارتبط نجله نجم الدين، بفتاة سورية تدعى عفراء تنحدر من عائلة ططري الحلبي، التي تقيم منذ عقود طويلة بطنجة، وتستثمر في عدة مشاريع في المغرب.
أما ترجمان بولند فساهم بدوره في بناء هذه المعلمة وكثير من المشاريع الخيرية في طنجة بإيعاز من والدته، علما أنه كان صديقا للحسن الثاني، وهو الذي دعاه إلى الاستثمار في المغرب بدل الولايات المتحدة الأمريكية. ومن المصادفات أن يرحل هذا الرجل إلى دار البقاء في عز الجائحة بأقل موكب جنائزي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى