شوف تشوف

الرئيسيةشوف تشوف

مول الفز يقفز

هناك بعض الأصوات التي ترتفع هنا وهناك تحذر من عواقب اتهام فرنسا بوقوفها وراء تصويت البرلمان الأوروبي ضد المغرب، خصوصا بعد خروج المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، في مؤتمر صحافي، تؤكد على أنه ليست هناك أزمة مع الرباط.

أولا المغرب الرسمي لم يتهم فرنسا بشيء ولم يصدر أي بلاغ عن الخارجية أو أية مؤسسة رسمية تتهم فرنسا بالضلوع في مؤامرة البرلمان الأوروبي، وكل ما يقال في هذا الاتجاه هو استنتاجات تقوم بها الصحافة المغربية وهذا من حقها.

ثانيا خروج المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية لنفي وجود أزمة مع المغرب يعني وجود هذه الأزمة، وسعي فرنسا الرسمية لنفي تهمة وقوفها وراء قرار البرلمان الأوروبي يعني أن التهمة ثابتة، وإلا ما الداعي لنفي تهمة لم يصدر بشأنها أي بلاغ رسمي ولم توجهها أية جهة رسمية؟ هل أصبحت الخارجية الفرنسية ترد على ما ينشر في الصحافة المغربية؟

ويحلو للبعض من هواة جلد الذات أن يشمتوا من الوضع في المغرب مقارنة بما هو عليه في دول أوروبا محذرين من مغبة تحدي البرلمان الأوروبي، مستعينين بدراسات غربية تقول إن المغرب متأخر عن فرنسا مثلا بخمسين سنة في مجال التنمية البشرية.

طيب، لننظر إلى هذا الأمر من جهة أخرى، نحن متفقون على أن المغرب متخلف عن فرنسا بنصف قرن، لكن هل المغرب لديه إمكانيات فرنسا؟

هل المغرب استعمر نصف القارة الإفريقية ونهب ثرواتها لعشرات السنين، ومنها الجزائر التي استعمرتها فرنسا لمائة وثلاثين سنة؟

هل المغرب هو فرنسا التي عندما منحت الاستقلال لمستعمراتها عادت واستعمرت هذه الدول اقتصاديا وثقافيا إلى درجة أن عملة كثير من الدول الإفريقية تطبع في فرنسا؟

المغرب لم يكن دولة إمبريالية بل كان ضحية استعمار قوى إمبريالية له، وقد استرجع المغرب أقاليمه المستعمرة شبرًا شبرًا منذ الاستقلال وإلى اليوم، وقد كلفنا ذلك ميزانيات ضخمة لو أننا وفرناها للتنمية البشرية والبنيات الأساسية لكان المغرب اليوم في طليعة الدول النامية.

لذلك فالقول بأن المغرب متخلف بنصف قرن عن فرنسا دون ذكر الأسباب الحقيقية قول فيه إجحاف كبير للمغرب.

وإذا كان هناك في فرنسا من يصنف المغرب ضمن الدول المتخلفة بنصف قرن عن قطار التنمية، فعلى هؤلاء الدارسين أن يكونوا منصفين وأن يعترفوا بأن فرنسا مسؤولة بشكل مباشر عن النزيف الذي يعاني منه المغرب في مجال هجرة الأدمغة مثلا، ففي كل سنة يتخرج حوالي 4 آلاف تلميذ من الأقسام التحضيرية، ويكلفون الدولة المغربية أكثر من عشرة ملايين سنتيم سنويا لكل تلميذ.

وكل سنة يهاجر نحو 250 تلميذا مغربيا متفوقا من الذين حصلوا على النقط الأولى في مؤسساتهم التي يزيد عددها عن 13 مؤسسة بالمدن المغربية.

والحقيقة أن المغرب لا يعاني لا من السكتة القلبية ولا من الجلطة الدماغية بل يعاني منذ الاستقلال وإلى اليوم من الشلل النصفي بسبب مخلفات الاستعمار وبسبب السياسات غير الشعبية التي طبقتها حكومات «وليدات فرانسا» المتعاقبة.

فالمغرب يجرجر منذ أكثر من نصف قرن نصف جسده شبه المشلول بحيث أن الدماء تصل إلى المدن حيث نصف المغاربة بينما لا تصل إلى القرى والمداشر حيث يسكن النصف الآخر.

هذا هو المرض العضال الذي يعاني منه المغرب والذي إذا لم يعالج بسرعة وفعالية فإنه سيهدد بشل النصف الآخر المعافى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى