شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

تفاصيل الحكم على الجنرال ماجور بلوصيف بـ15 سنة سجنا

يونس جنوحي

يقول هشام عبود إن السلطات في الجزائر، لكي ترضي غرور الجنرالات وسباقهم نحو الاستفادة من الفيلات الفخمة التي توضع رهن إشارة كبار مسؤولي المؤسسة العسكرية، باعتبارها سكنا وظيفيا، قامت بتشييد مساكن على مساحة آلاف الهكتارات في مختلف ولايات الجزائر. كان عليها تشييد المئات من الفيلات سنويا لتلبية طلبات الجنرالات على هذا النوع من السكن الذي لم يكن وظيفيا، بل كان منتجعات سياحية بمعايير عالمية.

نعود إلى قصة الجنرال ماجور مصطفى بلوصيف. هذا الأخير الذي كان من جيل العسكريين الذين اشتغلوا في صفوف جيش التحرير الجزائري، وكان متحالفا مع الجنرال محمد بتشين، لكنه تحمس أكثر من اللازم.

امتناعه عن إعادة الفيلا التي كان يستغلها رغم أن الجنرال خالد نزار وبلخير أصدرا أمرا بضرورة استعادة الفيلا منه. يحكي هشام عبود أن الجنرال محمد بتشين نصح الجنرال ماجور بلوصيف بإعادتها حبيا، لكن الأخير لم يسمع نصيحته.

 

الفيلا التي..

تخيلوا أن فيلا في منطقة سياحية صغيرة بالجزائر، كانت القشة التي قصمت ظهر الجنرال ماجور بلوصيف، رغم أنه كان يتوفر على أموال كثيرة وامتيازات لا حصر لها. يحكي هشام عبود أن الجنرال بتشين نصح صديقه لأنه كان يعرف ماذا يعني أن تعارض الجنرال نزار وبلخير. قال له:

«-أخي، أعد إليهم الفيلا اللعينة. إنهم يعتزمون تقديم الملف إلى المحكمة العسكرية. لقد طلبتُ من رئيس الجمهورية أن يمنعهما. أرجوك، سي مصطفى، أعد إليهم ما يريدونه.

في نهاية الحديث، أخفى الجنرال بتشين وجهه بيديه وغمغم:

-القذرون، دائما تقف الأمور عندي.

لم يعد الجنرال ماجور بلوصيف إلى الجزائر العاصمة، واحتفظ بالفيلا ولم يغادرها. لكن نزار وبلخير لم ينسيا قط. في أول فرصة، قدماه إلى المحكمة رمزا للفساد واستغلال واحتلال أملاك الدولة».

حدث هذا في عهد الرئيس الشاذلي، الذي لم يكن يملك سوى تلبية طلبات الجنرال خالد نزار. محاكمة عسكرية أنهت المسار العسكري للجنرال ماجور بلوصيف الذي كان يتسلق درجات المجد العسكري منذ عهد بومدين، حيث كان أحد الشبان الذين شاركوا معه في العمليات الأولى لجيش تحرير الجزائر. لكن كل ذلك لم يشفع له، ونال عقوبة فساد الجنرالات لوحده تقريبا.

 

عِبرة..

كان ما وقع للجنرال ماجور بلوصيف عبرة لبقية رفاقه حتى لا يتحدوا ضد الجنرال خالد نزار. جريدة «الوطن»، في سنة 1992، نشرت تقريرا عن العسكريين الذين تولوا مهمة الاستماع للجنرال ماجور بلوصيف عند محاكمته. هذا التقرير كان مختوما بـ«سر من أسرار الدولة». لكنه تسرب، بموافقة بعض الجنرالات طبعا وبإيعاز منهم، ونُشر لكي يطلع عليه الرأي العام الجزائري.

نال عقوبة 15 سنة سجنا نافذة. وهي عقوبة قاسية جدا، على اعتبار أنه لم يكن الوحيد الذي كان غارقا في استغلال النفوذ والسلطة. بل إن الذين كانوا أعضاء في اللجنة التي استمعت إليه، كانوا بدورهم غارقين في الفساد، وجاؤوا إلى المحكمة باستعمال سيارات فارهة للدولة، كانوا قادرين على التصرف فيها وبيعها إن أرادوا بدون حسيب أو رقيب، بل سوف يحصلون على أفضل منها في اليوم الموالي.

ورغم هذا التسيب إلا أن الجنرال ماجور بلوصيف لم يحظ بأي تعاطف في أوساط أصحاب القرار، وكان عليه أن ينتظر سنوات لكي يتم طي ملفه وإصدار عفو عنه.

توفي سنة 2010، وهو يرى كيف أن رفاقه، الذين استغلوا الفساد لصالحهم أكثر منه، كانوا يصدرون القرارات الرئاسية باسم عبد العزيز بوتفليقة، ووصلوا إلى قمة القوة والنفوذ دون أن يجدوا أي تيار مقاومة ضدهم داخل المؤسسة العسكرية.

لذلك اختار هشام عبود أن يختم هذه الحلقات بفصل أخير، اختار له عنوان «زمن الكراكيز»، لأنهم فعلا كانوا كذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى