شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

أدمغة هوائية

 

 

حسن البصري

تلقت الجامعة الملكية المغربية للدراجات الهوائية رسالة من نظيرتها الجنوب إفريقية تحمل اعتذارها عن المشاركة في طواف المغرب الدولي، المقرر تنظيمه في الفترة ما بين 14 و23 شتنبر المقبل.

وفوجئ المنظمون برسالة الاعتذار لأنهم كانوا ينتظرون رسالة شكر، علما أن لوائح الاتحاد الدولي للدراجات تلزم البلد المنظم بتوجيه الدعوة إلى البلدان الإفريقية  الثلاثة الأولى في تصنيف الاتحاد الخاص بالدوري الإفريقي «أفريكا تور» وهو ما قامت به الجامعة الملكية المغربية للدراجات.

في بداية الأمر قبلت الجامعة الجنوب إفريقية الدعوة وهيأت فريقها و«نفخت» العجلات وحجزت تذاكر الطائرة، لكنها تلقت مكالمة هاتفية من الجزائر تشعرها بانطلاق الطواف من مدينة العيون، ودعتها إلى «فش» العجلات وصرف النظر عن المشاركة من باب «انصر أخاك ظالما أو مظلوما». تلقى حكام الجزائر خالص الشكر على «التبركَيكَة» من حليفهم الجنوب إفريقي، ووعدهم بنسف البطولة.

تقول روايات أخرى إن الاعتذار «لأسباب طارئة» يرجع لتداعيات قمة  مجموعة «بريكس» في جوهانسبورغ، لكن مبرر الاعتذار ظل قابلا لكل الاحتمالات السياسية بالخصوص. ففي زمن أصبحت الرياضة أسيرة السياسة، تؤدي الحكومات الغرامات المالية المترتبة عن الاعتذار من صناديقها السوداء، وتجلد في واضحة النهار قيم الرياضة وتنكل بها أشد تنكيل.

اليوم أصبحنا أمام معطى سياسي يصر على التشويش كلما تعلق الأمر ببطولة قارية أو عالمية، فإذا أردت أن تتخلص من الوفود «المبرزطة» فاجعل من العيون منطلق التظاهرات الرياضية وانعم باللقب واتركهم يتابعون أطوارها وعلى أكتافهم معاول الهدم.

قبل عامين ونصف، مارس نظام بريتوريا هواية المقاطعة، فألغى بجرة قلم مشاركته في نهائيات كأس إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة، التي احتضنتها مدينة العيون، وتحملت الحكومة كعادتها غرامة التمرد والعصيان المحددة في 75 ألف أورو، بل إن موتسيبي، الذي كان حينها عضوا في «الكاف»، اعترف بأن القرار صادر عن الحكومة الجنوب إفريقية، وليس عن اتحاد الكرة.

كيف يمكن للرياضيين أن يكونوا رسل سلام بوجود دولتين إفريقيتين تجدان متعة في تحطيم حفلات أعراس الآخرين؟

تبا لهذه «الأسباب الطارئة» التي تحرم شباب جنوب إفريقيا والجزائر من حضور دورة رياضية عالية المستوى، والتنافس من أجل الألقاب.

من المفارقات الغريبة أن جنوب إفريقيا، التي تزرع حقول الرياضة الإفريقية بألغام الحقد والضغينة، تنتج صناع السلام في العالم وتحصل على أعلى المراتب في مونديال «نوبل»، فقد نال رئيس الأساقفة ديزموند توتو جائزة نوبل سنة 1984، لدوره في محاربة العنصرية، وتلاه نيلسون مانديلا سنة 1993، مناصفة مع فريدريك ويليام دي كليرك، وهو آخر رئيس أبيض لجنوب إفريقيا، وقبلهم حصل  المحامي ألبيرت جون لوتولي على جائزة نوبل للسلام بفارق مريح عن أقرب منافس.

كيف لبلد تخصص في «تفريخ» رجال السلم والسلام أن يتصدى لكل مبادرة رياضية ظاهرها تنافس وباطنها سلام ووئام؟

هم أربعة وخامسهم حفيد مانديلا، الولد الصايع الذي ينتظر جائزة نوبل للسلام منذ أن نفخ فيه «القومجيون»، من شدة سلامه ومصافحته لزعماء يكنون للمغرب العداء. قال شيف زووليفوليل مانديلا إنه مرشح للتتويج بجائزة السلام، وتلقى وعدا من اللجنة الساهرة على الجائزة، وأنه محتار بين الترشح لجائزة الآداب أو جائزة السلام.

لكن خطبته العصماء في افتتاح دورة إفريقيا للاعبين المحليين، أكدت أن الحفيد يستحق جائزة «قلة الأدب»، وأن الرجل الذي فقد فرامله يحتاج لجائزة عالمية في إثارة النعرات وحث الشعوب على الاقتتال، وهو الذي ينتظر بفارغ الصبر يوم تتويجه بالجائزة العالمية حتى اعتقد الناس أنه سيفوز يوما بجائزة نوبل للانتظار.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى