الافتتاحية

جنود الغد

شرعت وزارة الداخلية، منذ أمس الثلاثاء، في تفعيل الخطوات الأولى التي تمهد لدخول أول سنة من قانون التجنيد الإجباري حيز التنفيذ بعد سنوات من تجميد العمل بالخدمة العسكرية.
الكثير من الذين كانوا ينظرون بعين الريبة من القانون ويتهمونه بكونه سلاحا لتصفية الحسابات السياسية والانتقام من المعارضين أصبحوا مقتنعين أن هذا القانون الاستراتيجي للبلد له ما يبرره على مستوى بناء الدولة الوطنية ومواجهة التهديدات الخارجية المحدقة.
فنحن الْيَوْمَ أكثر من أي وقت مضى أمام خريطة جيو-استراتيجية مشتعلة سمتها الأساسية تنامي التهديدات الأمنية الآتية من دول الجوار، فالوضع المجهول الذي تعيش على إيقاعه الجارة الجزائر ورفض قادة هاته الأخيرة منذ عهد بوتفليقة كل أشكال التنسيق الأمني بشأن الحدود، فضلا عن هشاشة الضبط الأمني الموريتاني في مواجهة الخطر القادم من دول الصحراء التي تستغلها منظمات الاتجار بالبشر والخلايا الإرهابية زيادة على الاختراق الخليجي لأراضيها وموانئها، والفوضى غير الخلاقة التي ترخي بظلالها على الوضع في ليبيا، حيث تتصارع قوى عربية وغربية على مصادر النفط، وانكفاء تونس وانشغالها بأوضاعها الداخلية بحثا عن مخرجات سياسية وأمنية لوضعيتها الانتقالية بعد الثورة.. كلها وضعيات أمنية مقلقة تتطلب من بلدنا إعداد العدة الأمنية والعسكرية اللازمة وترتيب الاحتياطات الطارئة التي قد تستوجبها مواجهة المخاطر الأمنية.
ولهذا فإن نظام التجنيد الإجباري في نسخته الجديدة، في ظل السياق المتوتر الذي تعرفه دول الجوار من شأنه أن يسمح بتوافر عدد كافٍ من الأفراد المدربين على مواجهة حالات الطوارئ والذين يمكن الاعتماد عليهم في تأمين الحدود المغربية والدفاع عن حوزة الوطن ضد أي اعتداء محتمل.
للأسف هناك أفكار وقراءات تروجها التيارات العدمية تحاول تمرير أفكار مغلوطة وخاطئة لترهيب الشباب وعرقلة تنفيذ القانون، عبر إظهار الخدمة العسكرية وكأنها عقوبة ردعية أو فترة إلزامية للحرمان من الحرية أو خطة للانتقام من المشاكسين، والحال أنها واجب وطني مفروض على كل شخص مهما كان وضعه الاعتباري، أي جميع المغاربة الذين تتوفر فيهم الشروط الموضوعية القابلة لتطبيق القانون على قاعدة المساواة وتكافؤ الفرص.
وبدون شك فإن هذا الإجراء الاستراتيجي ليس انتقاما أو عقابا بل هو خطوة للتأهيل والادماج سيمكن المجندين من تكوين وتدريب يفتحان فرصاً للإندماج المهني والاجتماعي للشباب العاطل الذين يبلغ عددهم، وفق آخر تقرير للمندوبية السامية للتخطيط المغربية، مليوناً و103 آلاف، خصوصاً في صفوف الفئة العمرية ما بين سن الـ 15 و24.
ومن باب تحصيل الحاصل الالتحاق بمعسكرات الجيش ومعاشرة القوات المسلحة الملكية خلال عام كامل سيشجّع الشباب المغاربة على التحلي بروح الوطنية، وسيقوي من شخصيتهم كأفراد يساهمون في بناء الوطن وحمايته والذود عن حدوده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى