الرأي

لو كنت وزيرا للتعليم العالي..

يعتبر التعليم  أحد الأسس التي يبنى بها حاضر الشعوب ومستقبلها، لذلك تحظى الفئة المنضوية تحت لواء هذا القطاع بمجموعة من الدول الغربية بالحصة الأوفر من الاهتمام والرعاية ليس لسواد عيونها ولكن لدورها في بناء مجتمع قوي فكرا وعلما.
فلو كنت وزيرا للتعليم العالي بالمغرب لجعلت مختلف مكوناتها (أطر، طلبة، أساتذة..) تحظى بالحصة الأوفر هي أيضا من الاهتمام الغربي بها. ولو كنت وزيراً للتعليم العالي بالمغرب لما صرحت قائلا، أمام السادة المستشارين بالغرفة الثانية، إن نسبة بطالة خريجي الجامعة المغربية لا تتجاوز 20 في المائة، وإن ارتفاع معدل نسبة بطالة هاته الفئة يتواجد أساسا بالدول الغربية، وذلك لأني سأكون على علم يقين بأن هاته الدول، مثل فرنسا واليونان وإيطاليا، وغيرها من الدول التي تعرف ارتفاع نسبة بطالة خريجي الجامعات، تؤدي تعويضات وعلاوات تحفيزية لهؤلاء العاطلين خريجي الجامعات الباحثين عن عمل، لا يحس معها العاطل بألم العطالة ومرارتها.
لو كنت وزيرا للتعليم العالي لما صرحت بأن «وزارتي ستصرف ما مبلغه 400 مليون درهم لبناء مدرجات بالجامعات لن نحتاجها في أفق سنة 2030، لأننا سنكون أمام ما يعرف بالتعليم عن بعد»، لأنه كان حرياً تخصيص هذا المبلغ للتسريع ببلوغ هذا النوع من التعليم في أفق 2020 ودون الحاجة إلى بناء مدرجات والبحث عن جرافات لهدمها في سنة 2030.
لو كنت وزيرا للتعليم العالي لما قلت يوما ما في لقاء دولي إن مصير خريجي شعب الآداب بالجامعة المغربية هو البطالة، لأن افتخاري واعتزازي بأبناء وطني لن يسمح لي أن أكون متشائما لمصيرهم وحاكماً عليه بالفشل.
فكم من كبير من كبار هذا البلد هم من خريجي هذه الشعب. لو كنت وزيرا للتعليم العالي لما فكرت في إخراج برنامج «لوحتي» بعروضه التي تتجاوز «السميك» المغربي، والتي لا تتناسب والقدرة الشرائية للطالب ممن لا حول له ولا قوة، والممنوح بما يعادل 350 درهما شهرياً.
لو كنت وزيرا للتعليم العالي لما التزمت الصمت وبقيت مكفوف اليدين عندما خرج طلبة كليات الطب للشارع بمختلف مدن المملكة، وبلغ نقع السجال الحوار بينهم ووزير الصحة، وذلك لأنهم- وبكل بساطة- أبنائي قبل أن يكونوا أبناءه.
لو كنت وزيرا للتعليم العالي لما تجرأت يوما ما لإخراج هاتفي الذكي أمام السواد الأعظم من السادة النواب، لأتلو على مسامعهم الرسالة القصيرة اللغة الفرنسية الرديئة ذاتها للطالبة التي استنجدت بي ظنا منها أني ولي أمرها في القطاع التي تتعلم على مستواه.. فقد صدق الإمام الشافعي رحمة الله عليه عندما قال:
«لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات وللنـاس ألسـن
وعينك إن أبدت إليك معايـبا
فدعها وقل يا عين إن للناس أعين».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى