
لم يكن فتح الله ولعلو مجرد سياسي، بل إن الرجل جمع بين السياسة والفكر، فقد كان منظرا وأستاذا جامعيا وخبيرا في الاقتصاد، وبين هذا وذاك كان عمدة للرباط على امتداد ست سنوات.
ولد فتح الله سنة 1942 في «عام البون»، عاش وهو طفل صغير مضاعفات الحرب العالمية الثانية والحماية الفرنسية، كان والده بنعيسى ولعلو ووالدته غيثة الجزولي، يقطنان في سكن والد الزوجة في حي السويقة بالمدينة القديمة بالرباط، قبل أن يرحل والده إلى حي العكاري هناك سيواصل الفتى دراسته وينخرط في العمل النضالي، ويصبح عاشقا لفريق الفتح الرباطي.
تابع دراسته الثانوية في ثانوية مولاي يوسف بالرباط، ثم درس في كلية الحقوق بالعاصمة سنة 1964، قبل أن يسافر إلى باريس لاستكمال تعليمه في كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية ومعهد الدراسات السياسية بباريس سنة 1966، وهناك حصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية، وانتخب رئيسا للاتحاد الوطني لطلبة المغرب ومسؤولا في اتحاد طلبة المغرب العربي.
التحق بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعرف بمرافعاته القوية تحت قبة البرلمان، وكان أستاذا في المعهد المولوي مدرسا للاقتصاد للأمير مولاي رشيد، كما ورد في مذكرات فتح الله ولعلو «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»، والتي أعدها للنشر الكاتب الصحافي لحسن العسيبي.
في سنة 1998 أصبح وزيرا للاقتصاد والمالية على امتداد تسع سنوات، وقدم في الاجتماعات الحكومية وفي مجلس النواب الحلول الكفيلة بإخراج المغرب من أزماته. حين وضع الحقيبة الوزارية التحق بعدد من مؤسسات البحث الفرنسية، المرتبطة بالخدمات الاستثمارية، والتي اشتغل لديها إما مستشارا، أو مكلفا بالإشراف على فرق بحث، حول جدوى العديد من المشاريع الاستثمارية بالمغرب، من خلال تبنيه الاشتراكية الليبيرالية، ما جعله أقرب إلى المدرسة الاقتصادية الفرنسية، وبرز كمستشار لشركة «فيفاندي» الفرنسية.
طارق وزوجته الكورية يؤسسان مكتبا للهندسة المعمارية
ولد طارق ولعلو بالعاصمة الرباط سنة 1977، درس الابتدائي والثانوي في الرباط، وعن سن تقارب الـ17 عاما، شد الرحال إلى فرنسا، حيث انضم إلى مدرسة الفنون الجميلة والتي قضى بها ثلاث سنوات، قبل أن يشد الرحال إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حصل على شهادات عليها في الهندسة المعمارية، «رود إيسلاند سكول» وأصبح مع مرور الوقت مدرسا باحثا فيها، خاصة وأنه أصبح مؤرخا في عالم المعمار.
حرص طارق، ابن فتح الله ولعلو، على متابعة دراسته بعيدا عن مسالك السياسة، بناء على رغبة والدته لطيفة التي كانت تسعى إلى أن يكون نشاط ابنها بعيدا عن المربع الحزبي، كي لا يتصدى له خصوم السياسة ويسقط في كمين دسائسها.
شاءت الأقدار أن يتعرف طارق على شريكة حياته «لينا شوا» في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت تنحدر من كوريا الجنوبية، حيث عاشا بين باريس ونيويورك، وأسسا مكتبا للهندسة المعمارية سنة 2001، بعد أن جمعهما معا هم الهندسة وفن التصاميم.
عانى طارق خلال وجوده في الولايات المتحدة الأمريكية، سيما بعد الهجوم الإرهابي ليوم 11 شتنبر 2001، يقول طارق في حوار مع صحيفة «جون أفريك»: «كنت أعيش في نيويورك، خلال هذه الفترة، لكنني لم أكن موجودا في الولايات الأمريكية يوم الهجوم الإرهابي، بعدها كان من الصعب على إنسان عربي أن يعيش في نيويورك».
بعد مرور سنة على الغارة، سيفتح طارق وشريكة حياته مكتبا للهندسة المعمارية في الدار البيضاء.
أصبح ابن وزير المالية الأسبق الاتحادي فتح الله ولعلو، أحد المهندسين المعماريين المرموقين، بفضل المكتب الذي يملكه بشراكة مع المهندسة العالمية «لينا شوا»، وحمل اسميهما معا، وبدأ تدريجيا مسارا جديدا في المغرب.
حسب طارق، فإنه خلال فترة إشراف والده فتح الله على الشأن المحلي بالعاصمة الرباط، لم يكن مكتب المهندس المعماري وزوجته يدخل مربع الرباط ويشارك في صفقات العاصمة الاقتصادية، لهذا أدار ظهره للعروض التي كانت تصدرها جماعة الرباط.
لكن مكتب ولعلو ولينا سيستفيد من عروض لمشاريع معمارية، كمتحف فوليبيليس، وترميم أسوار مراكش والمكتبة العتيقة، والتي حصل عليها أثناء تولي الاتحادي محمد الأشعري حقيبة وزارة الثقافة، ورواق إكسبو ميلانو «كوب 22»، حيث حصل على جائزة أحسن تصميم، إضافة إلى فوز المكتب بصفقة تصميم المركز الثقافي المغربي بباريس، ودار القارات الخمس بريمس، وصفقة المدينة الجديدة بمازاغان، وصفقة تصميم مقر المحافظة العقارية.
طارق ولعلو يكسب صفقات وزارة الثقافة ويظفر بالملعب الكبير
فتح الله ولعلو، وزير المالية الأسبق، ظل يتابع بين الفينة والأخرى مشاريع ابنه، وسجل حضوره ضمن فعاليات معرض الكتاب العالمي بباريس، حيث شوهد في الفندق الذي أقام فيه ضيوف هذا الحدث الذي كان يستضيف المغرب كضيف شرف. حضور ولعلو في معرض الكتاب بباريس، لمعاينة رواق المغرب الذي أشرف على تنفيذ تصوره نجله المهندس طارق ولعلو، الذي ظل يكسب مشاريع وزارة الثقافة وعروضها، إلا أن الصفقة الأكبر هي التي يشتغل عليها الآن في بنسليمان، حين وقع الاختيار على المجموعة التي يقودها المهندس المعماري طارق ولعلو والشركة الإنجليزية «بوبولوس»، لتصميم ملعب بنسليمان، في صفقة تقدر بـ478 مليون أورو.
إذن تبقى صفقة العمر هي صفقة تصميم ملعب بنسليمان الكبير، التي ظفر بها وإن كان هذا التصميم هو مخالف لمختلف تصاميم أكبر الملاعب العالمية التي تندرج في سياق مشاريع تنظيم المغرب لمونديال 2030.
وأكد المهندس المعماري طارق ولعلو أن فكرة تصميم هذا الملعب، الذي تصل سعته إلى 115 ألف متفرج، بدأت بإيجاد شيء مغربي يوحي على تجمع موسمي لأشخاص يحتفلون وكانت فكرة الموسم المرابطة بـ«الخيمة» جد رائعة ومناسبة، حسب رأي طارق ولعلو. وأضاف ولعلو قائلا: «إن هذا الملعب الكبير يضم رمزا مغربيا، والذي يضم مع ذلك مختلف الثقافات العالمية، وإن بناءه في شكل خيمة مبتكرة يهدف إلى إبراز حسن الضيافة».
نافذة:
أصبح ابن وزير المالية الأسبق الاتحادي فتح الله ولعلو أحد المهندسين المعماريين المرموقين بفضل المكتب الذي يملكه بشراكة مع المهندسة العالمية «لينا شوا» وحمل اسميهما معا وبدأ تدريجيا مسارا جديدا في المغرب





