شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

تعبئة اجتماعية

قبل مواجهة المنتخب البرازيلي، حرص المنتخب المغربي على تعبئة رصيده الإنساني من خلال زيارة لسجن العرجات، حيث توقف اللاعبون والطاقم التقني والطبي والإداري على رصيد الحب الذي يكنه السجناء لعناصر الفريق الوطني. نسي السجناء عقوبتهم الحبسية واعتبروا الزيارة إفراجا نفسيا وفرصة لا تتاح حتى خارج أسوار المعتقل.

قبل ملاقاة البرازيل وديا، تشبع لاعبو المنتخب المغربي بما يكفي من دعوات الخير وهم يسعدون أطفالا في وضعية إعاقة، زرعوا في دواخلهم بذور الأمل وأعادوهم إلى ذكرى مونديال قطر.

كثير من لاعبي المنتخب المغربي يؤمنون بالمسؤولية الاجتماعية للمحترفين، في زمن يعتقد فيه آخرون أن اللاعب آلة لتسجيل الأهداف ومن أجل هذه المهمة يتقاضى منحا لا يخصص منها ولو درهما واحدا للعمل الخيري.

حين زارت عناصر المنتخب المغربي سجن سلا، وقفت على حجم حب الكرة الذي يسكن السجناء، فهي وجبتهم الأولى التي تنسيهم محنة الاعتقال، وتقربهم إلى خط التوبة والاندماج، سيما حين يتعلق الأمر بفئة الشباب الأكثر هوسا بالكرة.

حين تبحث عن الرياضة، في تقرير النموذج التنموي الجديد، تجدها مختبئة بين السطور، تتعقبها فتطل عليك خجولة مذعورة، لم تتعد إطلالاتها خمس مرات من شرفة تقرير لجنة بنموسى، وحتى الفرق التي تحولت إلى معابد يصلي على قبلتها ملايين عشاق الكرة، لا تملك تصورا اجتماعيا للفعل الرياضي، ولا تعتبره أداة إدماج بل أداة لتحقيق الانتصارات.

نذكر جميعا الرسالة التي بعثها الملك محمد السادس للرياضيين المجتمعين في مناظرة الصخيرات سنة 2008، ونعلم جميعا أن كثيرا من توصياتها لازالت تنتظر التنزيل، كل ما فعله المتعاقبون على قيادة الشأن الرياضي تحويل سطور الرسالة إلى مجرد ديباجة لمعاهدات ومواثيق عابرة وخطب حماسية ومداخلات تلفزيونية.

في الرسالة الملكية، التي تلاها وزير التعليم والرياضة في كيغالي، نتوقف عند علاقة الرياضة بإدماج الشباب. يقول ملك البلاد، موجها كلامه إلى المنتظم الكروي: «ما زلت متشبثا بالقناعة التي عبرت عنها في خطابي بمناسبة القمة التاسعة والعشرين لقادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في سنة 2017، الذي أكدت فيه أن مستقبل إفريقيا يبقى رهينا بشبابها، وأن انتهاج سياسة إرادية موجهة نحو الشباب من شأنه تركيز الطاقات على التنمية».

لا يوجد ناد مغربي يملك مشروعا اجتماعيا، ولا يُخصص في ميزانية الفرق المغربية غلاف مالي للأعمال الاجتماعية، بالرغم من أننا نعيش عهد الحماية الاجتماعية، ونعيد إحياء قيم التكافل والتضامن التي انسحبت من الملاعب الرياضية وظلت أسيرة موائد الرحمان السنوية.

من خلال استقراء عام لواقع الأندية المغربية والعصب الجهوية والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، يتضح أن الرهان الأول هو تحقيق النتائج وتسلق سلالم التألق وهو رهان مشروع، لكن، بالمقابل، هناك إغفال تام للمسؤولية الاجتماعية للأجهزة القائمة على كرة القدم الوطنية، وغياب لمفهوم العمل الاجتماعي داخلها، بل إن المبادرات الإنسانية المتفرقة غالبا ما تتميز بالطابع الاستعجالي والمناسباتي في غياب مخطط يضع المسألة الاجتماعية في صلب العمل اليومي لهذه الجمعيات الرياضية، ويجعل المسؤولية الاجتماعية جزءا من انشغالات هذه الهيئات.

لا يمكن أن نلغي مبادرات صامتة لبعض اللاعبين الدوليين، حين يقدمون على فعل الخير سرا، فلا تعرف يسراهم ما قدمت يمناهم، لكن كل هذه المبادرات تظل منفردة وخارج سياق المشروع الاجتماعي.

من الطرائف التي ميزت جمعا عاما لفريق بيضاوي ينتمي للقسم الثاني، وجود خانة في مصاريف النادي حملت عنوان: «مساعدة الموتى»، سأل أحد المنخرطين أمين المال:

هل تساعدون الموتى؟

رد الأمين:

نتصدق على الأرامل ونرسل الحافلة للمقبرة وفي أحشائها مشيعون يرددون: أنتم السابقون ونحن اللاحقون.

حسن البصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى