
المعطي قبال
يقبل الفرنسيون في دورتين، بتاريخ 12 و19 يونيو الجاري، على الانتخابات التشريعية التي يشارك فيها 6293 مرشحا يتبارون على 577 مقعدا. وتعتبر هذه الانتخابات، في ظرفية الأزمة الاقتصادية وتبعات حرب أوكرانيا، رهانا سياسيا قد يرسم معالم وملامح السلطة بفرنسا. إما سيفرز تجربة جديدة للتعايش، وإما سيعزز من استفراد ماكرون بالسلطة للخمس سنوات المقبلة. فقد كان لانتخاب ماكرون لولاية ثانية، وحصوله على 58,54 في المائة من الأصوات، عدة تأثيرات أهمها:
امتصاص الطاقة الحيوية للجمهوريين والاشتراكيين، الذين التحق عدد منهم بحزب ماكرون «الجمهورية إلى الأمام».
نزع فتيل التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان، وتقزيم إيريك زمور.
وآخر التأثيرات هو الدفع بجان لوك ميلونشون إلى تجميع صفوف اليسار تحت راية الاتحاد البيئي والاجتماعي الجديد. وعليه يمكن القول إن الانعكاسات أفرزت ثلاث قوى رئيسية، ستقرر الانتخابات التشريعية في وزنها الحقيقي.
من الصعب التكهن بحظوظ هذا الفريق أو ذاك في حصد الأغلبية البرلمانية، وإن أظهرت استطلاعات رأي فوز «الجمهورية إلى الأمام» بأغلبية مريحة. هذا الفوز لن يتم، إلا إذا تحرك المهندس ماكرون، ونزل إلى الميدان لكسب أصوات المترددين والرافضين المشاركة في الانتخابات، واستقطاب الخارجين عن صفوف الحزب الجمهوري والاشتراكي، وبما أن السياسة مسألة كاريزما، فإن ماكرون تعلم كيف يمارسها! ويبقى الرهان: كيف يتخطى عقبة ميلونشون، ويتجنب المساكنة أو التعايش معه غداة الانتخابات؟ إذ ما فتئ هذا الأخير يكرر أنه سيحصل على الأغلبية، التي ستؤهله بأن يصبح وزيرا أول. لميلونشون، ابن طنجة، شعبية أدهشت خصومه وعلى رأسهم ماكرون نفسه، لما ألف بين أطياف سياسية متباينة تكن لبعضها البعض عداء صريحا. وإلى الآن لم تجرؤ استطلاعات الرأي، لأسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية، على تقديم أرقام ولو افتراضية للنسب التي قد يحصل عليها اتحاد ميلونشون.
أما مارين لوبان حتى وإن لم تقم بأية حملة، فإنها متأكدة من أن حزبها سيكون حاضرا بالجمعية الوطنية القادمة. في حال ما إذا صوت 14 مليون ناخب من أنصارها لصالح مرشحي التجمع الوطني، فإن هذا الفصيل قد يشكل فريقا معارضا قويا. وإن كان الاتجاه العام وسط هذا الفصيل، هو الامتناع عن التصويت.
أكثر من وعكة أصابت حكومة إليزابيث بورن: استقالة جيروم بايرا، الذي كان مقربا من ماكرون بسبب تعنيفه لزوجته، فضيحة داميان عباد، وزير التكافل، المتهم في قضايا الاغتصاب والتحرش. وأخيرا فضيحة التحرش الجنسي التي اتهم فيها قبل يوم جيل لوجوندر، النائب البرلماني عن حركة «الجمهورية إلى الأمام». وقد أبلغت رشيدة داتي، المدعية العامة، عن هذه الفضيحة.
هذا في ما يتعلق بدخان الفضائح الذي بدأ يتسرب من كل المنافذ، أما عن الملفات الدسمة والثقيلة التي تتلكأ الحكومة في معالجتها بحزم فتتلخص في الغلاء، الحرب، مكانة فرنسا في العالم، التطبيب، التعليم، التقاعد وأخيرا العنف في الرياضة الذي طفا، على خلفية أحداث نهائي الأندية البطلة بـ«ستاد دو فرانس»، كأحد المواضيع الواردة في النقاشات وفي برامج الأحزاب السياسية. وإلى الآن فضلت حكومة بورن عدم الإفصاح عن الإجراءات، التي تنوي اتخاذها لمعالجة الوضع. وتنتظر ما بعد الانتخابات للكشف عن برنامجها، ولربما تنتظر مجيء ميلونشون إلى السلطة، لتدبير الشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلد!
نافذة:
من الصعب التكهن بحظوظ هذا الفريق أو ذاك في حصد الأغلبية البرلمانية وإن أظهرت استطلاعات رأي فوز «الجمهورية إلى الأمام» بأغلبية مريحة





