
النعمان اليعلاوي
تعيش منطقة سلا الجديدة، وخصوصًا الأحياء المحيطة بأحصين، على وقع تنامٍ مقلق لنمط جديد من المناورات العقارية التي أصبحت تُعرف في الأوساط المحلية بـ”الابتزاز العقاري”، في إشارة إلى ممارسات مشبوهة تستغل المقتضيات القانونية المتعلقة بالتقييدات الاحتياطية، لتحويلها إلى أدوات ضغط ومساومة موجهة ضد ملاك العقارات وذوي الحقوق، في مس صريح بروح العدالة ومبادئ الاستقرار التوثيقي والعقاري.
وحسب معطيات موثقة، توصلت بها جريدة “الأخبار”، فإن عددا من المواطنين المتضررين وجدوا أنفسهم أمام عراقيل غير متوقعة في استكمال عمليات بيع أو تفويت ممتلكاتهم العقارية، بعد تسجيل تقييدات احتياطية مفاجئة على رسومهم العقارية، من طرف أطراف تدّعي وجود نزاعات أو ديون مفترضة، دون تقديم أي حجج دامغة أو صدور أحكام نهائية. وتكشف الوثائق التي اطلعت عليها الجريدة أن بعض هذه التقييدات لا تندرج ضمن النزاعات المعروفة لدى المحاكم، بل يتم اللجوء إليها كوسيلة ضغط سرية، يُعرض على إثرها سحب التقييد مقابل مبالغ مالية ضخمة، قد تصل إلى مئات الآلاف من الدراهم، وهو ما وصفه أحد المهنيين بـ”الابتكار القانوني المغشوش” الذي يُفرغ النصوص من محتواها ويحوّلها إلى غطاء للاستقواء.
وعلمت “الأخبار” أن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسلا أصدر تعليماته بإعادة فتح الملف حيث أمر بإحالته مجددًا على الشرطة القضائية بالمنطقة الأمنية سلا الجديدة قصد تعميق البحث والتحري، وذلك بعد توصل النيابة العامة بشكايات جديدة تفيد بوجود شبكة يُشتبه في ضلوعها في ممارسات احتيالية وابتزاز عقاري منظم، عبر تسجيل تقييدات احتياطية غير مبررة على رسوم عقارية لأشخاص ذاتيين، في غياب أسس قانونية صلبة، حيث يكتسي هذا الوضع خطورة مضاعفة في الأحياء التي تعرف نموا عمرانيا متسارعا، وتداخلات عرفية في التملك، مثل سلا الجديدة وضواحيها، ويصبح المجال العقاري مفتوحًا أمام استغلال الثغرات، إما لتصفية حسابات محلية أو لفرض أمر واقع بالقوة القانونية المغلّفة، ما يضع أصحاب الحقوق الحقيقيين في مواجهة تهديد مقنّع وغير مباشر.
وفي ظل هذا الانفلات، تعالت أصوات من داخل الأوساط القانونية والمهنية تدعو إلى مراجعة مسطرة التقييدات الاحتياطية، وتقييد استعمالها بشروط صارمة وبتزكية من المحكمة في كل مرحلة، حتى لا تتحول إلى سلاح ابتزازي يُستخدم ضد مالكي العقارات، مع ضرورة تمكين النيابة العامة من صلاحيات أوسع لملاحقة الدعاوى الكيدية، ومراقبة كل تقييد يفتقد للجدية أو يقوم على نية غير سليمة.





