حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

وافق الإنجليز على الفدية ومولاي عبد العزيز اقترح «الأقساط»

يونس جنوحي

«تواصل قرع الطبول مجددا طوال الليل. وفي الصباح أرسلتُ الرجال لكي يتحدثوا إلى ماكلين، لكنه لم يجبهم. فقد دلى رأسه أمامهم وعيناه كانتا حمراوين.

كُنت خائفا من أن تفشل حتى الطبول في إبقائه مستيقظا، لذلك أضفت إلى قارعي الطبول حاملي الصحون النحاسية وأمرتهم بإصدار ضجيج إضافي. سأكون صادقا معك، حتى أنا كرهتُ تلك الموسيقى، فذهبت في الأخير لكي أوقفها. في اليوم الثالث قال لي ماكلين:

-رأسي يؤلمني وكأن به مفرقعات نارية. لا أستطيع سماع أي شيء.

نظرتُ إلى عينيه وأدركتُ أنه يكذب. كانت كل أطرافه ترتعد، تماما كما ترتعش عضلات أرنب عندما تكسر ساقه.

كانت فكرة «الطبول» جيدة، لأن من واجب المضيف أن يقدم لضيوفه عرضا موسيقيا لإمتاعهم، وأيضا لأنه لا يوجد أي شخص يمكنه أن يسمع ذلك الكم من الضجيج، وينام.

تركت القضية بين يدي وكيل اخترع اختراعا عظيما وأثبت فعلا أنه أحد عظماء «الضجيج»، حتى أن كل الرجال الذين كانوا في القاعة وضعوا أيديهم على آذانهم وهربوا.

 بعد خمسة أيام من الضجيج المتواصل استسلم ماكلين.

كان بإمكانه أن يقوم بهذا الأمر من البداية، ما الضرر الذي قد تتسبب فيه رسالة؟ لكنه كان عنيدا مثل كل الرجال الشجعان.

أحضر له أحد العبيد ورقة وحبرا، لكن بمجرد ما توقفت الطبول عن القرع نظر حوله وتفقد المكان بعينيه كما لو أنه كان يلمح الجن، وسقط مغشيا عليه فوق الأريكة ونام.

حاول الوكيل هز كتفيه، بل رفعه وحاول جعله يقف على قدميه، لكن بدون نتيجة. وفي الأخير تركته لينام لأنه كان ضيفي في النهاية.

عندما استيقظ، بعد ساعات، كتب الرسالة. وربما قد يكون أخبرهم بشأن الطبول، لأن حكومة بلاده اقترحت مبلغا كبيرا، وقبلت قبضه. لكن لم يكن هناك أي مال في خزنة مولاي عبد العزيز، ولم يكن هناك من يجرؤ أو يملك الشجاعة لإحضار المال إليّ.

دفع السلطان عشرة آلاف جنيه إلى الوزير البريطاني في طنجة وقال له:

-تعامل مع مولاي أحمد واجعله يقبل بقية المبلغ على أقساط.

لم أكن لأقبل بمغادرة الجبال خوفا من أن أقع في فخ، لذلك بقي الرسل يأتون ويذهبون.

وفي الأخير، جاء إليّ هاريس، الإنجليزي الذي أخبرتكِ بشأنه سابقا، ومعه رجل نسيتُ اسمه لكنه كان صديقا للمنبهي، للقائي في قرية نواحي طنجة.

أحضرتُ معي قرابة ألف رجل، وكانت القرية كلها محروسة، حتى لو جاءت «مْحلة» من طرف السلطان فإنها لن تستطيع إلحاق أي ضرر بي.

اتفقت معهم على أنه يتعين على السلطان في المستقبل ألا تكون لديه أي سلطة عليّ وأنه يجب أن أكون تحت حماية حكومتكِ.

واتفقنا أيضا على أن يتم تسليم المال إليّ ليلا في منزل القنصل البريطاني في طنجة. كل هذا مقابل إطلاق سراح ماكلين الذي حضر شريف وزان لاصطحابه.

لو أن مغربيا كان وراء هذا الاقتراح لما وافقتُ عليه، لأنه يتعين عليّ دائما ألا أنسى ما وقع عندما ذهبتُ إلى طنجة مصدقا وعد أحد الأصدقاء. لكن في هذه المرة، كان الوضع قد سُوي».

بدا أن الشريف كان مركزا ومستغرقا في التفكير في موضوع بعينه، وفي الأخير نطق وكان ينظر إليّ مباشرة وقال:

«لم أخطف هؤلاء الناس لأنني أكرههم أو لأنه كانت لدي عداوة معهم، لكن فقط لأنه كان من الضروري أن يكون لدي رهائن لكي أتفاوض مع الحكومات التي أساءت إلى بلادي وابتزت هذا الشعب.

لقد جعلتُ رهائني يقومون بدور محاميّ».

كان الأمر كما لو أن الريسوني كان تحت رحمة رهائنه عندما كان يقول لهم:

-اشرحوا هذا الوضع، وقولوا لهم إنني بين يديكم وأن احتجازكم هو الطريقة الوحيدة لكي يسمع المْخزن مطالبي ويحقق رغباتي العادلة.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى