الرأيالقانونية

حالة الطوارئ الناتجة عن تفشي جائحة فيروس كورونا وتحديات الإدارة الرقمية واستمرارية المرفق العمومي

محسن الحليوي – دكتور في الحقوق-

 

من الدعامات الأساسية اعتماد مفهوم جديد للموظف الافتراضي، الذي يعتمد على نظام العمل عن بعد، ومنح هذا  الموظف أو المستخدم إمكانية تأدية واجباته الوظيفية، سواء بشكل جزئي أو بشكل كامل، من مواقع بعيدة عن مقر عمله. وكان السند في اعتماد هذا العمل عن بعد أو الافتراضي منشوران لوزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 1/2020 و2/2020 مؤرخان على التوالي في 16 مارس وفاتح أبريل 2020، وذلك مع الالتزام بالتعليمات الصادرة عن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات، خاصة المذكرة رقم 20/24100304 حول الأمن السيبراني المتعلقة بالعمل عن بعد، وبالتوجيهات الوطنية لأمن نظم المعلومات موضوع منشور رئيس الحكومة رقم 03/2014؛ وكذا الالتزام بمقتضيات القانون رقم 08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.

ما لا مراء فيه أن إعلان حالة الطوارئ الصحية بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا واستباقية المملكة المغربية في الحد من انتشارها، من خلال الحد من حرية تنقل الأشخاص بسائر أرجاء التراب الوطني، انعكس سلبا على استمرارية المرفق العمومي وعمل الإدارة بشكل عام. وباعتبار الحق في ممارسة الحقوق المدنية والاجتماعية من الحقوق الدستورية، حسب المادة 19 من الدستور، التي لا يمكن تقييدها إلا بمقتضى القانون، فقد تم إصدار المرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها بتاريخ 23 مارس 2020. واستنادا إلى هذا الأخير، صدر المرسوم رقم 2.20.293  بتاريخ 24 مارس 2020، الذي أعلنت بموجبه حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني، لمواجهة تفشي فيروس كورونا «كوفيد- 19». وقد تم إصدار هذين النصين الأساسيين معا بالجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر، بتاريخ  24 مارس 2020. وحيث إنه كان من الضروري إصدار المرسوم بقانون رقم 2.20.292 كآلية قانونية لمواجهة التبعات التي نجمت عن تفشي الوباء المذكور، بسبب غياب نص قانوني عام يتيح إعلان حالة الطوارئ، ومن أجل إعطاء المشروعية والسند القانوني قصد الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، بموجب نص تنظيمي استنادا إلى الفصل 21 من دستور المملكة.

ومن أجل مواجهة حالة الطوارئ الصحية التي تحول دون تنقل الأشخاص وقضاء مصالحهم المرفقية والإدارية، فقد واكبت الدولة المغربية التطور التكنولوجي والرقمي للإدارة والمرافق العمومية، وكان لزاما على المشرع المغربي إصدار مجموعة من التشریعات، تهدف أساسا الى وضع إطار قانوني لكیفیة التعامل مع الخدمات الإلكترونیة وتأمین البیانات التي یتم تبادلها عن طریق وسائل التكنولوجیا الحدیثة. وفي هذا الإطار، صدر القانون رقم 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطیات القانونية، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 6 دجنبر 2007، وما یلاحظ على المقتضیات القانونیة التي تضمنها، أنها تشكل انتقالا نوعيا في منظومتنا التشریعیة، بحیث إنه یعتبر الإطار القانوني المنظم للمعاملات الإلكترونیة بالمغرب، كما یعكس بجلاء انخراط بلادنا في سیاسة تشجیع رقمنة جمیع الإجراءات والمساطر التي لها علاقة مباشرة بانتظارات المواطنین، وكذا من أجل مواكبة التطور التقني الذي یعرفه العالم، إذ تناول بالتفصیل الشروط الأساسیة لاستعمال الوثائق الإلكترونیة، بحیث تطرق إلى النظام القانوني الذي یحكم التوقیع الإلكتروني المؤمن، بالنظر إلى أهمیته في إطار المعاملات الإلكترونیة، ثم تناول مختلف الإجراءات المتعلقة بتأمین وأمن النظم المعلوماتیة، حتى تكتسي صبغة قانونیة ذات مصداقیة.

والجدير بالذكر أن الإدارة العمومية وما عرفته من تطور في مجال التدبير الإداري وحكامة الاستراتيجيات القطاعية، والذي جعل المغرب أكثر نجاعة في استباق أي ظروف استثنائية قد تفرضها حالات القوة القاهرة بصفة عامة، وخاصة حالة الطوارئ الصحية الناتجة عن تفشي جائحة كورونا فيروس الفجائية التي بعثرت السير العادي لجميع مؤسسات الدولة. وقد تبين أن نهج المغرب لمخطط المغرب الرقمي كان له وقع على رقمنة الإدارة المغربية، والخروج من تداعيات حالة الطوارئ الصحية التي قد تشل حركة المرافق العمومية بصفة شاملة، هذا بالإضافة إلى إضفاء الطابع اللامادي على المساطر الإدارية، الذي يعتبر من بين العوامل الأساسية التي قلصت بشكل كبير من تداعيات هذه الجائحة، بحيث تمكنت المرافق العامة من تقديم الحد الأدنى من الخدمات عن بعد، من خلال تقنيات المعالجة الإلكترونیة للخدمات التي تم اعتمادها من طرف مجوعة من الإدارات والمرافق العمومية.

فكان من الدعامات الأساسية اعتماد مفهوم جديد للموظف الافتراضي الذي يعتمد على نظام العمل عن بعد، ومنح هذا  الموظف أو المستخدم إمكانية تأدية واجباته الوظيفية، سواء بشكل جزئي أو بشكل كامل، من مواقع بعيدة عن مقر عمله. وكان السند في اعتماد هذا العمل عن بعد أو الافتراضي منشوران لوزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 1/2020 و2/2020 مؤرخان على التوالي في 16 مارس وفاتح أبريل 2020، وذلك مع الالتزام بالتعليمات الصادرة عن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات، خاصة المذكرة رقم 20/24100304 حول الأمن السيبراني المتعلقة بالعمل عن بعد، وبالتوجيهات الوطنية لأمن نظم المعلومات موضوع منشور رئيس الحكومة رقم 03/2014؛ وكذا الالتزام بمقتضيات القانون رقم 08.09، المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي. مع اعتماد التوقيع الإلكتروني على الوثائق الإدارية طبقا للقانون رقم 53.05، المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية بخصوص الإدارات ذات الطابع الخدماتي. هذا بالإضافة إلى إطلاق بوابة مكتب الضبط الرقمي للمراسلات الإدارية، التي تمكن الإدارات والمرتفقين على حد سواء من إيداع مراسلاتهم عن بعد لدى الإدارات المعنية، واعتماد نظام إدارة المراسلات الإلكترونية، التي تسمح للإدارات التعامل في ما بينها في تدبير مراسلاتها، خاصة بين مصالحها الداخلية على الصعيد المركزي واللاممركز، إضافة إلى الخدمة الإلكترونية «الحامل الإلكتروني»، التي تمكن من التجريد المادي لمختلف الوثائق الإدارية والتوقيع الإلكتروني عليها.

يجدر القول إن هذه الأزمة هي بمثابة فرصة تاريخية لإدارتنا من أجل إحداث ثورة حقيقية، فقد ظهر جليا أننا نتوفر على الطاقات البشرية والتخطيط من أجل رقمنة الإدارة والمرفق العمومي بصفة شاملة، مع وضع ترسانة تشريعية متعلقة بالأرشفة والتوقيعات الإلكترونية ونقل المعلومات وحماية البيانات والجريمة المعلوماتية، وحقوق الملكية الفكرية.

نافذة:

تبين أن نهج المغرب لمخطط المغرب الرقمي كان له وقع على رقمنة الإدارة المغربية، والخروج من تداعيات حالة الطوارئ الصحية التي قد تشل حركة المرافق العمومية بصفة شاملة، هذا بالإضافة إلى إضفاء الطابع اللامادي على المساطر الإدارية، الذي يعتبر من بين العوامل الأساسية التي قلصت بشكل كبير من تداعيات هذه الجائحة، بحيث تمكنت المرافق العامة من تقديم الحد الأدنى من الخدمات عن بعد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى