
كريم أمزيان
تعمد عبد المولى عبد المومني، رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، عزل مكان أرشفة ملفات المرض، التي تعد كأوراق مالية تحمل مبالغ مهمة لمصاريف علاج مؤمنين، بجماعة سيدي علال البحراوي، في مستودعات غير صالحة، ما يطرح إشكالات كثيرة، في ظل غياب تحديد شروط وإجراءات تدبيره وفرزه وضبطه، بالإضافة إلى إجراءات تسليم واستلام وثائقه.
ووفق المعطيات التي (حصلت عليها «الأخبار»)، فإن تدبير أرشيف ملفات المرض، الخاصة بمنخرطي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، لا يراد لها أن تنتهي، لأن معالجة مرفق الأرشيف، وتدبيره بالطرق العصرية، سيضع، بحسب مصادر مطلعة، حدا للتلاعب بالملفات، وتزويرها وشبهات «اختلاس» ملايين الدراهم من ودائع المرضى، بسبب إعادة تسويتها مرات كثيرة، قبل إتلافها باستعمال طرق الغش والتدليس بتقنيات عالية التطور، من قبيل التصوير بتقنية السكانير وغيرها.
هذا ويُجمع أطر التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، على أن الأرشيف يعتبر موردا من موارد مزوري ملفات المرض، الذي بسببه يخضع عدد منهم حاليا للتحقيق من قبل الفرقة الوطنية. وكشفت المصادر ذاتها، أن هؤلاء لا يرغبون في تنظيم هذا المرفق، لأنه مرتبط بشفافية تسييره وحكامة تدبيره، وفي حال جرى ذلك، فإن الصراع سيشتد بين مؤسستي التعاضدية ومصالح «كنوبس»، خصوصا أنه جرت المطالبة بوثائق ملفات عدة، فكان جواب مصالح التعاضدية أنها اختفت رغم أن ذلك يعاقب عليه القانون.
وبالعودة إلى تاريخ الملف، فإنه خلال سنة 2009 قرر المجلس الإداري تنظيم الأرشيف لضبط ملفات المرض والتحكم فيها، وتوقيف نزيف إتلاف وإخفاء ملفات المرض. وبتاريخ 3 أبريل 2010، قرر كراء مقر يستجيب لمتطلبات هذه الخدمة، فتم كراء مرأب بنواحي سيدي علال البحراوي، بمبلغ 16 ألف درهم شهريا، بعقد مع المالك تم تفعيله ابتداء من فاتح ماي 2010، بدون ماء ولا كهرباء، ومع ذلك، وأمام إصرار عبد المولى على التشبث بهذا المقر الذي لا يستجيب لمعايير الأرشفة، قرر بتاريخ 14 يونيو 2010، تزويده برفوف لترتيب الملفات في حدود 20 مليون سنتيم، تحت مبرر غياب الاعتمادات المالية، قبل أن يعد صفقة لتهيئة هذا المرأب.
وبعد ذلك، أطلق صفقة تحت اسم أرشفة (rayonnages) مستودع التعاضدية العامة بسيدي علال البحراوي بدل تهيئة (Amenagement) مستودع تربيد الملفات بمستودع علال البحراوي. وأخذت الصفقة رقم 2010/5، واتضح أن سبب تسميتها أرشفة هو أن التهيئة تتطلب ترخيصا مسبقا من وزارتي التشغيل والمالية، طبقا لمقتضيات المادة 16 من ظهير التعاضد، وهو ما لم يقم به عبد المولى، وكان أول خرق قانوني يقع فيه بعد أقل من سنة على تطبيق الفصل 26 من الظهير المذكور، وستة أشهر على انتخابه رئيسا للتعاضدية العامة نهاية يوليوز 2009.
الأمر بالخدمة تسلمته المقاولة التي نالت الصفقة بتاريخ 19 يناير 2011 بمبلغ 1.388.690،84 درهم، وهو المبلغ الذي جرى تحويله لحساب المقاولة بواسطة الأمر بالتحويل رقم 12182011 بتاريخ 4 غشت 2011. وبتاريخ 13 أبريل 2014، صادق المجلس الإداري على قرار استصدره عبد المولى من المكتب المسير بتاريخ 20 مارس 2015، يقضي بالتخلي عن كراء مقر لم تمر على التعاقد مع مالكه سوى ستة أشهر، يقع بالحي الصناعي باليوسفية، ويتسع لتربيد ملفات سنوات، متعدد ومجهز بكل الوسائل الضرورية من ماء وكهرباء ومرافق صحية ومكاتب إدارية وطريق معبدة وإنارة عمومية، بحكم أن هذا المقر كان يؤوي شركة إنتاجية. فتم فسخ عقد مقر اليوسفية، وإخبار مالك مستودع سيدي علال البحراوي، بتوفير مقر جديد بنفس مكان الأول، فتم بناؤه على شكل اسطبل في غضون أسبوع بعمال بناء تم استئجارهم من موقف علال البحراوي بدون معايير بناء تضمن سلامة المحل والعاملين به، وفي غياب تصاميم هندسية وتقارير مكاتب الدراسات والمراقبة. فتعاقد الطرفان، وهما عبد المولى عبد المومني، الممثل القانوني للتعاضدية، ومالك مرأب علال البحراوي على مبلغ 16 الف درهم، وتم بناء مرأب ثالث بنفس طريقة الثاني وتم كراؤه أيضا بمبلغ 12 ألف درهم، علما أن المقرات الثلاثة تقع في منطقة معزولة، وبدون طريق مؤدية إليها.
والمثير في كراء مرائب سيدي علال البحراوي، بحسب المصادر نفسها، هو إسقاط رفوف أكبر مستودع بها من بين الثلاثة، بتاريخ 8 أبريل 2014، لإيجاد تبرير الرد على مطالب «كنوبس»، التي تلح على إمدادها بـ500 ملف مرض، تبحث عنها منذ يناير 2014 دون جدوى، من أجل افتحاصها ومراقبتها، إلا أن الأرشيف ضاع مباشرة بعد ثلاثة أيام من الزيارة التي قام بها الرئيس وأمين المال المستقيل لتفقده، بتاريخ 5 أبريل 2014، وكان ذلك سببا آخر في اتخاذ قرار تكليف مالك المقر بإعادة بناء رفوف مقر الأرشيف بشكل عشوائي، مع سومة كرائية شهرية تقدر بـ36 ألف درهم، تسددها التعاضدية العامة على رأس كل ستة أشهر، وهو ما يعتبر خرقا لمدونة الكراء التي تحدد آجال أداء واجبات الكراء، وشروطا أخرى مرتبطة بها، ويكلف ذلك مالية التعاضدية العامة، ما يناهز 432 مليون سنتيم خلال مدة 10 سنوات من الكراء بالنسبة إلى مرأب واحد، وأكثر من 460 مليونا بالنسبة إلى المرائب الأخرى، وهي مبالغ مالية كافية لاقتناء ستة هكتارات وتهيئتها وبنائها بجودة عالية وبمواصفات حفظ وسلامة الوثائق الدولية.
ويرفض الرئيس تفويت تدبير الأرشيف لشركة خاصة، بأقل مما يكلفه تدبيرها حاليا من أموال المنخرطين، إذا ما أضيفت إلى ذلك نفقات الموارد البشرية التي تشتغل بهذا المرفق.





