حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسي

«قيامة» تعديل القوانين الانتخابية

هل يعيد إلغاء العتبة وتعديل القاسم الانتخابي رسم المشهد السياسي

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
شهد مجلس النواب فصول معركة قوية بين الأحزاب السياسية حول تعديل القوانين الانتخابية المؤطرة للاستحقاقات التشريعية والجهوية والجماعية المقبلة، حيث تمكنت فرق المعارضة والأغلبية باستثناء حزب العدالة والتنمية، من إدخال تعديلات جوهرية على النظام الانتخابي الحالي، من أبرزها تعديل طريقة احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية عوض عدد الأصوات الصحيحة المعبر عنها، ويعتبر القاسم الانتخابي عاملا محددا لعدد المقاعد البرلمانية التي يحصل عليها كل حزب سياسي. ومن أهم التعديات كذلك، إلغاء نسبة العتبة، التي كان يتم بموجبها إقصاء الأحزاب الصغيرة من المشاركة في عملية توزيع المقاعد في الانتخابات البرلمانية والجماعية، بالإضافة إلى إلغاء اللائحة الوطنية للنساء والشباب، وتعويضها بلائحة جهوية للشباب، فهل ستؤدي هذه التعديلات إلى إعادة رسم الخريطة الانتخابية المقبلة وإفراز مشهد سياسي جديد بالبلاد؟.

إلغاء نسبة العتبة في الانتخابات الجهوية والجماعية ومجالس العمالات والأقاليم
صادق مجلس النواب على مشروع قانون يهدف إلى تغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، بعد إدخال تعديل مهم على القانون من شأنه إعادة رسم الخريطة الانتخابية، ويتعلق هذا التعديل بإلغاء نسبة العتبة التي كانت محددة في 6 %، وتوسيع حالات التنافي مع العضوية في البرلمان لتشمل رئاسة مجالس العمالات والأقاليم.
ففي ما يتعلق بالمقتضيات المشتركة، ولتفادي عدم حرمان لائحة الترشيح التي تبين، بعد انصرام أجل إيداع التصريحات بالترشيح وتسليم الوصل النهائي لوكيلها، أنه غير مؤهل للانتخاب، من المشاركة في الانتخابات، فقد نص المشروع على اعتبار هذه اللائحة صحيحة ويعاد، بحكم القانون، ترتیب المترشحين المتواجدين في المراتب الدنيا بالنسبة للمترشح غير المؤهل من خلال ترقيتهم إلى المراتب الأعلى، ويعتمد هذا الترتيب الجديد عند توزيع المقاعد وإعلان أسماء المنتخبين.
ولتبليغ المواطنين بأماكن مكاتب التصويت التي سيؤدون فيها واجبهم الوطني، فإن المشروع يقترح إعادة إدراج المقتضيات التي تنص على إحاطة الناخب علما بمكتب التصويت الذي سيصوت فيه بواسطة إشعار مكتوب يتضمن كافة المعلومات المتعلقة بمكتب التصويت، كما أورد المشروع مقتضيات تنص على تطبيق نفس الغرامات على كل وكيل لائحة ترشيح أو كل مترشح في حالة مخالفة المقتضيات المتعلقة باستعمال المساحة المخصصة للإعلانات الانتخابية أو عدم القيام بإزالة الإعلانات الانتخابية التي قام بتعليقها وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه خلال الأجل المحدد قانونا.
أما في ما يخص المقتضيات الخاصة بكل صنف من أصناف الجماعات الترابية، فإن أهم إجراء نص عليه المشروع في هذا الصدد بالنسبة لمجالس العمالات والأقاليم يتعلق بوضع الآلية التشريعية التي تمكن من ضمان مستوى مقبول من التمثيلية النسوية في هذه المجالس لا تقل عن ثلث مقاعد مجلس العمالة أو الإقليم، ولتحقيق هذه الغاية، ينص المشروع على تضمين لائحة الترشيح جزأين، يخصص الجزء الثاني منها الذي يشتمل على ثلث المقاعد الواجب ملؤها لترشيحات النساء، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح المقاعد المخصصة للجزء الأول من لائحة الترشيح، مع إدراج المقتضيات اللازمة لضبط كيفية توزيع الأصوات وإعلان النتائج، وقد حرص المشروع على التأكيد على أن المترشحة الوارد اسمها في المرتبة الأولى من الجزء الثاني المخصص للنساء تتمتع بنفس الحقوق المخولة لرأس لائحة الترشيح.
وبهدف ضبط مسطرة الترشيحات المتعلقة بانتخابات مجالس العمالات والأقاليم وتعزيز المنافسة المتكافئة، ينص المشروع على عدم السماح لأشخاص منتسبين لنفس الحزب السياسي بتقديم ترشيحاتهم برسم أكثر من لائحة ترشيح واحدة في نفس العمالة أو الإقليم، كما ينص على عدم قبول كل لائحة ترشيح تتضمن
مترشحا واحدا أو أكثر له انتماء سياسي تقدم بترشيحه دون تزكية من الحزب السياسي الذي ينتمي إليه.
ولضمان حد أدنى من الشرعية التمثيلية للمنتخبين في حالة تقديم لائحة ترشيح فريدة أو المترشح الفريد، فإن مشروع القانون التنظيمي ربط الإعلان عن انتخاب مترشحي اللائحة الفريدة أو المترشح الفريد بحصول اللائحة المعنية أو المترشح المعني على عدد الأصوات يعادل على الأقل خمس أصوات الناخبين التابعين للهيئة الناخبة في الدائرة الانتخابية المعنية.
وبخصوص انتخاب أعضاء المجالس الجماعية، فإن المشروع عمل على تقوية تمثيلية النساء داخل هذه المجالس، وذلك من خلال الرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء في الجماعات الخاضعة لنمط الاقتراع الفردي من 4 إلى 5 مقاعد في مجلس كل جماعة، ويحدد عدد المقاعد المخصصة للنساء في مجالس الجماعات التي لا يفوق عدد سكانها 100 ألف نسمة في 8 مقاعد مقابل 10 مقاعد في الجماعات التي يزيد عدد سكانها عن 100 ألف نسمة، أما في الجماعات المقسمة إلى مقاطعات، فإن عدد المقاعد المخصصة للنساء يتحدد بالنسبة لمجلس الجماعة في 3 مقاعد عن كل مقاطعة وفي 4 مقاعد في مجلس كل مقاطعة.
وبالنظر لطبيعة العلاقة المباشرة بين الناخبين والمترشحين في الجماعات المتوسطة الحجم من حيث عدد السكان، فإن المشروع ينص على توسيع مجال تطبيق نمط الاقتراع الفردي ليشمل مجالس الجماعات التي لا يتجاوز سكانها 50 ألف نسمة، الأمر الذي سيترتب عليه تقليص عدد الجماعات التي ينتخب أعضاء مجالسها عن طريق الاقتراع باللائحة من 121 جماعة حاليا إلى 81 جماعة.
وفي ما يخص تمويل الحملات الانتخابية للمترشحين للانتخابات العامة لمجالس الجماعات الترابية، ورغبة في ضبط الحملات الانتخابية التي يقوم بها المترشحون وضمان إجراء هذه الحملات في جو من التنافس المتكافئ، فإن المشروع يلزم وكيل كل لائحة أو كل مترشح لانتخابات مجالس الجهات أو
مجالس العمالات والأقاليم أو مجالس الجماعات الخاضعة لأسلوب الاقتراع باللائحة بإعداد حساب حملته الانتخابية وفق نموذج يحدد بنص تنظيمي، ويتكون هذا الحساب من بيان مفصل لمصادر تمويل الحملة الانتخابية وجرد للمصاريف الانتخابية مع إرفاق الجرد المذكور بالوثائق المثبتة للمصاريف المنجزة.

تعديل مدونة الانتخابات ومراجعة اللوائح الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية
صادق مجلس النواب على مشروع قانون رقم 11.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات وتنظيم مراجعة استثنائية للوائح الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية. ويقترح مشروع القانون آلية خاصة لضمان تمثيلية النساء في كل من الغرف الفلاحية وغرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحري، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية نمط الاقتراع المعتمد لانتخاب أعضاء هذه الغرف.
وفي هذا الصدد، يقترح المشروع بالنسبة للغرف الفلاحية، تخصيص عدد من المقاعد حصريا للنساء في كل غرفة فلاحية، حيث يحدد هذا العدد في مقعدين (2) اثنين بالنسبة للغرف التي لا يزید عدد أعضائها على 30 عضوا، مع زيادة مقعد واحد عن كل 10 أعضاء بالنسبة للغرف التي يتجاوز عدد أعضائها 30 عضوا، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد الأخرى التي تشتمل عليها الغرف المذكورة، أما بالنسبة لغرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحري، فإن مشروع القانون يضع شرطا أساسيا يتمثل في عدم إمكانية تضمين كل لائحة من لوائح الترشيح المقدمة ثلاثة أسماء متتابعة لمترشحين من نفس الجنس، مع مراعاة الحالة أو الحالات التي قد يتعذر فيها وجود مترشحين من أحد الجنسين، حيث يمكن تقديم لوائح ترشيح دون التقيد بالشرط المذكور، وذلك تفاديا لوجود مقاعد أو دوائر انتخابية مهنية شاغرة، كما ينص المشروع على تحديد التواريخ والآجال المرتبطة بالمراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية وتاريخ حصر اللوائح الانتخابية النهائية الخاصة بالغرف المهنية بعد مراجعتها بمرسوم.
كما صادق المجلس على مشروع قانون رقم 10.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية، يحدد الآجال المرتبطة على التوالي بتقديم طلبات القيد الجديدة وطلبات نقل القيد في اللوائح الانتخابية العامة، واجتماعات اللجان الإدارية وإيداع الجداول التعديلية وتبليغ قرارات اللجان إلى المعنيين بها وكذا تاريخ حصر اللوائح الانتخابية العامة بصفة نهائية. ويتضمن المشروع أيضا مقتضيات تشجع المواطنات والمواطنين الذين حصلوا على بطاقتهم الوطنية للتعريف الإلكترونية لأول مرة ولاسيما الشباب منهم، على التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة.
واستجابة لمطالب الأحزاب السياسية بخصوص حذف المقتضى الذي يمنع استعمال بعض الرموز الوطنية في الحملة الانتخابية الذي يترتب عنه إلغاء الانتخابات في بعض الحالات، يقترح مشروع القانون رفع المنع المنصوص عليه حاليا بالنسبة لاستعمال النشيد الوطني والصورة الرسمية للملك المثبتة في القاعات التي تحتضن الاجتماعات الانتخابية بمناسبة الحملات الانتخابية.

عبد الحفيظ أدمينو أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي : «القاسم الانتخابي سيعقد مأمورية رئيس الحكومة المقبل»
يرى عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي بالرباط، أن «الصعوبات التي يطرحها تعديل القاسم الانتخابي في القوانين الانتخابية، هي تشتيت المقاعد بين مجموعة من الأحزاب»، وبين أن «هذا التعديل لن يغير الشيء الكثير، حيث إن الأحزاب التي تلج عادة البرلمان ستبقى نفسها، غير أنه سيكون تقارب في عدد المقاعد، وهذا التعدد سيعقد من مهام رئيس الحكومة المقبل، وبالتالي فتدبير هذا التشتت يمكن أن يتم من خلال التحالفات القبلية»، يشير أدمينو، معتبرا أن «التحالفات التي يمكن أن تبرم قبل الانتخابات وإعلان النتائج، يمكن أن تخفف من حدة التشتت المحتمل، وإن كان في المقابل الممارسة السياسية والحزبية في المغرب تثبت أن التحالفات السياسية تأتي بعد الإعلان عن النتائج الانتخابية، وهذا راجع بالأساس إلى هذا الضعف في منسوب الاصطفاف الإيديولوجي أو البرامجي، لأنه عندما لا تكون هنالك تحالفات مبنية على البرامج، على الأقل، نجد أنه من الصعب الحديث عن تحالفات قبلية، ويضعف ذلك الصورة السياسية، إذ إن كل مرحلة هي التي تفرز الأغلبية والمعارضة».
وشدد أدمينو على أن «الواقع السياسي وسهولة التنقل من الأغلبية إلى المعارضة، يعقدان المشهد السياسي لدى المواطن»، مضيفا أن «الناخب المسجل يلاحظ أن حزبا سياسيا ليس لديه مقاعد كثيرة قد يتولى المسؤولية في حقائب مهمة أو مسؤولية إحدى المؤسسات الدستورية، وهذا ما يعقد حتى العلاقة بين المواطن والأحزاب السياسية». وأوضح أدمينو أن «الصعوبة التي ستواجه الأحزاب السياسية التي ستتصدر الانتخابات القادمة، ستكمن في التحالفات السياسية وتوسيع قاعدة المعنيين بالتفاوض بشأنها»، وأن «الإشكال والتأثير الكبير الذي سيحدثه تعديل القاسم الانتخابي في المشهد السياسي المقبل، سيكون هذا الجانب بالتحديد دونما غيره».
من جانب آخر، أشار أدمينو إلى أن «اعتماد تعديل القاسم الانتخابي كان يمكن أن يجد معارضة، سواء من حزب العدالة والتنمية كما هو الشأن اليوم، أو أي حزب في موقعه، على اعتبار أن المتضرر الأول من هذا التعديل هو الحزب الذي يوجد اليوم في الصدارة وعلى رأس الحكومة»، وأنه «أي حزب له هذا العدد الذي لدى العدالة والتنمية من المقاعد، وله القدرة على تعبئة المواطنين ومناضليه والمتعاطفين معه في بعض الدوائر للحصول على نصف المقاعد المخصصة أو ربما أكثر من النصف، سيواجه هذا التعديل»، منبها إلى أن «هذا التعديل لن يسمح لأي حزب كيفما كان بأن يحقق هذه النتيجة التي حققها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات السابقة، سواء تعلق الأمر بحزب العدالة والتنمية أو أي حزب آخر»، مضيفا «أنه في الانتخابات المقبلة قد تتغير المعطيات، خاصة أن الممارسة السياسية عبر العالم تبين أنه عادة ما يصبح الحزب الذي يدبر الشأن العام لولايات متتالية منهكا»، وهو الإنهاك الذي وصفه أدمينو «بالمشاكل الداخلية التي يثيرها تدبير الحزب لعدد من الملفات، وهو الأمر الذي حصل أيضا مع حزب العدالة والتنمية، خلال عدد من الملفات أثناء الولاية الحالية». وأشار المتحدث ذاته إلى أن «هذه المشاكل قد لا ترتبط فقط بثقة المواطنين، لكن أيضا بالخلافات الداخلية وسط الحزب نفسه، وهذا ما يجعل بعض الأحزاب التي أرهقها تدبير الشأن العام تختار بعد ذلك التموقع في المعارضة، وقد حصل هذا في تجارب حزبية بالمغرب، ويحصل في باقي دول العالم».

إلغاء لائحة الشباب والعتبة واحتساب القاسم الانتخابي بعدد المسجلين في اللوائح الانتخابية
صادق مجلس النواب في جلسة تشريعية عمومية، ليلة الجمعة الماضي، على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، بعد إدخال تعديلات جوهرية على المشروع، أبرزها إلغاء لائحة الشباب، وتعديل طريقة احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، وإلغاء نسبة العتبة الانتخابية.
وصادق المجلس بالأغلبية على تعديل طريقة تحديد القاسم الانتخابي باحتساب عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية عوض احتساب الأصوات الصحيحة المعبر عنها، المعمول به في النظام الحالي. وحسب التعديل الذي تم إدخاله على المادة 84 من القانون التنظيمي لمجلس النواب، سيتم توزيع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها، وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور.
كما صادق المجلس على إدخال تعديل آخر صوت ضده فريق العدالة والتنمية، يتعلق بإلغاء نسبة العتبة بشكل نهائي، ويعني أن الأصوات التي ستحصل عليها جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات سيتم احتسابها أثناء توزيع المقاعد، ونسبة العتبة محددة في نسبة 3 % بالنسبة للانتخابات التشريعية، ونسبة 6 % بالنسبة للانتخابات الجماعية والجهوية، وفي النظام الحالي، لا تشارك في عملية توزيع المقاعد لوائح الترشيح التي حصلت على أقل من 3% من الأصوات المعبر عنها في الدائرة الانتخابية المعنية، بالنسبة للانتخابات البرلمانية، و6 % بالنسبة للانتخابات الجهوية والجماعية.
وصادق مجلس النواب على إلغاء لائحة الشباب، بعدما طرح المشروع تصورا بديلا بالنسبة إلى الدائرة الانتخابية الوطنية التي تم إحداثها بمناسبة الانتخابات التشريعية لسنة 2002 كما وقع تعديلها بمناسبة الانتخابات التشريعية العامة الموالية، والتي تم إقرارها بقصد توفير الآلية التشريعية الكفيلة بضمان ولوج المرأة إلى الوظيفة الانتخابية البرلمانية وإتاحة الفرصة للشباب ذكورا وإناثا للاضطلاع بالمهام التمثيلية النيابية.
ويتوخى الإجراء المقترح في هذا الصدد الحفاظ على روح آلية التمييز الإيجابي المذكورة عن طريق تعويض الدائرة الانتخابية الوطنية بدوائر انتخابية جهوية، ولهذه الغاية ينص المشروع على توزيع المقاعد المخصصة حاليا للدائرة الانتخابية الوطنية (90 مقعدا) على الدوائر الانتخابية الجهوية وفق معیارين أساسيين، يتحدد الأول في عدد السكان ويتحدد الثاني في تمثيلية الجهة اعتبارا للمكانة التي خولها الدستور للجهوية في التقسيم الترابي للمملكة، وذلك من خلال تخصيص عدد أدنى من المقاعد لكل جهة لا يقل عن 3 وعدد أقصى لا يزيد على 12 مقعدا، ويقتضي هذا التعديل ملاءمة مجموعة من المقتضيات ذات الصلة، ولاسيما ما يتعلق منها بتأليف وسير لجنة الإحصاء الجهوية.
ومن جهة أخرى، وسعيا إلى تعزيز إجراءات التخليق المحددة في مجال محاربة الترحال السياسي، ينص المشروع على التجريد من صفة عضو في مجلس النواب في حق كل نائب تخلی، خلال مدة انتدابه، عن الانتماء إلى الحزب السياسي الذي ترشح باسمه لعضوية مجلس النواب أو عن الفريق أو المجموعة النيابية التي ينتمي إليها، مع تمكين الحزب السياسي الذي ترشح النائب المعني
باسمه من تقديم ملتمس إلى رئيس مجلس النواب المؤهل قانونا لإحالة طلب التجريد على المحكمة الدستورية.
ولضبط الحملات الانتخابية التي يقوم بها المترشحون وضمان إجرائها في جو من التنافس المتكافئ، يلزم المشروع وكيل كل لائحة أو كل مترشح بإعداد حساب حملته الانتخابية وفق نموذج يحدد بموجب نص تنظيمي، ويتكون هذا الحساب من بيان مفصل لمصادر تمويل الحملة الانتخابية وجرد للمصاريف الانتخابية، علاوة على ضرورة إرفاق الحساب المذكور بالوثائق المثبتة للمصاريف الانتخابية، ويرتب مشروع القانون التنظيمي على تخلف كل نائب عن إيداع حساب حملته الانتخابية داخل الأجل المطلوب وفق الأحكام المقررة بهذا الخصوص ولم يستجب للإعذار الموجه إليه من قبل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أو تجاوز السقف المحدد للمصاريف الانتخابية، تجريد النائب المعني من عضويته بمجلس النواب.
كما يرتب هذا المشروع على تخلف كل مترشح عن إيداع حساب حملته الانتخابية عدم أهليته للانتخابات التشريعية وانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية، سواء منها العامة أو الجزئية، طيلة مدتين انتدابيتين متتاليتين، وذلك دون الإخلال باتخاذ الإجراءات والمتابعات المقررة في المقتضيات الجاري بها العمل في ما يتعلق بالمبالغ التي قام الحزب السياسي الذي ترشح باسمه بتحويلها لفائدته.
وتفاديا لإقصاء لائحة الترشيح التي تبين بعد انصرام أجل إيداع التصريحات بالترشيح وتسليم الوصل النهائي لوكيلها أن أحد مترشحيها غير مؤهل للانتخاب، من المشاركة في الانتخابات، فقد نص المشروع على اعتبار هذه اللائحة صحيحة ويعاد بحكم القانون ترتيب المترشحين المتواجدين في المراتب الدنيا بالنسبة للمترشح غير المؤهل إلى المراتب الأعلى، ويعتمد هذا الترتيب الجديد عند توزيع المقاعد وإعلان أسماء المنتخبين.
كما أن مشروع القانون التنظيمي يشترط للإعلان عن انتخاب مترشحي اللائحة الفريدة أو المترشح الفريد حصول اللائحة المعنية أو المترشح المعني على عدد من الأصوات يعادل على الأقل خمس أصوات الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية المعنية وذلك لضمان حد أدنى من الشرعية التمثيلية للمنتخبين.
وأخذا بعين الاعتبار لأهمية تسيير الجماعات الكبرى، والذي يقتضي التفرغ الكامل للرئيس لتدبير شؤونها المحلية في أحسن الظروف، يقترح المشروع إدراج رئاسة مجلس الجماعة التي يتجاوز عدد سكانها 300.000 نسمة ضمن حالات التنافي مع صفة عضو في مجلس النواب، وسيتم تحديد قائمة هذه الجماعات بنص تنظيمي.

هكذا يتم توزيع المقاعد البرلمانية على اللوائح الانتخابية
حسب المادة 83 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، يتم إحداث لجنة الإحصاء التابعة للعمالة أو الإقليم أو عمالة المقاطعات، تتألف من رئيس المحكمة الابتدائية أو قاض ينوب عنه بصفة رئيس، وناخبين يحسنان القراءة والكتابة، يعينهما العامل، وممثل العامل بصفة كاتب، ويمكن إحداث لجنتين للإحصاء وفق التأليف المبين أعلاه، تتولى إحداهما إحصاء الأصوات وإعلان نتائج الاقتراع برسم الدائرة الانتخابية المحلية، وتتولى الأخرى إحصاء الأصوات وإعلان نتائج الاقتراع، على صعيد العمالة أو الإقليم أو عمالة المقاطعات، بالنسبة إلى الدائرة الانتخابية الوطنية.
يخول لممثلي اللوائح أو المترشحين حضور أشغال لجنة الإحصاء، كما يجوز للجنة الإحصاء أن تستعين بموظفين لإنجاز المهام الموكولة إليها. وتحدد لائحة هؤلاء الموظفين من قبل رئيس اللجنة المذكورة باقتراح من العامل، كما يمكنها استعمال الوسائل التقنية الكفيلة بمساعدتها على إنجاز أعمالها.
وتحدد المادة 84 من القانون نفسه كيفية توزيع المقاعد على اللوائح الانتخابية، حيث تقوم لجنة الإحصاء في ما يخص الانتخاب على مستوى الدوائر الانتخابية المحلية، بإحصاء الأصوات التي نالتها كل لائحة أو كل مترشح وتعلن نتائجها حسب توصلها بها، ولا تشارك في عملية توزيع المقاعد لوائح الترشيح التي حصلت على أقل من 3 في المائة من الأصوات المعبر عنها في الدائرة الانتخابية المعنية، لكن بعد تعديل هذه المادة، وإلغاء نسبة العتبة، ستشارك كل اللوائح في عملية توزيع المقاعد.
وتوزع المقاعد على اللوائح بواسطة القاسم الانتخابي، ثم بأكبر البقايا، وذلك بتخصيص المقاعد الباقية للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور، وتخصص المقاعد لمترشحي كل لائحة حسب ترتيبهم التسلسلي في اللائحة، غير أن مترشحي اللائحة التي فقدت أحد مترشحيها بسبب الوفاة خارج أجل التعويض المشار إليه في المادة 23 من هذا القانون التنظيمي والمرتبين في المراتب الدنيا بالنسبة إلى المترشح المتوفى، يرتقون بحكم القانون إلى المراتب الأعلى، ويعتمد هذا الترتيب الجديد في توزيع المقاعد وإعلان أسماء المترشحين المنتخبين.
إذا أحرزت لائحتان أو عدة لوائح البقية نفسها، انتخب برسم المقعد المعني المترشح الأصغر سنا والمؤهل من حيث الترتيب في اللائحة، وفي حال تعادل السن، تجرى القرعة لتعيين المترشح الفائز، وإذا أحرزت لائحة واحدة أو لائحة الترشيح الفريدة في حال وجودها النسبة المطلوبة للمشاركة في عملية توزيع المقاعد، أعلن عن انتخاب مترشحي اللائحة المعنية برسم المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية، وإذا لم تحصل أي لائحة على النسبة المطلوبة للمشاركة في عملية توزيع المقاعد، فإنه لا يعلن عن انتخاب أي مترشح في الدائرة الانتخابية المعنية.
وفي حال انتخاب عضو واحد، يعلن عن انتخاب المترشح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات، وإذا أحرز مترشحان أو عدة مترشحين عددا متساويا من الأصوات، انتخب أصغرهم سنا، وفي حال تعادل السن، تجرى القرعة لتعيين المترشح الفائز.

ثلاثة أسئلة لبنيونس المرزوقي أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بوجدة : «تعديل القوانين الانتخابية سيكون له تأثير مهم على الخريطة السياسية المقبلة»

  1. ما الآثار التي ستحدثها تعديلات قوانين الانتخابات في الخريطة السياسية (الحكومة، البرلمان)؟
    قبل الإجابة عن هذا السؤال، تنبغي الإشارة إلى أن حدة النقاش بين الأحزاب السياسية حول طريقة استخراج القاسم الانتخابي، تدل لوحدها على أن كل الأطراف السياسية تدرك الآثار العديدة التي سيحدثها هذا التعديل، ذلك أن القاسم الانتخابي هو العنصر الحاسم في توزيع المقاعد المتنافس حولها، سواء كان ذلك على أساس الدوائر المحلية أو حتى الدائرة الوطنية سابقا، الجهوية حاليا. ولعل أهم أثر تمكن الإشارة إليه هو أن رفع القاسم الانتخابي سيؤدي إلى صعوبة الفوز بمقعدين أو أكثر في الدائرة نفسها، فإذا أخذنا الدوائر المحلية، على سبيل المثال، نجد أنها قد تتشكل من مقعدين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو حتى ستة، وحتى في الحالة التي تكون فيها الدائرة واسعة ويكون التنافس على ستة مقاعد، فإنه يصعب أن يحصل حزب ما في تلك الدائرة على مقعدين، فما بالك بثلاثة، ومعنى ذلك هو أنه إذا رجعنا إلى استحقاقات 2016، سنجد أن هناك تقريبا 25 دائرة حصل فيها حزب العدالة والتنمية على مقعدين أو أكثر، كما أن هنالك 7 دوائر حصل فيها حزب الأصالة والمعاصرة على مقعدين، وبالتالي كان المجموع حوالي 32 مقعدا، والتي بتطبيق هذه الصيغة الجديدة سيتم توزيعها على الأحزاب التي كانت قريبة من الحصول على مقعد، بمعنى أنه إذا كانت لدينا ستة مقاعد وفازت لائحة بمقعدين، فعمليا مع القاسم الجديد، ستفوز تلك اللائحة بمقعد واحد والمقعد المتبقي سيذهب إلى اللائحة التي كانت سابقا في المرتبة السادسة، وعمليا حتى أوضح الأمر بشكل جلي، فبالتعديل الجديد، سيتم ترتيب اللوائح حسب ما حصلت عليه، وبما أن القاسم الانتخابي مرتفع، فإن جميع اللوائح ستحصل على مقعد واحد حسب ترتيبها، وبالتالي فإن هذا سيكون له تأثير على الأغلبية بالبرلمان، وتبعا لذلك على الحكومة التي ستنبثق عن هذه الانتخابات.
  2. هل يمكن أن تساعد هذه التعديلات في بروز الأحزاب الصغيرة؟
    بطبيعة الحال، فهذه التعديلات ستساهم في بروز أحزاب من التي توصف بالأحزاب الصغيرة، كما ستدعم مكانة الأحزاب المتوسطة من ناحية أخرى، وإذا تمكنت وستتمكن بعض الأحزاب من نيل العديد من المقاعد، على الصعيد الوطني، فإن بعض الأحزاب قد تجمع أربعة أو خمسة مقاعد، وبالتالي فإن جزءا من البرلمان سيكون مشكلا من الأحزاب الصغيرة، أما الأحزاب المتوسطة فستدعم مكانتها، وفي كلتا الحالتين فإن هذا التحول سيكون على حساب الأحزاب الكبرى، وتحديدا حزب العدالة والتنمية، الذي سيكون المتضرر الأول من هذا التعديل، بالإضافة إلى حزب الأصالة والمعاصرة، واللذان سيفقدان العديد من المقاعد على المستوى المحلي أو الجهوي، معها التمثيلية القوية في المؤسسة التشريعية، تحديدا مجلس النواب.
  3. ما التعديل الأكثر تأثيرا على الخريطة السياسية؟
    بالنسبة لهذا السؤال، فهو الأكثر أهمية، وأعتبر أن هنالك تعديلين مهمين ومترابطين، وهما الأكثر تأثيرا على الخريطة السياسية المقبلة، فالتعديل الأول هو القاسم الانتخابي كما أشرت لذلك سابقا، وهذا التعديل سيقلص من هيمنة الحزبين الرئيسيين، وعلى الخصوص حزب العدالة والتنمية، غير أنه، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن لا ننسى أن تعديلا مرتبطا مع هذا التعديل، وهو تحويل اللائحة الوطنية إلى لوائح جهوية، وسيساهم بشكل كبير جدا في إضعاف حزب العدالة والتنمية، وذلك علما أن هذا الحزب قد فاز بما يقرب 27 مقعدا في اللائحة الوطنية، خلال الانتخابات السابقة، غير أنه مع التعديل الجديد، فأقصى ما يمكن أن يحققه الحزب هو الفوز بمقعد واحد في كل دائرة انتخابية جهوية، إذ سيكون له 12 مقعدا، بعدد الجهات، وهو ما يجعل حصته تتقلص من 27 مقعدا إلى 12، وبالتالي فقدان 15 مقعداـ أما إذا لم يتمكن من الحصول على أي مقعد في بعض الجهات، فستكون نتائجه مقلصة بشكل كبير على مستوى الدوائر الجهوية وهو ما سيؤثر على نتائجه على مستوى المقاعد المحلية، ولذلك أعتبر أن التعديل الأكثر تأثيرا هو هذا التناغم بين تعديل احتساب القاسم الانتخابي والتعديل من اللوائح الوطنية إلى جهوية.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى