حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسية

ضعف الدولة العثمانية

القدس الحلقة 7

مع إطلالة القرن 17م ضاق المقدسيون ذرعا بالظلم المسلط عليهم من طرف الحكام الأتراك، الذين أثقلوا كاهلهم بالضرائب فانتظموا في ثورة قادها نقيب الأشراف «محمد بن مصطفى الحسيني» ودامت زهاء سنتين، تمكن خلالها الثوار من مهاجمة القلعة وتحرير السجناء، لكن الأتراك سرعان ما جهزوا قواتهم الإنكشارية بالعدة والعتاد وتمكنوا من اقتحام القدس سنة 1705م، فاعتقل نقيب الأشراف وأرسل إلى إسطنبول لينفذ فيه حكم الإعدام سنة 1707م.

إجهاض خطط اليهود
إبان عهد السلطان سليم الثالث (1799م)، قاد «نابليون بونابرت» الحملة الفرنسية التي وصلت إلى مصر، ومن بعدها تم غزو يافا والرملة، لكن القدس سلمت من هذا الغزو لأنها لم تكن في صلب المخططات العسكرية الإستراتيجية المتبناة من طرف نابليون. ومع منتصف القرن 19م بلغ من ضعف الدولة العثمانية أن استطاع محمد علي حاكم مصر الاستيلاء على القدس سنة 1831م، فولى عليها ابنه إبراهيم باشا الذي استطاع مباشرة عدة إصلاحات في المدينة بالرغم من القلاقل التي حدثت بالمدينة بتحريض من الأتراك، إلا أن من حسناته أنه أسكن عددا من العرب بالقدس وساوى بين أتباع الديانات الثلاث (الإسلام، المسيحية واليهودية)، كما أجهض خطط اليهود التي كانت تستهدف السكن والتملك في أراضي القدس، أو حتى تلك المتعلقة باستئجارهم لخمسين فدانا و200 قرية بفلسطين لمدة 50 سنة. (بحسب ما ذكره اليهودي الإنجليزي السير حاييم مونتفيوري).
وتشاء لعبة المصالح والحسابات السياسية أن تعود القدس إلى الحكم التركي، بعد أن تدخلت الدول الأوربية في أتون الصراع المحتدم بين محمد علي والأتراك، فاضطر الجيش المصري إلى الانسحاب من الشام ككل سنة 1841م بعد عشرية من الحكم، وبناء على ذلك استعاد السلطان عبد المجيد القدس، وعمد إلى إصلاح الحرم الشريف وتوسعة المدينة خارج الأسوار القديمة.
وعلى الرغم من الإنجازات التي استطاع السلاطين الأتراك تحقيقها في القدس على مستوى العمران وإصلاح الأسوار والمنشآت الدينية والمرافق العامة، إلا أن بداية انهيار الدولة انعكس على المدينة ومستقبلها على المدى البعيد، فمن جهة استفاد المسيحيون من نظام الامتيازات الأوربية الذي رعته قنصلياتهم المحدثة في الإمبراطورية الآيلة للسقوط، وكذلك الشأن بالنسبة إلى اليهود الذين استفادوا من الخريطة الجديدة للعلاقات الدولية آنذاك، والتي أرغمت العثمانيين على التساهل معهم وحسن معاملتهم. وهكذا استطاع مونتفيوري الثري اليهودي الإنجليزي انتزاع فرمان من الحكومة العثمانية سنة 1840م، يقضي بحماية اليهود ويضمن لهم حرية معتقدهم الديني، فتم الاعتراف من قبل العثمانيين بالحاخام السفارادي الأكبر «الحاخام باش» رئيسا للطوائف اليهودية في دولة آل عثمان، واعتبار القدس مقرا له بصفته رئيسا وممثلا لكل الأطياف اليهودية في فلسطين، وبناء على ذلك رسخت الجالية اليهودية وجودها وثبتت أقدامها في القدس خاصة وفي فلسطين عامة، وهو ما حفزها على توطيد وتعزيز وجودها بالقدس من خلال شراء الأرض واستيطانها، سيما بعد الاضطهاد الذي تعرض له اليهود في روسيا القيصرية وبولندا (1881م)، فكان موسم الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين، وبحلول سنة 1912 بلغ عدد الجالية اليهودية القاطنة بالقدس 48 ألفا، لتشكل بذلك النسبة الأكبر في النسيج السكاني لها.

خيوط المؤامرة
ذكرنا سابقا أن العرب الكنعانيين هم السكان الأصليون للقدس وفلسطين عموما، وقد استوطنوا المنطقة حوالي 7 آلاف سنة قبل الميلاد، وهذا ما أثبتته الحفريات في مدنهم القديمة، ومن بينها مدينة أريحا التي تعتبر أقدم مدينة في العالم، وفي مرحلة تالية هاجر العبرانيون إلى أرض فلسطين قادمين من العراق ودخلوا في صراع مستعر مع الكنعانيين، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى مصر في عهد سيدنا يعقوب وابنه يوسف عليهما السلام، إلى أن أخرجهم منها موسى عليه السلام، فعادوا إلى فلسطين، وهناك دخلوا في حروب وصراعات مع كل الشعوب المستوطنة للمنطقة، وقد عرفوا بعدوانيتهم وطباعهم الميالة إلى الدسائس والمكر، فكان من الطبيعي أن يتم إجلائهم عن أرض القدس وفلسطين من طرف الآشوريين والبابلبيين والرومان، فعاشوا تجربة الشتات، يقول إسرائيل أبرهامز، أستاذ الأدب العبري بجامعة كامبريدج: «إن فلسطين لم تكن وطنا لليهود، فقد هاجروا إليها من العراق وعاشوا فيها كغرباء ثم تشتتوا في كل المدن الهيلينية»، بل في كل بقاع العالم وذلك على امتداد العصور الوسطى، إذ عاشوا في شكل جماعات منعزلة تمتهن التجارة والصياغة، وفي سنة 1492م أصابتهم لعنة الإجلاء فطردهم الإسبان فيمموا وجههم شطر المغرب وتركيا، ثم ما لبث أن دخل بعضهم إلى فلسطين سنة 1517م. وإبان العهد العثماني أحدثوا القلاقل والمشاغبات، فنكل بهم السلطان مراد الثالث (1574م -1595م)
أما في أوكرانيا فتعرضوا سنة 1648م لمذبحة رهيبة من طرف القوزاقي شميلنسكي، فهربت أعداد كبيرة منهم إلى القدس، وسمح لهم بالسكنى في الحي الواقع قرب السور الجنوبي والمسمى بـ«حي اليهود»، حيث شيدوا مجمعا يهوديا (كنيس) سموه «بيت يعقوب».

تزايدت هجرات اليهود في اتجاه القدس خاصة وفلسطين عامة، وبالأخص بعد الاضطهاد الممارس عليهم في روسيا وبولونيا في حوالي سنة 1881م، لكن وإلى حدود ذلك التاريخ لم يتبلور لديهم كيان أو وجود سياسي بسبب كونهم أقلية غير مؤثرة، بحسب أغلب المؤرخين، أما عن تملكهم للأرض الزراعية فلم يتم إلا في أوائل القرن 19، لكن هذا لم يمنع من أن اليهود الصهاينة كانوا يحبكون مؤامرتهم الدنيئة على نار هادئة، وهو ما تأكد من خلال المؤتمر الصهيوني الأول المنعقد بمدينة بال السويسرية سنة 1897م من طرف اليهودي المجري ثيودور هرتزل، حيث تم وضع اللبنة الأولى لأول حركة سياسية يهودية والموسومة
بـ«الصهيونية»، والتي حملت على عاتقها مهمة إنشاء وطن لليهود المشتتين في بقاع العالم، ينتظم في إطار دولة يهودية مشادة على أسس دينية وعنصرية، تكون عاصمتها القدس وتجعل من أهم أولوياتها: طرد العرب من فلسطين، وإعادة مجد اليهود من خلال إعادة بناء هيكل سليمان.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى