حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

قرعة حلال

 

 

حسن البصري

قبل انطلاق منافسات كأس العالم، اشرأبت الأعناق إلى واشنطن، وفي قاعة مختنقة بنجوم الكرة العالمية، كانت الكلمة للحظ.

حفل قرعة مونديال 2026 الذي ستشترك في تنظيمه ثلاث دول: أمريكا وكندا ثم المكسيك، أجبر مدربي ومسؤولي المنتخبات المشاركة في المونديال، على ترديد أدعية الستر في دواخلهم، فضحتهم شفاههم وهم يتطلعون إلى الوعاء الزجاجي، ولسان حالهم يقول: «اللهم استرنا فوق الأرض ويوم العرض».

قرعة كأس العالم هي تمرين في الديمقراطية المحشوة بالحظ، غالبا ما تبتسم لمن ارتفع منسوبه من الحظ.

في مغربنا لا تقتصر القرعة على المنافسات الرياضية، بل توغلت في الوسط المعيشي كصيغة تكافل وتضامن بين البسطاء وذوي الدخل المحدود، فيما يشبه السلف الحلال المعفى من نسبة الفوائد.

لم يتم اللجوء للقرعة الرياضية فقط لتحديد مكونات كل مجموعة، بل كانت تنوب عن ضربات الترجيح لحسم مباراة متكافئة بين منتخبين.

في سنة 1969، سيطر التعادل على مباراتي المنتخب المغربي ونظيره التونسي، برسم تصفيات كأس العالم المكسيك 1970. في الدار البيضاء وتونس كان البياض سيد الموقف. حينها أصدر الاتحاد الدولي قرارا يقضي بإجراء مباراة فاصلة بين المغاربة والتوانسة في مارسيليا.

جثم التعادل من جديد على المباراة، فقرر الحكم بعد استشارة الفيفا، اللجوء إلى القرعة للفصل بين منتخبين عربيين. فتعلق مصير شعبين بقطعة نقدية.

ابتسم الحظ للمغرب، وحمل حمان جرير عميد المنتخب المغربي البشرى لزملائه الذين كانوا ينتظرون جود القرعة، بعد أن عجزت الأقدام عن حسم الموقف في 270 دقيقة بين الدار البيضاء وتونس ومارسيليا.

حمل أفراد المنتخب المغربي عميدهم حمان على الأكتاف، والتمسوا من المعطي جوريو الذي كان حينها رئيسا لجامعة الكرة وكاتبا عاما لوزارة الداخلية، تعيين حمان ممثلا دائما للمغرب في جلسات القرعة.

عاد المنتخب التونسي مهموما مكسور الوجدان إلى بلاده، بعد أن ضاعت مجهودات لاعبيه بسبب قطعة نقدية استقرت في كف حكم يتصبب عرقا.

وحين طالب لاعبو المنتخب المغربي بمنحة الفوز، تلقوا نصف منحة لأن الانتصار كان بالقرعة، فضربوا كفا بكف.

بعد ثلاث سنوات، وتحديدا في دورة كأس أمم إفريقيا 1972 بالكاميرون، سيشارك المغرب لأول مرة في نهائيات الكان، تعادل في ثلاث مباريات متتالية، إذ أنهى مبارياته ضد الكونغو والسودان والزائير بنفس النتيجة (1/1)، سجل أحمد فرس الأهداف الثلاثة في ثلاث مباريات عنوانها التعادل.

لجأت اللجنة المنظمة لخيار القرعة، دعي مسؤولو منتخبي المغرب والكونغو ومندوب «القرعة» لاجتماع في الفندق المخصص للجنة المنظمة، قال كبير اللجنة وكان يحمل على كتفيه نياشين حروب قبلية:

القرعة ستفصل بينكما بعد أن عجز الملعب عن ذلك.

سحب من جيب سترته قطعة نقدية وبدفعة من إبهام كفه ارتفعت في السماء، تطاردها عيون الحاضرين، إلى أن سقطت أرضا معلنة فوز منتخب الكونغو.

انسحب ممثل المغرب وعاد إلى مقر إقامة المنتخب المغربي يحمل الخبر الحزين للاعبين:

جهزوا أنفسكم للسفر سنعود إلى المغرب، أقصينا بقطعة نقدية خادعة رغم أننا لم ننهزم.

من المفارقات العجيبة أن يفوز بكأس إفريقيا لتلك السنة، منتخب الكونغو الذي أسعفته ضربة حظ.

اليوم ينشغل المغاربة بقرعة كأس العالم التي وضعتنا في مجموعة رحيمة نسبيا، مع البرازيل واسكتلندا ثم هايتي.

تعرفنا على خصومنا قبل ستة أشهر على انطلاق مونديال أمريكا، وهي مدة كافية لقراءة الخصوم وتشخيص نقط القوة والضعف في تركيباتهم.

في زمن مضى كانت قرعة المجموعات تجرى في مقر إقامة منظمي الدورة، قبل يومين عن انطلاقة المونديال. في اجتماع مصغر يتم توزيع المباريات بشكل اعتباطي، ومن تأخر عن موعد القرعة لا تقبل منه شكاية.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى