الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرمجتمع

 تيريزا المغرب

رحلت عنا عائشة الشنا، التي يصفها المغاربة بـ«الأم تيريزا المغرب»، وبدون شك فإن رحيل هاته المرأة العصامية خسارة كبيرة للمغرب، وخاصة الأمهات العازبات والأطفال المتخلى عنهم، الذين كانوا ينظرون إليها كنموذج للمرأة المغربية الجادة، والتي استطاعت عبر مسارها الشاق وإرادتها تحقيق أشياء كثيرة بجهدها الذاتي.

إنها الشخصية النبيلة التي تركت بصمة في عالم الخدمات الإنسانية، وتخطت بها حدود وطنها، فحبها للعطاء بلا حدود جعلها ذات شعبية واسعة، وحظيت بجماهيرية باهرة، من اليمين واليسار، الأصولي والعلماني، تعجز الكلمات عن إيفائها حقها، بجهد وعطاء استطاعت أن تجعل اسمها يلمع في عالم العطاء، الإنساني.

عاشت حياتها تخدم من حولها بكل طاقاتها وإمكاناتها، جعلتها ظاهرة إنسانية فريدة وعظيمة في حياتها ووفاتها. نصف قرن من الكفاح والعمل، ظلت خلالها سندا وعونا للنساء البسيطات اللواتي نفثهن المجتمع الأناني. تشق الصعاب في سبيل احتضانهن وخدمتهن وإعادة الاعتبار لهن، بعدما أغلقت في وجوههن كل الأبواب.. فقد نذرت حياتها لإسعاد أهلها من بني وطنها، الذين ارتبطت بهم وعاشت معهم بعقلها وقلبها ووجدانها.

ستظل حكاية «عائشة الشنا» راسخة في قلوب ووجدان المغاربة، لما خلدته من أعمال إنسانية، والأهم أنها نجحت في أن تحقق ثقبا كبيرا في طابو النساء العازبات، لذلك فالشنا لم تكن فاعلة خير فقط، بل هي درس في الحياة لكل المسؤولين الذين يجلسون فوق كراسيهم الوثيرة، فقد عملت وكافحت واجتهدت في قضية الأطفال المتخلى عنهم والنساء العازبات، معتمدة على ذاتها، ففي الوقت الذي كان فيه البرلمانيون والوزراء يخافون الاقتراب من مثل هاته المواضيع، خوفا على شعبيتهم الانتخابية، أعطت الشنا درسا للمسؤولين في معنى الشجاعة والجرأة.

الراحلة الشنا لم تغرها المناصب، وهي التي قال لها الملك محمد السادس: «بابي مفتوح لك إذا احتجتني»، فقد رفضت الوجاهة الاجتماعية والسياسية، ووهبت حياتها للعمل الخيري وخدمة نساء وأطفال وطنها، وعاشت للآخرين. وبالرغم من رحيلها ستظل حية بعملها، مستحقة عن جدارة واستحقاق لقب «تيريزا المغرب».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى