
الاعتداء المادي هو الخروج الجسيم من طرف الإدارة عن مبدأ المشروعية، ما يؤدي مباشرة إلى المس بالملكية الخاصة أو إحدى الحريات والحقوق الفردية، وهو الشيء الذي يدفع المتضرر إلى اللجوء للقضاء الإداري والحصول على تعويضات مالية مرتفعة، بالنظر لعدم سلك المؤسسات العمومية القانون والطرق الودية المنصوص عليها في قضايا نزع الملكية لإقامة مشاريع عمومية والمنفعة العامة.
إن قضايا الاعتداء المادي، التي تتعلق بالجماعات الترابية والمؤسسات العمومية ووكالات التنمية..، تكلف ميزانية الدولة الملايير لتعويض المتضررين، لأن القضاء الإداري لا يعترف بالمبررات والإكراهات التي تستغرق في التفاصيل الإنشائية، ويحكم وفق مساطر قانونية واضحة واحترامها والعمل بها من دون ذلك، كما يتم إجراء خبرات قضائية لتحديد قيمة التعويضات على حساب المال العام.
هناك مذكرات متعددة، أصدرتها وزارة الداخلية، توصي رؤساء الجماعات الترابية بتجنب قضايا الاعتداء المادي واللجوء إلى التسوية الودية والاجتهاد في ذلك، وسلك المساطر الخاصة بنزع الملكية بتوسيع الاستشارة مع قسم المنازعات والسلطات الوصية، وهو الشيء الذي لم يوقف قضايا الاعتداء المادي ما يستدعي تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.
إن مسؤولية رؤساء المجالس والمؤسسات العمومية ووكالات التنمية ثابتة في الدفاع عن المال العام وتجنب قضايا الاعتداء المادي، وها هي ولاية البيضاء تقوم بالنبش في الملفات القضائية المرفوعة ضد الجماعة الحضرية، والتي بلغت في مجموعها 3465 قضية بينها 2552 قضية رفعت خلال سنة 2024، حيث أنجز الوالي محمد مهيدية تقريرا مفصلا في الموضوع وجهه إلى الوكيل العام الذي أحاله على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قصد البحث والتحري طبقا للمساطر القانونية الجاري بها العمل.
تجب هيكلة أقسام المنازعات القضائية بالمؤسسات العمومية، وتحديد المسؤوليات بشكل واضح، ومنح الدفاع كافة الوثائق وتمكينه من الدلائل التي تدافع عن الصالح العام وتحمي المال العام، فضلا عن الصرامة في المحاسبة بشأن كل شبهات التواطؤ أو التراخي أو إهمال الجودة في الدفاع وعدم استئناف الأحكام.
هناك مجموعة من الإجراءات يستلزم القيام بها قبل تنفيذ مشاريع عمومية، أو شق الطرق أو تحديد المساحات الخضراء، وتتعلق بالدراسات الاستباقية والحوار مع الأطراف المعنية وبحث سبل الحلول الودية ومنح تعويضات تتناسب وثمن العقار، وذلك حتى يتم القطع مع ملفات الاعتداء المادي واستنزاف المال العام وشبهات التواطؤ بحجة تنفيذ واحترام القانون.





