
أكد الملك محمد السادس في خطاب العرش الذي تطرق إلى الإنجازات المحققة والمصارحة بما يحتاجه المغرب لتسريع الوتيرة التنموية، أن ما تحقق من بناء مغرب متقدم، موحد ومتضامن، لم يكن وليد الصدفة، وإنما هو نتيجة رؤية استراتيجية بعيدة المدى، تدعمها مؤشرات الأمن والاستقرار السياسي والمؤسساتي، وصواب الاختيارات التنموية الكبرى بالمملكة الشريفة.
ورغم توالي سنوات الجفاف وتبعاتها على الاقتصاد وندرة المياه، وتفاقم الأزمات الدولية المعقدة، أشار الخطاب الملكي إلى أن الاقتصاد الوطني حافظ على نسبة نمو هامة ومنتظمة، كما أن المملكة تشهد نهضة صناعية غير مسبوقة، حيث ارتفعت الصادرات الصناعية منذ 2014 إلى الآن، بأكثر من الضعف.
وقام المغرب بتحديث البنيات التحتية بتنفيذ مشاريع ضخمة وأخرى ما زالت في طور البناء والتخطيط، تماشيا مع مغرب 2030، كما أن تنويع الشركاء عبر العالم في مجالات الاستثمار، جعل المملكة تشكل شريكا مسؤولا وموثوقا، حيث يرتبط الاقتصاد الوطني، كما جاء في الخطاب الملكي السامي، بما يناهز ثلاثة ملايير مستهلك عبر العالم، بفضل اتفاقيات التبادل الحر.
وعبر الملك محمد السادس بشكل صريح عن أنه لن يكون راضيا، مهما بلغ مستوى التنمية الاقتصادية والبنيات التحتية، إذا لم تساهم الأخيرة، بشكل ملموس، في تحسين ظروف كل الفئات الاجتماعية، وفي جميع المناطق والجهات، لذلك تستمر التعليمات الملكية السامية بإيلاء أهمية خاصة للنهوض بالتنمية البشرية، وتعميم الحماية الاجتماعية، وتقديم الدعم المباشر للأسر التي تستحقه.
وفي إطار الجهود المبذولة لمحاربة الفقر والهشاشة، أشار الخطاب الملكي إلى تسجيل تراجع كبير في مستوى الفقر متعدد الأبعاد، على الصعيد الوطني، من 11,9 في المائة سنة 2014 إلى 6,8 في المائة سنة 2024، وهو الشيء الذي يتطلب الاستمرار في الاجتهاد لتقليص الفوارق الاجتماعية، وتنزيل مبدأ تكافؤ الفرص بالنسبة إلى الاستفادة من الثروة.
وفي موضوع الاهتمام بالتنمية القروية والعدالة المجالية والاجتماعية، أكد الملك محمد السادس أنه ما زالت هناك بعض المناطق، سيما بالعالم القروي، تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة، بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية، وهو ما لا يتماشى مع التصور الملكي لمغرب اليوم، ولا مع جهود الملك في سبيل تعزيز التنمية الاجتماعية، وتحقيق العدالة المجالية. إذ لا مكان، بحسب الخطاب الملكي، اليوم ولا غدا، لمغرب يسير بسرعتين، وهي رسالة واضحة لجميع المؤسسات المعنية للرفع من مستوى التنمية بالقرى، وفك العزلة، والسهر على تنفيذ مشاريع ذات بعد استراتيجي قابلة للتطوير والاستمرارية.
ولتحقيق التنمية الشاملة، ركز الخطاب الملكي على نقاط أساسية، أولها دعم التشغيل، وتوفير مناخ ملائم للمبادرة والاستثمار المحلي، وثانيها تقوية الخدمات الاجتماعية الأساسية في مجالي التربية والتعليم، والرعاية الصحية، وثالثها اعتماد تدبیر استباقي ومستدام للموارد المائية، في ظل تزايد حدة الإجهاد المائي وتغير المناخ، ورابعها إطلاق مشاريع التأهيل الترابي المندمج، في انسجام مع المشاريع الوطنية الكبرى، التي تعرفها البلاد.
وفي موضوع الانتخابات التشريعية المقبلة سنة 2026، أكد الخطاب الملكي أنها ستجرى في موعدها الدستوري والقانوني، مع توجيه تعليمات ملكية إلى وزير الداخلية، من أجل الإعداد الجيد لهذه المحطة الانتخابية بالغة الأهمية، باعتبارها ستفرز حكومة المونديال والمشاريع الضخمة، وفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين.
وختاما في ملف الصحراء المغربية، أكد الخطاب الملكي على الاعتزاز بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد للنزاع المفتعل، فضلا عن الانفتاح على المحيط الجهوي، والتأكيد على روابط الأخوة واللغة والدين في علاقة المغرب بالشعب الجزائري الشقيق، واستعداد المملكة لحوار أخوي صادق ومسؤول حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين.





