حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

محارات فارغة

 

أظهرت معركة النظام الأساسي لرجال ونساء التعليم حقيقة قاسية مفادها أن النقابات تحولت إلى محارات فارغة، بل نكاد نقول إنها أصبحت تنتحل صفة التمثيل للتفاوض مع الوزارة بينما معظم الأصناف المهنية تعبر عن مواقفها خارج القوقعة النقابية.

إن هذا التجريف النقابي ليس وليد اللحظة وليس بفعل خصوم طبيعيين بل هو تراكم تاريخي وتواطؤ داخلي حوّل النقابات من تجمعات مهنية للدفاع عن المصالح الاجتماعية والمادية لمنتسبيها، إلى سلاح للريع والاسترزاق والزبونية والمحسوبية وتحقيق المصالح اللامشروعة وسباق من أجل الاستفادة من التفرغ النقابي، وهذا ما يبرر أن النقابات هي العدو الأول الذي يناهض قانونا ينظم شؤونها كما ورد في الفصل الثامن من الدستور، لأن مثل هذا القانون سيلقي الكثير من الضوء على مناطق العتمة في المؤسسات النقابية التي لا تحترم الديمقراطية والشفافية المالية.

فالنقابات لا تريد من يحاسبها عن أوجه صرف مالها العمومي ولا تقبل أن يتدخل القانون ليتحكم في الآليات الديمقراطية التي تسمح بتداول المسؤولين النقابيين ولا تتحمل أن ينص القانون على شروط قيادة النقابة لأن في ذلك طردا لعدد من الكائنات النقابية التي عمرت طويلا على رأس النقابات بل منها من يقود النقابة وهو في عداد المتقاعدين.

ولئن كانت النقابات العمالية لاعبا محورياً في الدفاع عن حقوق العمال والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع وحتى السياسية منها، من خلال توسيع مجال مساحات المشاركة السياسية وضمان الحريات العامة، إلا أنها خلال السنوات الأخيرة تحولت إلى خدعة كبيرة في المشهد الاجتماعي مستفيدة من وضعها الاعتباري والدستوري الذي يجعلها المخاطب الوحيد أمام السلطات العمومية.

وللأسف فإن المسؤول العمومي يدرك حقيقة تدهور الحالة الصحية للنقابات للإمعان في قتل ما تبقى من شرعيتها كلما أتيحت له الفرصة لفعل ذلك، وهذا بالضبط ما حصل داخل قطاع التعليم، حيث امتص الوزير بنموسى شرعية النقابات لإنتاج نظام أساسي ممسوخ قبل أن يلقي بها في سلة المهملات ويدخلها في حرج كبير مع منتسبيها، والغريب في الأمر أن النقابات المتحاورة قبلت أن يتم التعامل معها على أنها مواد قابلة للاستعمال مرةً واحدة.

إن استمرار هذا التجريف النقابي الذي يتم بتواطؤ النقابيين والمسؤولين، سينتهي لا محالة بتقديم هدايا مجانية لكائنات اجتماعية وسياسية وإيديولوجية تنتظر فقط الفرصة المواتية للتحكم في المجال الاجتماعي وتحريكه وفق مصالحها وأهدافها.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى