
الفلاحة محرك أساسي للاقتصاد الوطني والحكومة ترصد 10 ملايير درهم لمساعدة الفلاحين
على ضوء التوجيهات الملكية للملك محمد السادس، أعلنت الحكومة عن تدابير استعجالية لدعم القطاع الفلاحي في مواجهة أزمة الجفاف، معلنة عن تسطيرها برنامجا استثنائيا للتخفيف من آثار نقص التساقطات المطرية، والحد من تأثير ذلك على النشاط الفلاحي، من خلال تقديم المساعدة للفلاحين ومربي الماشية المعنيين، ورصدت لتنفيذ البرنامج غلافا ماليا بمبلغ 10 ملايير درهم، ويرتكز البرنامج على 3 محاور رئيسية، يتعلق الأول بحماية الرصيد الحيواني والنباتي وتدبير ندرة المياه، ويستهدف المحور الثاني التأمين الفلاحي، في حين يهم المحور الثالث تخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين.
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
التدابير الاستعجالية الخاصة بالتخفيف من آثار قلة التساقطات المطرية
ترأس عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، يوم الخميس الماضي بالرباط، اجتماعا خصص لبحث التدابير الاستعجالية الضرورية الخاصة بالتخفيف من آثار التساقطات المطرية.
وأوضح بلاغ لرئاسة الحكومة أنه تبعا للتعليمات السامية الاستباقية للملك محمد السادس، المتعلقة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة آثار نقص التساقطات المطرية على القطاع الفلاحي، والعناية الملكية الخاصة، التي ما فتئ يوليها الملك لساكنة العالم القروي، ولكل مكونات القطاع الفلاحي، وضعت الحكومة برنامجا استثنائيا للتخفيف من آثار نقص التساقطات المطرية، والحد من تأثير ذلك على النشاط الفلاحي، من خلال تقديم المساعدة للفلاحين ومربي الماشية المعنيين.
وأضاف البلاغ ذاته أن هذا البرنامج يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية، يتعلق الأول بحماية الرصيد الحيواني والنباتي وتدبير ندرة المياه، ويستهدف المحور الثاني التأمين الفلاحي، في حين يهم المحور الثالث تخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين. وأشار إلى أن صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية سيساهم بناء على أمر جلالة الملك، بمبلغ ثلاثة مليارات درهم في هذا البرنامج.
وسجل أن الشق الأول من هذا البرنامج، الذي تصل تكلفته المالية إلى 3 مليارات درهم، يهم توزيع 7 ملايين قنطار من الشعير المدعم لفائدة مربي الماشية، و400 ألف طن من الأعلاف المركبة لفائدة مربي الأبقار الحلوب، للحد من آثار ارتفاع أسعار المواد العلفية، وتراجع موفورات الكلأ بكلفة إجمالية تصل إلى2.1 مليار درهم، وتلقيح ومعالجة 27 مليون رأس من الأغنام والماعز و200 ألف رأس من الإبل، ومعالجة النحل ضد داء الفارواز، بميزانية قدرها 300 مليون درهم.
كما يشمل هذا الشق إعادة تأهيل مدارات الري الصغير والمتوسط، بهدف صيانة المعدات وخلق فرص عمل، من خلال تطوير وتأهيل السواقي ومآخذ المياه التقليدية والخطارات، بميزانية تصل إلى 255 مليون درهم، وتوريد الماشية عبر تهيئة وتجهيز نقاط مائية، واقتناء صهاريج وشاحنات صهريجية، وتهيئة المراعي على مساحة 10 آلاف هكتار بميزانية قدرها 224 مليون درهم، والري التكميلي لاستدامة البساتين حديثة الزراعة (من 2 إلى 5 سنوات)، التي تم غرسها في إطار الفلاحة التضامنية على مساحة 55 ألف هكتار، بميزانية إجمالية تبلغ 121 مليون درهم.
وبخصوص المحور الثاني من البرنامج، المتعلق بالتأمين متعدد المخاطر للموسم الفلاحي الحالي، سيتم العمل على تسريع أجرأة التأمين ضد الجفاف بالنسبة إلى الفلاحين، برأس مال مؤمن عليه من قبل الفلاحين يصل إلى 1.12 مليار درهم على مساحة مليون هكتار. أما المحور الثالث المتعلق بتخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين، يؤكد المصدر ذاته، فقد خصص له مبلغ مالي بقيمة 6 مليارات درهم، ويروم إعادة جدولة مديونية الفلاحين، وتمويل عمليات تزويد السوق الوطنية بالقمح وعلف الماشية، علاوة على تمويل الاستثمارات المبتكرة في مجال السقي.
وفي سياق متصل، دعا رئيس الحكومة، في ختام الاجتماع، مختلف المتدخلين إلى التنسيق في ما بينهم، ونهج سياسة الإنصات والقرب من المواطنين والفلاحين للتنزيل الأمثل لهذا البرنامج، بشراكة مع السلطات المحلية لإنجاح هذا البرنامج الملكي.
وأكد أخنوش أن البرنامج الاستثنائي لدعم العالم القروي الذي تم إطلاقه تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، يستهدف التصدي لتداعيات الشح غير المسبوق للتساقطات المطرية، في انتظار تحسن تهاطل الأمطار خلال شهر مارس المقبل، والذي من شأنه أن يدعم الزراعة الربيعية. وأوضح أخنوش، في تصريح للصحافة، أن هذا البرنامج الذي سيكلف غلافا ماليا إجماليا يقدر بعشرة مليارات درهم، يضم ثلاث نقاط رئيسة، تتمثل في الدعم المباشر الرامي إلى الحفاظ على القدرة الشرائية لدى الفلاحين ومساعدتهم على اقتناء الكلأ بثمن مناسب، وإنشاء نقاط للمياه، وتلقيح 24 مليون رأس من قطيع الماشية.
وأضاف أن البرنامج يشمل أيضا دعم ري الأشجار المثمرة التي تم غرسها ضمن برامج الفلاحة التضامنية، ودعم التأمينات الخاصة بفترات الجفاف التي يساهم فيها الفلاحون بنحو (30- 35 درهما)، ويتلقون عنها 400 درهم للهكتار على الأقل.
وأكد في هذا السياق، أن الحكومة سترصد مبلغا ماليا يصل إلى مليار و200 مليون لفائدة الأشخاص المساهمين في التأمين ويعانون من إشكاليات شح الأمطار، مشيرا إلى أن هذه المساهمة ستغطي نحو ثلث الأراضي المزروعة. وأبرز أخنوش أن مجموعة القرض الفلاحي ستساهم في دعم الأشخاص الذين تلقوا قروضا، خلال الموسم الفلاحي الحالي، وستقوم بإعادة جدولة القروض التي تم تلقيها، لافتا إلى أن هذا «الأمر من شأنه أن يمنح إمكانات للأشخاص الذين عانوا من تلف المزروعات الخريفية، والذين بإمكانهم الاستدراك في المرحلة الربيعية».
مبارك حمية: حكومة أخنوش ورثت تركة ثقيلة من الحكومات السابقة
أكد مبارك حمية، النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، أن حكومة أخنوش تعمل حاليا على معالجة الاختلالات الكارثية التي خلفتها الحكومات السابقة، لا سيما في ملفات ندرة المياه وارتفاع نسبة البطالة.
وأوضح حمية أن الحكومتين السابقتين بقيادة حزب العدالة والتنمية فشلتا فشلا ذريعا في معالجة موضوع ندرة المياه، من خلال تعثر العديد من المشاريع، وخاصة إحداث محطات لتحلية مياه البحر، مشيرا في هذا الصدد إلى تعثر مشروعي محطتي الداخلة والدار البيضاء، وهما المشروعان اللذان انطلقا في عهد الحكومة السابقة وتعمل الحكومة الحالية على تسريع وتيرة إنجازهما.
وأشار حمية إلى أن الحكومة السابقة فشلت في إخراج المخطط الوطني للماء، لكن الحكومة الحالية بمجرد تنصيبها عجلت بإخراج المخطط، الذي سيشكل الإطار المرجعي للسياسة المائية الوطنية خلال الثلاثين سنة القادمة، وسيحدد الأولويات والبرامج المحددة في الزمان والمكان لمواجهة التحديات المستقبلية في مجال الماء. ويتمحور هذا المخطط حول ثلاث أولويات وهي مواصلة وتعزيز العرض المائي عبر تعبئة الموارد المائية الاعتيادية بالمناطق الداخلية للمملكة، والربط بين المنظومات والأحواض المائية، وتطوير تحلية مياه البحر في المناطق الساحلية، وتنويع مصادر تزويد المدن الكبرى بالمياه لتقليص الهشاشة إزاء فترات الجفاف الطويلة، وإعادة استعمال المياه العادمة، وتبلغ الكلفة المالية المرتقبة لهذا المخطط ما يقارب 383 مليار درهم على مدى الثلاثين سنة المقبلة.
وفي موضوع التشغيل، كشف حمية أن الحكومة ورثت إرثا ثقيلا من الحكومتين السابقتين، بعد تسجيل ارتفاع في معدل البطالة على مدى عشر سنوات، وخاصة في صفوف الشباب. ولمعالجة أزمة التشغيل، عملت الحكومة على إطلاق برنامج ”أوراش”، الرامي لإحداث 250.000 فرصة شغل مباشر في أوراش مؤقتة خلال سنتي 2022 و2023، ورصدت غلافا ماليا لتنزيل البرنامج يقدر بـ 2,25 مليار درهم برسم سنة 2022.
وفي المجال الفلاحي، شدد البرلماني حمية على الدور الكبير الذي لعبه مخطط المغرب الأخضر الذي شكل آلية فعلية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في صفوف فئات الفلاحين التي تشكل أساس الساكنة القروية، حيث تم تحقيق الأهداف المنتظرة منه بعد مرور أزيد من عشر سنوات على إطلاقه، مضيفا أن المخطط شكل على مدى العشرية الماضية رافعة أساسية للتنمية بالعالم القروي، حيث أصبح القطاع الفلاحي يساهم بنسبة 13 في المئة من الناتج الداخلي الخام و13 في المئة من القيمة الإجمالية للصادرات. ومن أجل استكمال هذه المنجزات تم إطلاق استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030، حيث برمجت الحكومة مشاريع مهمة ستساهم في خلق الثروة وتوفير مناصب الشغل بكل جهات المملكة.
وفي هذا الإطار أبرز النائب البرلماني نموذجا من جهة الداخلة وادي الذهب، بخصوص تنزيل هذه الاستراتيجية على أرض الواقع، حيث قام وزير الفلاحة والصيد البحري، أخيرا، بزيارة ميدانية إلى الجهة تندرج في إطار تتبع وتنزيل المشاريع المدرجة في إطار تنفيذ استراتيجية “الجيل الأخضر”، وأكد أن هذه المشاريع مهمة للغاية ولها تأثير على التنمية، لا سيما في ما يتعلق بخلق فرص الشغل والتنمية المحلية، مشيرا إلى أنه ستتم مواكبة هذه المشاريع ببرامج أخرى تتمحور حول التأطير والتكوين في إطار تنزيل هذه الاستراتيجية.
كما قام الوزير بزيارة ميدانية للاطلاع على مشاريع للصيد البحري وتربية الأحياء المائية، وإطلاق سلسلة مشاريع لمقاولين شباب متخصصين في الطحالب والمحار. وزار الوزير، رفقة منتخبين من الجهة ووفد من مسؤولي الوزارة، سوق السمك والمنطقة المخصصة لسفن الصيد بالمياه المبردة وعدة وحدات للإنتاج والتعبئة، ومركز البحث في الصيد البحري، كما أطلق مشاريع للشباب رواد الأعمال المتخصصين في الأعشاب البحرية والمحار.
وفي هذا الصدد، قام الوزير بزيارة سوق السمك الجديد للداخلة الذي دشنه الملك محمد السادس في فبراير 2016، والذي يندرج في إطار تنزيل استراتيجية “أليوتيس” لتنظيم قطاع الصيد الساحلي والتقليدي، كما أعطى انطلاقة 31 مشروعا لمقاولين شباب متخصصين في المحار. وتندرج هذه المزارع في إطار برنامج تركيب 75 مزرعة على مساحة 150 هكتارا، بدعم مالي قدره 15.26 مليون در هم. وستمكن هذه المشاريع من بلوغ إنتاج مستهدف قدره 1500 طن من المحار وبلح البحر وإحداث 382 منصب شغل. وقام الوزير والوفد المرافق له بزيارة البنيات التحتية للمركز الجهوي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بالداخلة، التي تشمل مختبرا للصيد ومختبرا لتتبع ومراقبة البيئة البحرية، والمختبر المتخصص في تربية الأحياء المائية.
الفلاحة تساهم بـ13 في المائة من الناتج الداخلي الخام
استعرض عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أخيرا بمجلس المستشارين، حصيلة مخطط المغرب الأخضر وبرنامج تقليص الفوارق الاجتماعية، وأكد أن حجم منجزات مخطط المغرب الأخضر بلغ الطموح المسطر وحقق الأهداف المنتظرة منه، بعد مرور أزيد من 10 سنوات على إطلاقه. مضيفا أن المخطط شكل على مدى العشرية الماضية، رافعة أساسية للتنمية بالعالم القروي.
وأوضح أخنوش، في معرض جوابه عن سؤال محوري خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة، حول موضوع «مخطط الجيل الأخضر ورهانات التنمية القروية والعدالة الاجتماعية»، أن مخطط المغرب الأخضر «منذ إطلاقه سنة 2008 من طرف الملك محمد السادس، شكل آلية فعلية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في صفوف فئات الفلاحين التي تشكل أساس الساكنة القروية»، مضيفا أنه تم تفعيل هذا المخطط عبر إرساء دعامتين، تتعلق الأولى بالفلاحة العصرية ذات القيمة المضافة العالية والإنتاجية المرتفعة، في حين ترتبط الثانية منها بالفلاحة التضامنية في المناطق غير الملائمة.
وسجل رئيس الحكومة في هذا السياق أنه على الصعيد الاقتصادي، ارتفع إجمالي الناتج المحلي الفلاحي سنويا بمعدل 5.25 في المائة، مقابل 3.8 في المائة بالنسبة إلى القطاعات الأخرى، حيث تضاعفت الثروة المحدثة من 65 مليار درهم سنة 2008 إلى 125 مليار درهم عند متم سنة 2018، مشيرا إلى أن القطاع، بهذا المعدل، أصبح يساهم في نقاط النمو الاقتصادي الوطني بـ17.3 في المائة، خلال الفترة من 2008 إلى 2018، عوض 7.3 في المائة المسجلة في الفترة السابقة 1998/2008.
كما يساهم القطاع الفلاحي، حسب أخنوش، بنسبة 13 في المائة من الناتج الداخلي الخام و13 في المائة من القيمة الإجمالية للصادرات، حيث ارتفعت صادرات المنتجات الفلاحية خلال سنة 2019 إلى حوالي 40 مليار درهم، أي ما يعادل 2.8 أضعاف القيمة المسجلة سنة 2009 (14.2 مليار درهم).
وعلى المستوى الاجتماعي، أوضح رئيس الحكومة أن الفلاحين الصغار والمتوسطين كانوا في قلب جميع برامج وتدخلات مخطط المغرب الأخضر، من خلال الاستثمارات الكبيرة التي تم تخصيصها لهذه الفئة، والتي تجاوزت 43 مليار درهم، مبرزا أن مشاريع الدعامة الثانية وحدها، شملت أكثر من 733 ألف مستفيد من خلال 989 مشروعا، التي عبأت ميزانية تقدر بحوالي 14,5 مليار درهم.
كما ساهمت برامج التهيئة الهيدروفلاحية، في تحسين دخل أكثر من 190 ألف فلاح صغير ومتوسط، بتحقيق قيمة مضافة لكل هكتار مسقي بنسبة زيادة ما بين 5.000 إلى 10.000 درهم في السنة، وفق أخنوش. وأشار إلى أن مخطط المغرب الأخضر أتاح أيضا توفير 342.000 منصب شغل إضافي، كما مكن من زيادة عدد أيام العمل في السنة لكل عامل، حيث انتقلت من 110 إلى 140 يوما في السنة، وذلك بفضل توسيع المساحات المزروعة، وتنويع المحاصيل، وتحسين الإنتاج. مؤكدا أن القطاع يمثل أزيد من 72 في المائة من التشغيل القروي، ويساهم في تحسين التشغيل والدخل ومكافحة الفقر بالوسط القروي.
مجموعة القرض الفلاحي تواكب الفلاحين بمبلغ 6 ملايير درهم
أكدت مديرة قطب مواكبة التنمية الفلاحية بمجموعة القرض الفلاحي للمغرب، حنان أعجلي، أن مجموعة القرض الفلاحي عبأت مبلغا ماليا قدره 6 ملايير درهم لمواكبة الفلاحين في مواجهة تداعيات التساقطات المطرية.
وقالت أعجلي، في تصريح للصحافة عقب اجتماع وزاري برئاسة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إن «مجموعة القرض الفلاحي باعتبارها مؤسسة مواطنة تعبأت لتفعيل وتنزيل البرنامج الاستثنائي الذي جرى إطلاقه بتعليمات ملكية سامية، من خلال رصد غلاف مالي إضافي قدره 6 ملايير درهم»، وأضافت أنه ستتم مواكبة الفلاحين عبر تمويل منتوجات «هامة»، تتمثل في الفلاحة الربيعية، «الغرس»، «الكسيبة»، وسلسلة الأبقار الحلوب.
وبعدما أبرزت، في هذا السياق، أنه ستتم معالجة مديونية الفلاحين عبر عدة عمليات، أشارت مديرة قطب مواكبة التنمية الفلاحية بمجموعة القرض الفلاحي للمغرب إلى أن المبلغ المالي يروم كذلك «مواكبة وتمويل التموين الوطني من الشعير والقمح وغيرها من المواد بالسوق الوطنية».
علاوة على ذلك، سجلت أن المؤسسة ستنهج سياسة للقرب، حيث ستنضم إلى الفلاحين في مواقعهم وضيعاتهم من أجل إعطاء تفسيرات وتوضيحات بخصوص هذا البرنامج وتنزيله ومواكبته، وخلصت إلى أن هاته الخطوات من شأنها أن تعين الفلاحين و«تمكننا جميعا من تخطي هذه الظرفية الصعبة التي تمر بها الفلاحة وتخفيف آثار الجفاف على الفلاحة».
تعاضدية التأمين الفلاحي تساهم في تنزيل البرنامج
أكد المدير المنتدب للتعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين (مامدا)، محمود الودغيري، إن التعاضدية ستساهم في تنزيل البرنامج الاستثنائي، الذي جرى إطلاقه بتعليمات ملكية سامية للتخفيف من آثار تأخر التساقطات المطرية، من خلال تسريع وتيرة الخبرة، اعتبارا من 21 فبراير الجاري، وإعطاء الأولوية للمناطق المتضررة، فضلا عن الرفع من وتيرة التعويض.
وأبرز الودغيري، في تصريح للصحافة عقب اجتماع وزاري برئاسة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أهمية المحور الثاني من البرنامج الاستعجالي الخاص بالتأمين، مشيرا إلى أن التأمين على المخاطر المناخية تنظمه الاتفاقية المبرمة سنة 2011 بين وزارتي الفلاحة والمالية والتعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين، الهادفة إلى التغطية التأمينية للفلاحين من عدد من المخاطر الفلاحية، لا سيما الجفاف أو فيضان المياه، والإشكالات المتصلة بالزراعات الكبرى، كالقطنيات والحبوب والبذور الزيتية.
وأضاف أنه منذ سنة 2011 مكنت هاته الاتفاقية من تقديم «تعويض يبلغ 3.8 ملايير درهم»، موضحا في هذا الصدد أن «مساهمة الفلاحين للهكتار الواحد لا تتجاوز 32 درهما للهكتار الواحد، في حين توصلوا، في المعدل، بمبلغ 406 دراهم خلال هاته المدة، مما يؤكد أهمية هاته الاتفاقية».
وخلص المسؤول ذاته إلى أنه تم خلال سنة 2022 اكتتاب 1 مليون هكتار، خصص 80 في المائة منه لـ4 جهات (مراكش- آسفي، والدار البيضاء – سطات، وفاس- مكناس، والرباط – القنيطرة – سلا)، مضيفا أن ثلثي هذه الاكتتابات همت الحبوب (القمح الصلب، والقمح الطري).
الصديقي: البرنامج الاستثنائي يرتكز على الدعم المباشر والتأمين الفلاحي
قال وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد الصديقي، إن برنامج التدخل الاستعجالي للتخفيف من آثار تأخر التساقطات المطرية يرتكز على الدعم المباشر والتأمين الفلاحي وتخفيف الأعباء المالية عن الفلاحين.
وأضاف الصديقي، في تصريح للصحافة عقب اجتماع عمل وزاري انعقد برئاسة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أن «هذا البرنامج، الذي تم تحضيره تفعيلا للتوجيهات الملكية، يضم ثلاثة محاور، تتمثل في الدعم المباشر للكسابة والفلاحة عبر سبعة مجالات للتدخل تهم إغاثة الماشية في ما يخص الأعلاف المدعمة (الشعير والأعلاف المركبة)، وتوريد القطيع، وتتبع صحة القطيع (الغنم الماعز الأبقار، الجمال) »، كما يتعلق الأمر، بحسب الوزير، بمعالجة إشكال ري الأشجار في المناطق البورية، وكذا دعم وتعزيز الأشغال الهيدرو-فلاحية الصغيرة التي تشغل اليد العاملة وتتأطر ضمن الفلاحة التضامنية.
وبخصوص التأمين الفلاحي، أشار الصديقي إلى أن الرصيد المؤمن في الوقت الراهن يبلغ مليون هكتار بمبلغ 1 مليار درهم، مبرزا أن التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين (مامدا) ستسرع عملية تعويض الفلاحين في المناطق المتضررة على نحو تدريجي حسب الوضعية.
من جهة ثالثة، نوه إلى أن مجموعة القرض الفلاحي «بذلت مجهودا كبيرا من أجل رصد مبلغ مالي مضاعف خلال هذه السنة، يصل إلى 6 ملايير درهم، ويهم عدة برامج للتدخل»، مضيفا أن المجموعة ستعالج مديونية الفلاحين عبر إعادة جدولة قروض الفلاحة.
وسجل الوزير أن عجز التساقطات خلال السنة الحالية بلغ حوالي (-67 في المائة) مقارنة بموسم عادي، و(-64 في المائة) مقارنة بالسنة الماضية)، الأمر الذي أثر على الغطاء النباتي بصفة عامة وعلى زراعات الحبوب والمراعي، مما أثر على الماشية والأشجار المثمرة التي زرعت ضمن برامج الفلاحة التضامنية.
ثلاثة أسئلة لعبد الخالق التهامي*:
القطاع الفلاحي له تأثير كبير على نمو الاقتصاد الوطني
- ما تأثير الوضع الحالي المرتبط بالجفاف وقلة التساقطات على الاقتصاد الوطني، وخاصة القطاع الفلاحي؟
تجب الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الاقتصاد الوطني، وبالتحديد القطاع الفلاحي، الآثار المباشرة لموجة الجفاف. فقد ألفنا هذه التأثيرات، مع الأسف، خلال سنوات سابقة عاش فيها القطاع وضعا مقاربا أو مماثلا لما هو عليه اليوم، والتأثير الأول للأزمة البيئية الحالية هو تأثير مباشر على القطاع الفلاحي، وأيضا العالم القروي، وهو المتمثل في تراجع القيمة المضافة الفلاحية، وانخفاض معدل التشغيل في القطاع، مقابل ارتفاع البطالة أيضا، في العالم القروي، وفي النشاط الاقتصادي المرتبط بالدرجة الأولى بالفلاحة، هذا من الجانب الأول.
أما الجانب الثاني، فارتدادات الوضعية المتأزمة في القطاع الفلاحي تصل إلى قطاعات أخرى مرتبطة به، حيث يقل الطلب كما يقل الإنتاج، وهذا بدوره يؤثر على الحركة الاقتصادية التي يتوقع أن تكون جد سيئة سنة 2022، مع الأسف، على الرغم من أننا قد نكون تجاوزنا الجائحة المرتبطة بانتشار كورونا، بل إن هذه الارتدادات ستكون قوية على القطاع الفلاحي وتمس باقي القطاعات الأخرى وسيمتد أثرها إلى سنة 2023، لأن ارتدادات هذه الأزمة لا تبقى محصورة في السنة الأولى فقط، وهذا إجمالا ما يمكن أن يتم تسجيله كتبعات للوضعية الحالية المرتبطة بالجفاف وقلة التساقطات.
- هل يمكن للقطاعات الصناعية التخفيف من الآثار الاقتصادية لأزمة القطاع الفلاحي؟
المشكل أعقد من هذا، ولا يمكن التخير بين أي قطاع اقتصادي يمكن أن تعتمد عليه بدل الآخر، زيادة على أن مقولة إن المغرب بلد فلاحي تستوجب التدقيق أكثر حول المعايير والمحددات التي تم اعتمادها للجزم بهذا الأمر، حيث إن المغرب واحد من البلدان التي تشكو من مشكل قلة المياه، ولا يستقيم الحديث عن بلد فلاحي في ظل مواجهة مشكل قلة المياه، ولكن، في الوقت نفسه، لا يمكن القول إنه يجب الاعتماد أكثر أو فقط على القطاع الصناعي، أو القول إننا بلد صناعي محض، وإن كانت أنواع من الصناعات (كصناعة الطيران، وصناعة السيارات، وغيرها) وهي الصناعات التي لا تتطلب الكثير من الطاقة، سجلت نموا كبيرا في السنوات الأخيرة، غير أنه لا يمكن القول إننا أيضا بلد صناعي، إذ لا نتوفر على الطاقة الضرورية.
من هذا المنطلق، لا يمكن أن نقول إننا بلد فلاحي ونحن نعاني من أزمة نقص المياه الضرورية، كما لا يمكننا القول إننا بلد صناعي ونحن لا نتوفر على الطاقة الضرورية للصناعة، وبذلك نحن أمام إشكالية في هذا المستوى بالتحديد، وما يقوم به الاقتصاد الوطني هو محاولة التماشي مع السنة الفلاحية في حالة تحسن الوضعية، وهو ما ينعكس أيضا على باقي القطاعات، والعكس صحيح في حالات كهذه التي تكون فيها السنة الفلاحية صعبة.
- هل الحلول التي اتخذتها الحكومة كافية لتجاوز الأزمة؟
نظرا للظروف الحالية، من الواجب على الحكومة أن تتخذ عددا من الخطوات، غير أنه يجب أن نكون واعين بأن هذه الحلول لن تكون كافية لامتصاص الصدمة ككل، ومن بعض الحلول ما ألفناه من قبيل مساعدة الفلاحين على اقتناء الأعلاف والوصول إلى نقاط المياه ومساعدتهم للمحافظة على رؤوس الأغنام وأيضا المحافظة على بعض المنتجات الفلاحية، أو تخفيض العبء الضريبي، وجدولة الديون وغيرها من الإجراءات، وهذا يجب على الحكومة القيام به، لكن، ونظرا لقوة الصدمة وحدة الجفاف وقلة التساقطات، فرغم هذه الإجراءات ومساعدات الدولة التي يجب أن تكون، ثمة تخوف من أن لا تكون هذه المساعدات كافية.
وفي الحقيقة ليست هناك حلول أخرى غير هذه التي أقرتها الحكومة، وباقي الحلول الأخرى ستكون مكلفة جدا ولا يمكن تبنيها، بل ستبقى طوباوية وحالمة ومن شأنها أن تعمق أزمة الاقتصاد الوطني، على اعتبار أن هناك عجزا في المديونية الخارجية، وهناك مشكل توازنات اقتصادية على الحكومة أن تأخذها بعين الاعتبار، بالإضافة إلى مشكل التوازنات الضريبية، ولا يمكن لهذه الحلول أن تتسبب في تعميق عجز الميزانية أو رهن الاقتصاد الوطني لعدة سنوات قادمة، لذا وجب التأكيد على أن الحلول التي تم تسطيرها هي كل ما يمكن في إطار الممكن.
*أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي









