شوف تشوف

الرئيسية

معاناة زهرة الزيانية زوجة «الأب جيكو» مؤسس الوداد ومدرب الرجاء من ضرة اسمها «الكرة»

ربطت علاقات صداقة ومودة متينة بين لحسن التونسي العفاني والطيبي الزياني، أحد كبار ملاكي منطقة أولاد زيان. كان هذا الأخير يقضي ساعات الفراغ أمام متجر والد «الأب جيكو» بحي الدالية، قبل أن تتوطد العلاقة بين الطرفين، ويصحب الطيبي معه ابنته الصغرى لتقضي ساعات في بيت التونسي. ومع مرور الوقت بدأت ملامح الأنوثة تظهر على زهرة، ما دفع بلحسن إلى «حجزها» لابنه محمد الشهير بلقب «الأب جيكو»، دون أن يكون لهذا الأخير علم بالأمر.
كان محمد طالبا ولاعبا لكرة القدم، لكنه كان الابن الوحيد للتونسي. اختزل الفتى اهتماماته في الكرة والدراسة، فظهرت مواهبه في الملعب وعلى طاولة الدرس، فيما كان والده يحاول توريثه التجارة وإدارة الأعمال، سيما بعدما أصيب بمرض رئوي حتم عليه مغادرة الدار البيضاء والابتعاد عن المحيط الرطب، فاختار العودة إلى قرية إيسافن في ضاحية تارودانت، بتوصية من طبيب فرنسي، بينما ظل الابن في درب الدالية يواصل تعليمه وركضه خلف الكرة ويقدم دروسا في محو الأمية تطوعا بمدرسة «الضرباني» بالمدينة العتيقة.
استجاب محمد لمطلب والده وتزوج زهرة بناء على وعد سابق بينه ووالدها الطيبي، وشرع في توسيع سلالة «التونسي»، حيث أنجب أربعة أبناء وهم: (فاطنة وامحمد وعائشة ثم أمينة). ولأن «الأب جيكو» كانت له اهتمامات أخرى بعد أن أصبح مسؤولا بنكيا وصحفيا ومسيرا ومدربا، فإن زهرة غضبت من غيابه المتكرر عن البيت، حيث كان يعود إليه بعد أن يكون الجميع غارقا في النوم.
نقلت زهرة قلقها إلى والدها الذي حاول أن يخفف من المصاب، لكن الكرة تحولت إلى ضرة حقيقية لزوجة تحولت إلى مجرد سيدة تنجب الأبناء. ولأن محمد بلحسن نادرا ما كان يتواجد في البيت، فقد كان من المستحيل على صهره عقد جلسة حوار معه حول الأزمة، فأخذ ابنته وأبناءها إلى أولاد زيان وظلوا هناك لفترة قبل أن يعودوا تدريجيا إلى قواعدهم نادمين على المغادرة الطوعية.
مع مرور الوقت تزوج أبناء «الأب جيكو» وأصبح البيت الفسيح تجمعا عائليا لعائلة التونسي، كان محمد هو الراعي الرسمي لجميع أفراد العائلة التي تقتات من نفقاته، فقد كان لا يفرق بين أبنائه وأحفاده، لكن ما يعاب عليه عدم قدرته على انتشال فسحة زمنية من وقته لمجالسة أفراد العائلة، ولأن زوجته زهرة كانت تنتمي لأسرة ميسورة ووالدها من أشهر عدول الدار البيضاء، فإن مغادرتها للبيت والتحاقها بأسرتها في أولاد زيان لم يؤثرا على حياتها المعيشية بعيدا عن عش الزوجية، لانتمائها لأسرة ميسورة الحال.
كانت زهرة تعتبر «الكرة» هي الزوجة الأولى لمحمد بلحسن، فهي تأسر لبه وتسيطر على كل اهتمامه، ويصرف من أجلها راتبه الذي يتقاضاه من عمله في البنك، بينما كان يشتغل مدربا بشكل تطوعي حبا في الكرة.
لم تنفع تحذيرات زهرة كلما دخل زوجها البيت، قبل أن يقرر الابتعاد عن المدينة القديمة ويستقر في درب السلطان.
حين انتابت «البّير» نوبة الغضب من الوداد وقرر الرحيل بعيدا عن لغط الكرة، والاستقرار في منفاه الاختياري بتارودانت، حيث كان والده يملك سينما «التونسي» وفندقا وضيعات زيتون بين جبال إيسافن، اختار زوجته الثانية التي عاشت معه مرحلة الانتماء إلى الرجاء البيضاوي، وهو منعرج هام ومؤثر في مساره.
تزوج «الأب جيكو» مرة ثانية، في خلوته، من فتاة ذات أصول أمازيغية، تدعى فاطمة بنت ابراهيم، وتتحدر من قبيلية إدا وزكري غير بعيد عن إيسافن، وأنجب منها أربعة أبناء لترتفع تشكيلة «خلفته» إلى ثمانية، كما تزوج من فتاة ثالثة بتوصية من أحد رفاقه وتدعى فاطنة الحنك، إلا أنها سافرت إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج دون أن يظهر لها أثر.
في سنة 1970 انتابت الرجل نوبة مرض، فانقطع عن الكرة وعاش عزلة قاسية. لاحظت زوجته زهرة أن عينيه تدمعان وهو يتابع مباريات كأس العالم بالمكسيك بمشاركة المنتخب المغربي، فقال لها: «الآن حققت أمنيتي أن أرى لاعبي الوداد والرجاء في كأس العالم، مرحبا بالموت الآن».
بعد أقل من شهرين، وتحديدا في 31 غشت، تجمعت زوجات محمد بلحسن حول سريره، فأوصاهن خيرا بالأبناء، واعترف لهن بالتقصير في حقهن وصرف كل ما ملكه من أجل الرياضة والرياضيين. كان الوداع على شمعة بعد أن قطعت «لاراد» التيار الكهربائي عن بيته لعدم تسديد فاتورة متأخرة، أسلم محمد الروح إلى بارئها وعلى خديه دمعة أسى بسبب جحود الكرة.
في اليوم الموالي حل ببيت الراحل مسؤول حكومي قدم التعازي نيابة عن الوزراء، وقال لأرامله: «لا تخشين شيئا فقد تقرر إحالة الأبناء على خيرية عين الشق». منذ ذلك التاريخ سقطت ذكرى وفاة محمد بلحسن من مفكرة الرجاء والوداد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى