
يونس جنوحي
في الوقت الذي أصبح فيه قانون استغلال القنب الهندي ساري المفعول، لا تزال دول أخرى تنتشر فيها زراعة القنب الهندي -ولو بمعدل أقل- تتخبط في عشوائيات تسويقه خارج القانون وهيمنة العصابات وأباطرة المخدرات على المناطق القريبة من مواقع انتشار الحقول.
عندما دخل المغرب منعرجات مبادرة تقنين زراعة القنب الهندي واستعماله لأغراض دوائية، ووجهت الخطوة بسخرية لاذعة وأفرغ الموضوع من حمولته، وها نحن اليوم نرى كيف أن عملية تصدير المحصول الأول بدأت بعد أن جُمعت المحاصيل من الأقاليم الثلاثة التي سبق لمزارعيها الحصول على الرخص.
القريبون من الملف لا يُخفون مخاوفهم من بُطء العملية، في مراحلها الأولى على الخصوص، إذ إن تسويق المحصول الأول هذه الأيام لم يبدأ إلا بعد أن قطع المزارعون أشواطا في عملية التحضير لإنتاج المحصول الثاني.
المُزارعون المستفيدون من الرخص يفضلون سلك طريق إنتاج القنب الهندي للاستعمالات الطبية والصناعية، بدل سلك الطريق القديمة المحفوفة بالمخاطر والتي تجعل ممارسيها خارج القانون وعرضة لمخاطر التعامل مع أباطرة المخدرات.
هناك أزيد من 400 مزارع، لكل واحد منهم قصته الخاصة مع زارعة القنب الهندي، تكتلوا في إطار تعاونيات. وهؤلاء المزارعون يحتاجون وقتا بطبيعة الحال للاستئناس بالإجراءات القانونية التي سطرتها الوكالة المشرفة. إذ إن الحصول على البذور وزراعتها لم يعودا كما في السابق، وهناك مجموعة من الإجراءات الواجب احترامها قبل مباشرة الزراعة في إطار التعاونيات المرخص لها.
هناك بطبيعة الحال تحديات تنتظر المزارعين الذين يفكرون بجدية هذه الأيام بالانخراط في المشروع، أسوة بالجيل الأول من المستفيدين من التقنين. أول هذه التحديات يتعلق بالأعراف المنتشرة في القرى والدواوير التي توارث أبناؤها زراعة القنب الهندي وتخزينه وفق الطرق التقليدية.
أغلب الفلاحين يستغلون أراضي في وضعية قانونية غير واضحة، خصوصا وأن المحاكم تعج بملفات النزاعات حول الملكية وتقسيم التركات بين الورثة. وهكذا، فإن الأراضي الصالحة لممارسة نشاط زراعة القنب الهندي قُسمت أكثر من مرة مع رحيل الجيل السابق من المزارعين. وبعض الملكيات لا تُستغل في الفترة الحالية لأن ورثتها لم يصلوا إلى حل بخصوص استغلالها، فما بالك بتجربة تسجيلها في إطار التعاونيات المستفيدة من مشروع التقنين.
القاعدة واضحة إذن. هناك تزايد في أعداد ذوي الحقوق عندما يتعلق الأمر بملكية الأراضي، في مقابل جمود في مساحة الأراضي الصالحة للزراعة. وهنا بالضبط يجب على المهندسين والتقنيين الزراعيين، الذين يتابعون الموضوع، أن يفكروا في عملية استصلاح أراض في المناطق التي تصلح لزراعة القنب الهندي وتسهيل مساطر استغلالها لكي تدخل في إطار المساحات المخصصة للزراعة. وهذه هي الطريقة الوحيدة لضمان زيادة إنتاج محصول السنة المقبلة.
هناك إقبال على المنتوج المغربي من طرف شركات أوروبية، وبدأت، فعلا، شركات أخرى منافسة، في سويسرا على سبيل المثال، تطرق باب التعاونيات للحصول على بعض منتجات القنب الهندي الممكن استعمالها لأغراض دوائية.
مستقبلا، يُنتظر أن يخصص الفلاحون إنتاجهم كاملا للشركات الدوائية، سواء داخل المغرب أو خارجه، ومع ازدياد المنافسة بين هذه الشركات، لا بد وأن المزارعين سوف يوسعون من دائرة الإنتاج. ووقتها فقط ستصبح عملية توفير «قبطة» من القنب الهندي لتدخينها على طريقة الأجداد، عملية تراثية، ولن يكون بمقدور الفلاحين توفير الكميات التي توجه الآن إلى الاستغلال في السوق السوداء، والتي تضع كل من يتورط في المشاركة فيها داخل خانة المشاكل مع السلطات. فهل سينقرض القنب الهندي الذي كان يروج بالطريقة القديمة؟ أم أن اختفاء «الجوان» يحتاج أكثر من عملية التقنين.





