شوف تشوف

سري للغايةسياسية

زيارات إلى مكاتب عسكريين وهذه كواليس بعض العمليات الإرهابية

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

من خلال كل الروايات والشهادات التي قدمها هشام عبود حتى الآن في هذا الكتاب، بدا واضحا أنه أدان الجنرالات الذين كانوا يشرفون على المؤسسة العسكرية، واتهمهم بالوقوف وراء عدد من العمليات الإرهابية التي ألصقت تهمتها بالإسلاميين، بالإضافة إلى جملة من الاختطافات والمضايقات التي طالت صحافيين ومحامين ونقابيين وعسكريين أيضا.

لكنه يقول هنا: «لا أستطيع الجزم أن بعض المذابح التي طالت الفلاحين في القرى ارتُكبت من طرف عسكريين. لا أظن هذا. لا أصدق أيضا ادعاءات بعض الصحافيين أجانب أو بعض الشهادات غير قابلة للتصديق. من قبيل أن عسكريين يضعون لحى مزورة ويتنكرون بمظهر الإسلاميين ويرتكبون مجازر في حق المدنيين».

هل كان الإسلاميون يقفون إذن وراء بعض العمليات؟

لقد أدان هشام عبود العسكريين واتهمهم بالوقوف وراء عمليات اغتيال وتصفيات واسعة. وقدم شهادات شخصيات مثل محمد بتشين ونزار، وهما معا يمثلان هرم المؤسسة العسكرية ووصلا قمة السلطة حيث كان بإمكانهما تحديد متى يخرج الرئيس من القصر الرئاسي ومتى لا يجب أن يخرج. حيث اعترفا في أكثر من مناسبة، وعلى مرأى ومسمع من هشام عبود، بالضلوع وراء عمليات مضايقات وقمع للمتظاهرين. بل أعطيا أوامر واضحة لإزالة الخصوم وتعذيب المتعقلين وبعضهم كانوا عسكريين شرفاء.

 

قتلى عسكريون

يقول هشام عبود إن أكبر دليل على أن العسكريين لم يكونوا وراء بعض العمليات الوحشية التي هزت الرأي العام الجزائري، ما وقع في ثكنة «بني مسوس». إذ إن عشرات القتلى في صفوف الجنود ذُبحوا إثر هجوم مباغت».

يتعلق الأمر بستين عسكريا ذُبحوا بطريقة همجية. ويصعب تصديق أن الجيش من قام بالتنفيذ. إذ إنه من غير المنطقي أن يُقدم العسكريون على ذبح عناصرهم، خصوصا وأن جنود تلك الثكنة لم يكونوا معارضين للنظام ولم ترصد أي تحركات مشبوهة في وسطهم.

 

للتاريخ..

هذا كله لا يمنع من اتهام المؤسسة العسكرية الجزائرية والأمنيين التابعين لـ«البوليس» بالوقوف وراء عمليات ومذابح في حق الأبرياء. يقول هشام عبود إن المرة الأولى التي سمع فيها بهذا الموضوع كانت عن طريق الكولونيل البشير طرطاگ. حيث كان هذا الكولونيل قد عُين للتحقيق في عملية «بن أكنون»، بناء على أوامر الجنرال كامل عبد الرحمن، المدير المركزي للأمن العسكري. يقول هشام عبود: «كان هذا خلال أحد أيام ماي 1994. كنت في مقر وزارة الدفاع في زيارة مجاملة لمكتب الكوماندان الحاج الزبير. كنت قد أسست جريدة Le Libre  قبل خمسة أشهر. كانت لقاءاتي مع زملائي العسكريين القدامى واضحة ومباشرة. كانوا يعرفوني بما يكفي لكي يدركوا أن جريدتي لم يكن مُتحكما فيها. إذ لم أكن من النوع الذي يفضل أن تملى عليه مضامين الصفحات. (..) كنت أوظف المعلومات التي أحصل عليها كما يبدو لي مناسبا، لكن بدون أن أكشف مصادري.

لكن هذه العلاقات مع مصادري لم تحمني أبدا من المضايقات القضائية والبوليسية. كما أن الوكالة الوطنية للنشر والإشهار التي كانت تتحكم في الإعلانات لم أحصل منها نهائيا على أي سنتيم سواء عندما كنت مديرا لجريدة «الأصيل» أو حتى في هذه التجربة ( Le Libre)».

تلك الزيارات كانت فرصة للحصول على معلومات تأكد من خلالها بالملموس لهشام عبود أن العسكريين كانوا فعلا لا يعرفون ما يكفي عن عمليات إرهابية أريقت خلالها دماء الأبرياء الجزائريين. ولم يكن العسكريون وراءها. لكن ما يريد قوله، هنا، أن الأمر لم يكن بالصورة التي نقلتها الجماعات الإسلامية المتطرفة عن المؤسسة العسكرية.

إذ إن هشام عبود عندما كان يتحدث مع الكوماندان الحاج الزبير داخل مكتبه المغلق، حيث لم يكن هذا الأخير يخفي الوثائق السرية عنه، دخل عليهما عسكري برتبة ضابط صف، وأخبر الكوماندان أنه عندما كان في طريقه صباحا إلى المكتب رأى بعض الجثث مرمية في الطريق من الحي الذي يقطنه. ودار بين العسكريين الحديث التالي، حيث تحدث الكوماندان الزبير أولا:

-هل قضيت الليلة في منزلك؟

-نعم، لقد مضى وقت طويل لم أر خلاله عائلتي.

-ماذا يقول الناس؟

-البعض يعتقدون أن الأمر يتعلق بالإرهاب. وآخرون يقولون إن العسكريين وراء العملية.

يعلق عبود على المحادثة قائلا: «نصح الحاج الزبير هذا العسكري بتجنب الذهاب إلى منزله وأن يكون أكثر حذرا عندما يزور عائلته مستقبلا».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى