شوف تشوف

الرأي

كانحسنُو باللي كاين

المَهْـدِي الكَرَّاوِي

مع شهر شتنبر الذي استقبلناه تكون قد مرت علينا ستة أشهر وفيروس كورونا في ضيافتنا، والأكثر من ذلك أنه «ما ساخيش يمشي» بفضل سلوكيات بعض المغاربة الذين يوفرون له كل أسباب البقاء والانتشار، وهو ما دفع الملك، في خطابه الأخير بمناسبة ثورة الملك والشعب، إلى دق جرس الإنذار، وأشار ضمنيا إلى أن استمرار الوضع كما هو عليه سيعني لا محالة الرجوع إلى الحجر الصحي الشامل وحظر التجول بكل ما سيتبع ذلك من تعميق الأزمة الاقتصادية.
فالملاحظ في تدبير الحكومة لتداعيات جائحة كورونا هو أنه كان مفرطا في المركزية أمام تداعيات جائحة كونية تتغير على مدار الساعة، رغم أن دستور 2011 رسخ الجهوية المتقدمة وارتقى بالتنظيم الترابي للمملكة إلى «تنظيم لا مركزي يقوم على الجهوية المتقدمة»، وهو ما أكده الخطاب الملكي في 3 يناير 2010 الذي شدد فيه جلالة الملك على أن الجهوية المتقدمة «ليست مجرد إجراء تقني أو إداري»، بل تعتبر «توجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة».
لقد ظلت الحكومة تتعقب وباء كوفيد 19 من الرباط فيما هو يصول ويجول في المدن والجهات، وكان من نتيجة ذلك تخبط عارم في اتخاذ القرارات المناسبة لكل جهة على حدة بحسب حالتها الوبائية وإمكانياتها الطبية ومواردها البشرية وخصوصياتها الاجتماعية والاقتصادية، بجانب أن المصالح الخارجية للوزارات في الأقاليم والجهات لا تتوفر على استقلالية القرار الإداري لتدبير أزمة صحية كانت أو اقتصادية، والنتيجة كانت هي إنهاك القوات العمومية ومصالح الأمن والإدارة الترابية والطواقم الطبية، في حين كان من اللازم، كما هو حال النموذج الألماني، تدبير هذه الجائحة عبر الجهوية المتقدمة.
رؤساء حكومات العالم بأسره يحيطون أنفسهم زمن الأزمات والحروب بالخبراء وأهل الاختصاص، أما عندنا فالسي العثماني يبحث في اجتماع رسمي مع «قادة» الأحزاب عن دورهم في مواجهة الفيروس اللعين، كما لو أن كورونا أصبح حزبا وسيترشح للانتخابات المقبلة، وعلى المنهاج الغريب للدكتور سعد الدين العثماني في تدبير هذه الأزمة الصحية، فما عليه سوى أن يستدعي أيضا، طالما أن له الوقت لذلك، شعراء المغرب ليبحث معهم سبل محاربة كورونا ولو بقصائد الهجاء.
لكن وفي الوقت الذي نرى فيه قائد الأمة وعاهل البلاد يبحث مع فخامة الرئيس الصيني «المراحل المقبلة للتعاون العلمي بين المملكة المغربية وجمهورية الصين الشعبية في إطار جهود مكافحة جائحة كوفيد 19»، والتي من المنتظر أن تتوج بعد انتهاء المرحلة الثالثة والأخيرة من التجارب الطبية بإنتاج اللقاح الصيني بالمغرب، نرى في المقابل رئيس حكومتنا يدبر مصابنا الجلل إزاء هذه الجائحة بما عودنا عليه قادة حزب العدالة والتنمية طيلة ولايتين حكوميتين وهو أن أقصى ما في استطاعتهم أن يقدموه لهذا الوطن ولمواطنيه هو أنهم «كايحسنو باللي كاين».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى