شوف تشوف

الرأي

تغيير إجباري في الإخوان المسلمين

سامح راشد

خطوة تاريخية اتخذتها أخيرا جماعة الإخوان المسلمين، بإلغاء منصب الأمين العام للجماعة، وإيكال مهمة إدارة الجماعة لقيادة جماعية. تتجسد أهمية الخطوة في مضمون البيان الذي أصدره إبراهيم منير، القيادي القائم بعمل المرشد حاليا، بعد القبض على محمود عزت، والصدى الواسع الذي أحدثه بين صفوف الجماعة، إلى حد دفع منير إلى إصدار بيان آخر، قبل أن يلحقه بيان ثالث صدر باسم المتحدث باسم الجماعة، طلعت فهمي. ولا حاجة إلى توضيح ما يعنيه صدور ثلاثة بيانات في أيام قليلة متتالية، بالنسبة لاستقرار الأوضاع داخل الجماعة. خصوصا في ظل التناقض بين البيانات الثلاثة، بشأن إدارة الجماعة وشخوص قياداتها ومناصبهم.
ليس جديدا أن المستويات القيادية في الجماعة تعاني من انقسامات حادة، وخلافات عميقة في ما بينها، يعود بعضها إلى عقود سابقة. لكن الجديد أن عاملين مهمين يميزان الأزمة التاريخية الراهنة التي تعانيها الجماعة، أولهما أن الانقسام لم يعد فقط رأسيا بين الشيوخ والشباب، وإنما ضرب الصفوف القيادية نفسها أفقيا، بشكل لم يعد قابلا للمداراة أو التجميل. وثانيهما أن القيادات التاريخية للجماعة، من جيل الشيوخ، اضطرت أخيرا إلى إحداث تغيير مهم، وربما جذري في آليات الإدارة، وليس فقط في شخوصها. وكلا العاملين مترابطان، فالخلافات بين إبراهيم منير ومحمود حسين كانت حادة وعميقة، بما يكفي لأن ينتهز منير فرصة القبض على عزت، ويعلن الإطاحة بحسين عبر إلغاء منصبه. وحاول منير استمالة جيل الشباب إلى جانبه، عبر تحويل القيادة العليا من فردية في منصب المرشد أو القائم بعمله، إلى جماعية، بداية لتحول مهم في طريقة اتخاذ القرار، وتصعيد قيادات جديدة. ولكن ردود فعل الشباب على تلك الخطوة عكست عمق التذمر والغضب الذي يتملك شباب الجماعة، إلى حد دفع بعضهم إلى رفض تلك الخطوة، فقط لأنها صدرت عن منير، على الرغم من أنها تلبي بعض مطالب الشباب بتصعيد قيادات جديدة وعدم حصر القرار في أيدي «عواجيز» الجماعة.
الإخوان المسلمون في أزمة كبرى منذ سبع سنوات. وكعادتهم، لم يقتنعوا بأنهم أمام تحد تاريخي، وأن ثمة أزمة حقيقية تكاد تعصف بالتنظيم، بعد أن عصفت به أفرادا. وعلى الرغم من أنها المرة الأولى التي يواجه فيها التنظيم انقسامات داخلية واسعة، وصلت إلى حد الانشقاق وتشكيل مكاتب ولجان موازية، إلا أن القيادات الكبيرة المسيطرة تمسكت بتعنتها التنظيمي، وانغلاقها الفكري على مفاهيم وقناعات لم تشهد تطورا ولا تحديثا منذ عقود.
ستتوالى مظاهر التغير والتغيير في جماعة الإخوان، ليس لأن موجباته قد نضجت، فهي ناضجة منذ زمن طويل. ومن حيث لا تدري السلطة في مصر، أحدثت شرارة إطلاقه بالقبض على محمود عزت. وبعد أن كانت الجماعة تحافظ بالكاد على تماسكها، ولو ظاهريا، الأرجح أنها لن تقوى على ذلك التظاهر. ولن يكون تحويل القيادة إلى جماعية آخر التغييرات داخلها، فالخلاف الأفقي بين القيادات التاريخية سيدخلها في مرحلة تصفيات وانتقام وكشف للأوراق، بينما ستتاح فرصة أكبر أمام جيل الشباب، ليمسك القيادة في وقت قياسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى