
طنجة: محمد أبطاش
أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بطنجة، عشية أول أمس الثلاثاء، حكما يقضي بإدانة المتهم في قضية الطفلة «هداية»، التي كانت ضحية جريمة مروعة هزت مدينة القصر الكبير، أواخر شهر شتنبر الماضي، بالسجن النافذ لمدة 15 سنة، مع أداء تعويض مدني قدره 300 ألف درهم لفائدة أسرة الضحية. وتعود فصول القضية إلى نهاية شهر شتنبر الماضي، حين اختفت الطفلة هداية، البالغة من العمر ست سنوات، من محيط منزل أسرتها بحي الشرفاء بمدينة القصر الكبير، قبل أن يتم العثور عليها في اليوم الموالي جثة هامدة داخل غرسة، قرب إعدادية المهدي بن بركة.
وكانت عناصر الشرطة القضائية بمدينة القصر الكبير باشرت تحريات موسعة فور الحادث، اعتمدت فيها على تحليل المعطيات التقنية وشهادات عدد من سكان الحي وكاميرات المراقبة، ما مكن من إيقاف مشتبه فيه قاصر يبلغ من العمر حوالي 17 سنة. وخلال جلسات المحاكمة، وجهت النيابة العامة إلى المتهم تهم الاغتصاب المقرون بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، في حين تمت مراعاة سن القاصر أثناء النطق بالحكم، وفق المقتضيات القانونية المنظمة للمسؤولية الجنائية للأحداث. وخلفت هذه الجريمة موجة غضب واستنكار واسعة شهدتها المدينة عقب وقوعها، فيما دعا عدد من الفاعلين إلى تشديد العقوبات في الجرائم المرتكبة ضد الأطفال، وتعزيز منظومة الحماية القانونية والاجتماعية للطفولة.
إلى ذلك، ومباشرة بعد صدور الحكم، خرجت والدة الطفلة هداية من قاعة المحكمة في حالة انهيار عصبي شديد، وهي تصرخ مطالبة بإعدام المتهم، تعبيرا عن غضبها وألمها لفقدان ابنتها. وسقطت الأم مغمى عليها أمام مبنى المحكمة، قبل أن يتدخل بعض الحاضرين لمساعدتها ونقلها إلى مكان آمن، في وقت غزت أشرطة فيديو مواقع التواصل الاجتماعي تظهر والدة الضحية وهي تدخل في حالة هستيرية أمام محكمة الاستئناف، بعد النطق بالحكم.
يُشار إلى أن محاكم جهة طنجة تطوان الحسيمة أصبحت خلال السنوات الأخيرة تتوصل بعدد متزايد من ملفات الاعتداءات الجنسية على الأطفال، ما جعل الظاهرة تتحول إلى هاجس مجتمعي حقيقي يستأثر باهتمام الرأي العام المحلي. وتشير تقارير إلى أن الجهة تأتي ضمن المناطق الأكثر تسجيلا لهذه القضايا على الصعيد الوطني، رغم غياب إحصائيات دقيقة تُفصّل عدد الملفات المعروضة سنويا أمام القضاء. وتؤكد مصادر قضائية أن محكمة الاستئناف بطنجة تنظر بشكل دوري في قضايا من هذا النوع، تتراوح بين الاستغلال الجنسي، والتحرش، والاغتصاب المقترن بالعنف، وغالبا ما يكون الضحايا أطفالا ينتمون إلى أوساط اجتماعية هشة. وسط مطالب بضرورة تشديد العقوبات وتوفير حماية أكبر للأطفال، عبر تعزيز المراقبة القانونية والاجتماعية، وتمكين الضحايا من الدعم النفسي والقانوني، مع الدعوة إلى إطلاق حملات تحسيسية وتربوية للحد من تكرار مثل هذه الجرائم.





