حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأي

ما كيحسب غير المزلوط

حسن البصري

رغم اتهام المزاليط بتدقيق الحسابات فإن هذا الاتهام باطل لا يتجاوز حدود القول المأثور، لأنه لو كان البسطاء يجيدون فن الحساب لتمردوا على فقرهم، لذا يقول المعتدلون إن «لحساب صابون»، لا يهم إن كان مسحوقا أو صلبا أو سائلا.
مناسبة هذا الاستهلال تعيين زينب العدوي في منصب الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات خلفا للرئيس السابق إدريس جطو، ومخاوف رؤساء الفرق والعصب والجامعات الرياضية من أن تشعل زينب الأضواء الكاشفة على مالية الكرة الممنوعة من الصرف وتعبث بأوراقها.
كان جطو رحيما بمسيري الشأن الكروي رغم أنه يعلم علم اليقين بأن الجلدة محشوة بالهواء الفاسد، فالرجل كان عضوا في المكتب المسير للوداد البيضاوي وعاشقا في نفس الوقت للدفاع الحسني الجديدي، وكانت شركته «أوديربي» راعية للكرة من خلال حذاء رياضي اسمه بوتاج، لذا من حقه أن يفخر بكونه أول من «سبط» اللاعبين.
وضع جطو مسافة بينه وبين رؤساء الفرق المغربية الذين يسبحون في ملايير الدراهم، لكن كثيرا من المسيرين فهموا الأمر على نحو آخر، حين أدار قضاة مجلس الحسابات ظهورهم للملاعب ومقرات الأندية، فاعتقدوا أن المال السائب ليس مالا عاما، وأن بيع اللاعبين واستخلاص عائدات النقل التلفزيوني والتفاوض مع المستشهرين سر من أسرار المكتب المسير.
في عهد وزير الرياضة السابق رشيد الطالبي العلمي، تم إرسال ملفات خمسة وعشرين جامعة رياضية، للمجلس الأعلى للحسابات من أجل التدقيق، ثمان منها قيل إنها تحت خط التسيب، وجاء الوزير إلى مجلس المستشارين مزهوا وقال في خطبة عصماء:
«يا قوم انتهى زمن التسيب»، ثم لوح بسيف الافتحاص المالي ومضى إلى غايته، ومع مرور الأيام تبين أن أغلب الرؤساء يجيدون القفز بالزانة على الضوابط القانونية، وأن الحكامة وجبة تعد في المطبخ لا في مكاتب الخبرة.
سقط الوزير من التشكيلة الحكومية دون أن يحقق حلم الزج برئيس خلف القضبان، لم يكن يعلم أن الجامعات الرياضية ما هي إلا إفرازات طبيعية لأندية وعصب مشوهة، وحين يخرج المسؤول مائلا من خيمة الفريق يسقط حتما على عتبة الجامعة. لذا كان اللجوء إلى إدريس جطو خيارا أخيرا ليس من أجل استرجاع المال السائب بل من أجل نصب فزاعات في حقول الرياضة وعلامات تشوير تدعو المسيرين إلى التمهل، أو كما قال أحد رؤساء الجامعات الذي يعرف من أين تؤكل «الفخذ»، في جمع عام استثنائي، «لا وجود لمال عام بل هناك استهلاك عام».
لا ننكر أنه من بين رؤساء الجامعات الخمسة والعشرين الذين عرضت ملفاتهم على قضاة جطو، رؤساء عرفوا بأياديهم النظيفة، ومنهم من يفضل العمل بقفازات خوفا من بصمات تدل الشرطة العلمية إلى مكامن الخلل، ومنهم من يحفظ درس الصرف، ويردد كتلميذ نجيب «أنا آكل أنت تأكل هو يأكل نحن نأكل».
لا يقترب قضاة جطو من فرق الكرة، لا يطالبونهم بالحساب المالي، رغم أن لائحة الفساد أزكمت خياشيم الجميع، ولم تعد عبوة معطر الجو قادرة على التحول إلى عبوة تلطيف جو الفساد المستشري في الرياضة المغربية، لكنهم للأمانة يترصدونهم بمجرد دخولهم مقر الجماعات وانشغالهم بتمارين الصرف والتحويل.
كان جطو رحيما بالرياضيين، لم يتنكر لرفاق الأمس بعد أن اكتشف أنهم لا يجيدون الحساب ولكنهم يقضون ولايتهم في تصفية الحسابات مع خصومهم الذين يسكنهم هوس الوجاهة، وضع الرجل مسافة بينه وبين الكرة كمنفذ ضربة جزاء حين علم أن بعض رؤساء الأندية يتمسكون بحبل الحصانة البرلمانية، رغم أن الحصانة هي أكبر كذبة يصدقها نواب الأمة وهم يجلسون تحت قبة البرلمان.
كلما عم الفساد وزعت الوزارة كمامات ومذكرة لتحفيز خلايا الشفافية وتنشيط النزاهة النائمة، لكن وعلى حد قول الكاتب المصري جلال عامر: «لا شفافية عندنا إلا في ملابس النساء».

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى