شوف تشوف

الرئيسية

نقل صور طنجة إلى العالم قبل وجود آلات التصوير

حسن البصري
خلدت فرنسا اسمه بوضعه على كثير من الأزقة والساحات والمركبات الثقافية، بينما ظل اسمه حاضرا في المغرب على واجهة مؤسسات تعليمية خصوصية في كل من طنجة ومراكش ثم مكناس، على الرغم من العلاقة الوجدانية التي ربطته بالمغرب، الاستثناء الوحيد قاعة باسمه في عاصمة البوغاز.
اسمه الكامل فرديناند يوجين فيكتور دولاكروا، وهو أكثر من مجرد رسام فرنسي، بل هو مؤسس للحركة الرومانسية في الفن التشكيلي، وصاحب لقب «سيد الألوان» الذي أطلقه عليه مجتمع الثقافة والأدب في أوربا.
ولد يوم 26 أبريل 1798 في شارنتون سان موريس بضواحي باريس، في أسرة تتكون من ثلاثة أشقاء. منذ بداية مساره التعليمي، شرع يوجين في حصد العديد من الجوائز بفضل رسوماته التي أبهرت معلميه وهو لازال يافعا، فتنبأ له الجميع بمستقبل زاهر في عالم الألوان، علما أنه عاش يتيما وهو في سن المراهقة.
سافر دولاكروا إلى المغرب وقضى شهورا في شمال المملكة، ومدينة طنجة بالخصوص طيلة عام 1832، وخلال هذه الفترة التي أمضاها في طنجة، اختار الرجل الاستقرار في غرفة مطلة على البحر بفندق «كونتنتال».
من أشهر أعماله لوحة سلطان المغرب التي رسمها عام 1845، ولوحة الجزائريات، ولوحة زفاف يهودي في المغرب، وتعتبر لوحة «متعصبو طنجة» مثالا بارزا على الطراز الرومانسي في أوائل القرن التاسع عشر، ما دفع الفنانين الفرنسيين صوب شمال إفريقيا والشرق، للبحث عن مصادر الإلهام.
قبل متم العام الماضي، نظمت أكاديمية المملكة المغربية ندوة دولية حول موضوع «اللوحة المغربية لأوجين دولاكروا من 1832 إلى 1863»، أجمعت المداخلات على مدى تأثير المغرب في مسار هذا المبدع، ليس فقط على مستوى الفن التشكيلي بل أيضا الكتابات الأدبية والرسائل التي تبادلها مع أصدقائه.
وقال جوبير بارتيليمي، أستاذ تاريخ الفن المعاصر، إن رحلة دولاكروا إلى المغرب كان لها تأثير في أعماله بصفته كاتبا قائما بذاته وليس مجرد رسام. «فقد استعان بالمذكرات والمراسلات والمفكرات لتدوين ملاحظاته مشفوعة برسومات حتى لا ينسى ما رآه خلال رحلته إلى المغرب، محاولا الاحتفاظ بالحقيقة وعدم الوقوع في فخ الاستشراق السائد حينها».
كتب دولاكروا عدة مراسلات حول إقامته في المغرب، إلى أصدقائه في مرحلة الدراسة الثانوية بباريس، حيث تبادل معهم عدة رسائل، «لكن الرسائل الثمان التي أرسلها إلى صديقه بييري شكلت الوصف الحقيقي للمغرب»، يقول جوبير.
وفي الندوة ذاتها، اعتبر تييري لوجي، أستاذ تاريخ الفن المعاصر بجامعة السوربون بباريس، «أن دولاكروا قدم صورة عن مظاهر المدن المغربية قبل اختراع التصوير الفوتوغرافي». ومن جهته، كشف كزافيي سالمون، محافظ متحف اللوفر، أن دولاكروا لم يسافر في حياته إلا مرتين الأولى صوب إنجلترا والثانية نحو المغرب. فيما كشف الأستاذ الجامعي مجيد الزوين أنه، «بعد العودة إلى فرنسا، جمع دولاكروا أدوات وأشياء من المغرب تشمل أقمشة وأواني فخارية وأسلحة وجلودا وملابس وآلات موسيقية وصناديق تجمعت لديه من رحلته إلى المغرب».
في 13 غشت 1863 توفي الفنان التشكيلي متأثرا بمضاعفات داء السل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى