شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

القضاء الأمريكي يسقط الرسوم الجمركية الشاملة لترامب

في قرار قضائي غير مسبوق، أبطلت محكمة أمريكية الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها دونالد ترامب، مؤكدة أن صلاحية فرضها تعود للكونغرس فقط. الحكم يضع قيودًا جديدة على استخدام سلطات الطوارئ الاقتصادية ويقلب موازين السياسة التجارية التي انتهجتها إدارة ترامب، وسط ردود فعل متباينة من الأسواق والبيت الأبيض.

مقالات ذات صلة

 

سهيلة التاور

 

أصدرت محكمة أمريكية متخصصة بقضايا التجارة الدولية حكما قضى بإلغاء الرسوم الجمركية «المتبادلة»، التي فرضها ترامب بنسبة 10 في المائة على كل السلع التي تستوردها بلاده.

وقالت محكمة التجارة الدولية الأمريكية إنّ الكونغرس وحده يملك صلاحية فرض مثل هذه التعرفات.

وأضافت المحكمة أنّه لا يمكن للرئيس أن يتذرّع بقانون الاستجابة الاقتصادية الطارئة لعام 1977 «لفرض رسوم إضافية غير محدودة على المنتجات المستوردة من كل الدول تقريبا».

وشدّدت المحكمة، في قرارها، على أنّ «قانون القوى الاقتصادية الطارئة الدولية يسمح للرئيس بفرض العقوبات الاقتصادية اللازمة في حالة الطوارئ لمكافحة تهديد غير عادي وغير معهود».

ولفت الحكم إلى أنّ المراسيم التي وقّعها ترامب في 2 أبريل وفرض بموجبها على كل المنتجات التي تستوردها بلاده رسوما جمركية تبلغ نسبتها الدنيا 10 في المائة ويمكن أن تصل إلى 50 في المائة، بحسب البلد المصدّر، «تتجاوز الصلاحيات الممنوحة للرئيس بموجب قانون الاستجابة الاقتصادية الطارئة لتنظيم الواردات من خلال استخدام الرسوم الجمركية». وعلّق ترامب لاحقًا الرسوم الانتقامية لمدة 90 يومًا لإتاحة الوقت للدول لتقليل العوائق المفروضة على الصادرات الأمريكية، لكنه أبقى على الرسوم الأساسية، وبرر هذه الإجراءات مستندًا إلى سلطات استثنائية للعمل دون موافقة الكونغرس، معلنًا أن العجز التجاري المستمر في الولايات المتحدة يُعد «حالة طوارئ وطنية».

وفي فبراير استخدم ترامب القانون نفسه لفرض رسوم على كندا والمكسيك والصين، مدعيًا أن التدفق غير القانوني للمهاجرين والمخدرات عبر الحدود الأمريكية يُشكل حالة طوارئ وطنية، وأن على هذه الدول بذل المزيد لوقفه. ويمنح الدستور الأمريكي الكونغرس سلطة فرض الضرائب، بما في ذلك الرسوم الجمركية، إلا أن المشرعين سمحوا تدريجيًا للرؤساء بتولي مزيد من السلطة في هذا المجال، واستغل ترامب هذا الأمر إلى أقصى حد.

ويجري الطعن في هذه الرسوم من خلال ما لا يقل عن سبع دعاوى قضائية. وفي الحكم الصادر الأربعاء الماضي، جمعت المحكمة قضيتين: إحداهما رفعتها خمس شركات صغيرة والأخرى من قِبل 12 ولاية أمريكية. ويُبقي الحكم على بعض رسوم ترامب الأخرى، بما في ذلك تلك المفروضة على الفولاذ والألمنيوم والسيارات الأجنبية، إلا أن هذه الرسوم استندت إلى قانون مختلف يتطلب تحقيقًا من وزارة التجارة، ولا يمكن فرضها بمحض تقدير الرئيس.

 

الرسوم لم تعالج المشكلات

جادلت الإدارة بأن المحاكم كانت أقرت استخدام الرئيس ريتشارد نيكسون الطارئ للرسوم الجمركية عام 1971 خلال أزمة اقتصادية ومالية نتجت عن إنهاء ربط الدولار الأمريكي بسعر الذهب، ما أدى إلى خفض قيمته. واستندت إدارة نيكسون، حينها، إلى سلطتها بموجب «قانون التعامل مع العدو» لعام 1917، الذي سبق قانون السلطات الطارئة واحتوى على بعض نصوصه القانونية.. لكن المحكمة لم توافق على ذلك، وقررت أن رسوم ترامب الشاملة تجاوزت سلطاته في تنظيم الواردات بموجب القانون. وقالت المحكمة إن الرسوم لم تُعالج المشكلات التي من المفترض أنها جاءت لحلها. وأشارت الولايات المشاركة في الدعوى إلى أن العجز التجاري الأمريكي لا يُعتبر حالة طوارئ مفاجئة، إذ إن الولايات المتحدة تسجله منذ 49 عامًا متواصلة، سواء في أوقات الرخاء أو الأزمات.

 

سلطات محدودة

تقول ويندي كاتلر، المسؤولة السابقة في مكتب التجارة الأمريكي ونائبة رئيس «معهد سياسة مجتمع آسيا» حاليًا، إن قرار المحكمة «يُلقي بالسياسة التجارية للرئيس في حالة من الفوضى». وأضافت: «الشركاء الذين كانوا يتفاوضون بجدية، خلال فترة التعليق البالغة 90 يومًا، يترددون الآن في تقديم أي تنازلات إضافية للولايات المتحدة إلى حين اتضاح الموقف القانوني». كذلك ستضطر الشركات إلى إعادة تقييم طريقة إدارة سلاسل التوريد الخاصة بها، وربما الإسراع في شحن البضائع إلى الولايات المتحدة لتقليل مخاطر إعادة فرض الرسوم في حال تم قبول الاستئناف.

وأشارت المحكمة إلى أن ترامب لا يزال يحتفظ بسلطات محدودة لفرض الرسوم لمعالجة العجز التجاري بموجب قانون التجارة لعام 1974، لكن هذا القانون يقيّد الرسوم بنسبة 15 في المائة ولمدة لا تزيد عن 150 يومًا، ومع الدول التي تعاني معها الولايات المتحدة من عجز تجاري كبير. وفي الوقت الراهن، فإن حكم المحكمة «يدمر الأساس الذي استندت إليه إدارة ترامب في استخدام سلطات الطوارئ الفيدرالية لفرض الرسوم، ما يُعد تجاوزًا لصلاحيات الكونغرس وانتهاكًا لمبدأ الإجراءات القانونية السليمة»، حسب إسوار براساد، أستاذ سياسة التجارة في جامعة كورنيل. «ويُوضح الحكم أن الرسوم الشاملة التي فرضها ترامب من جانب واحد تمثل تجاوزًا واضحًا للسلطة التنفيذية».

 

إدارة ترامب تستأنف

استأنفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس الماضي، حكما أصدرته محكمة فيدرالية أمريكية في اليوم نفسه وألغت بموجبه معظم الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الملياردير الجمهوري على واردات بلاده من دول العالم بأسره.

وقالت إدارة ترامب، في ملف الدعوى، إنّ «هذا إخطار بأنّ المدّعى عليهم يستأنفون أمام محكمة الاستئناف الفيدرالية الأمريكية رأي المحكمة وحكمها النهائي الصادر في 28 ماي 2025».

وقبلها ندّد متحدث باسم البيت الأبيض بـ«قضاة غير منتخبين يفتقرون إلى القدرة على اتخاذ قرار بشأن كيفية إدارة حالة طوارئ وطنية على النحو السليم»، وذلك عقب قرار قضائي بوقف الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب على جميع المنتجات الداخلة إلى الولايات المتحدة.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، في بيان، إن «الرئيس ترامب تعهّد بوضع أمريكا في المقام الأول، والإدارة ملتزمة باستخدام كل أدوات السلطة التنفيذية للاستجابة لهذه الأزمة واستعادة عظمة أمريكا».

 

خيارات على الطاولة

بحسب محللين لدى غولدمان ساكس، فإن الحكم يعرقل فرض رسوم بنسبة 10 في المائة على معظم الواردات والتي فرضتها إدارة ترامب، بالإضافة إلى الرسوم المضافة على الصين وكندا والمكسيك، لكنه لا يشمل الرسوم القطاعية مثل المفروضة على الصلب والألمنيوم والسيارات.

وفي الوقت نفسه أشار المصرف الأمريكي إلى أن إدارة ترامب لديها وسائل قانونية أخرى لفرض التعرفات، موضحا أن المادة 122 من قانون التجارة لعام 1974 التي تقول إن التعرفات لا تتطلب تحقيقاً رسمياً وبالتالي يمكن أن تكون واحدة من أسرع الطرق للتغلب على الحكم القضائي.

وبالتالي يمكن لإدارة ترامب استبدال وبسرعة التعرفات الجمركية الشاملة بنسبة 10 في المائة بأخرى مشابهة تصل إلى 15 في المائة، مضيفا أن هذه الخطوة قد تستمر فقط لمدة 150 يوماً، ثم يتطلب الأمر موافقة الكونغرس.

أما الخيار الثاني أمام ترامب فهو إطلاق تحقيقات المادة 301 ضد شركاء تجاريين رئيسيين لأمريكا، لكنها، بحسب غولدمان ساكس، قد تستغرق عدة أسابيع على أقل تقدير. فيما تتيح المادة 232 فرض رسوم جمركية لحماية الأمن القومي، وهي تُستخدم حالياً في الرسوم المفروضة على الصلب والألمنيوم.

وتسمح المادة 338 لترامب بفرض رسوم تصل إلى 50 في المائة على واردات الدول التي تميّز ضد الولايات المتحدة، لكنها لم تُستخدم من قبل.

 

ارتفاع الدولار

حقق الدولار الأمريكي انتعاشاً ملحوظاً بعد أن قضت محكمة تجارية بمنع الرئيس دونالد ترامب من الاستمرار في فرض الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الدول الشريكة. وأعطى هذا القرار على الفور حياة جديدة لسوق العملات، ما أثار دهشة المستثمرين.

وكان التأثير على الأسواق فوريا، إذ ارتفع الدولار الأمريكي بشكل حاد مقابل معظم العملات الرئيسية. وارتفع الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني بنسبة 0.64 في المائة إلى 145.77 ين، بعد أن سجل أعلى مستوى في أسبوعين عند 146.2 ين. وارتفع الدولار الأمريكي مقابل الفرنك السويسري بنسبة 0.67 في المائة إلى 0.83245. ارتفع مؤشر الدولار – الذي يقيس قوة العملة الخضراء مقابل سلة من ست عملات رئيسية – فوق مستوى 100 للمرة الأولى في أسبوع.

ومع ذلك يظل الخبراء حذرين. وقال هيروفومي سوزوكي، كبير الاستراتيجيين فيSMBC : «هذا مجرد رد فعل مؤقت. مع استمرار عملية الاستئناف، فإن احتمالية بقاء ارتفاع الدولار قويًا ضئيلة للغاية».

ولا يزال مؤشر الدولار منخفضا بنسبة 8 في المائة منذ بداية العام. فمنذ فرض ترامب الرسوم الجمركية في الثاني من أبريل، خسر الدولار 2 في المائة مقابل الين، ونحو 6 في المائة مقابل الفرنك السويسري و4 في المائة مقابل اليورو.

ويقول العديد من الخبراء إن إلغاء الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب سيكون بمثابة خبر جيد للاقتصاد الأمريكي والدولار الأمريكي.

وقال يونوسوكي إيكيدا، رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في بنك نومورا بطوكيو: «تُسبب الرسوم الجمركية ضغوطًا على التضخم، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وكبح النمو، وسيُسهم رفعها في استعادة الثقة بالدولار».

وقال توهرو ساساكي، الخبير الاستراتيجي في مجموعة فوكوكا المالية، إن السوق «تشتري الدولار حالياً بسبب الأخبار الإيجابية، وليس بسبب عمليات بيع الين»، محذرا من أنه في حال اختراق الدولار الأمريكي لمستوى 148 ين، فإن المراكز القصيرة المضاربية على الين قد «تُغلق قسراً»، ما يؤدي إلى ارتفاع زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني.

وقبل صدور حكم المحكمة، انخفضت قيمة الدولار الأمريكي والأسهم الأمريكية وسندات الخزانة الطويلة الأجل بشكل حاد لعدة أشهر. فقد المستثمرون الثقة في قوة السوق الأمريكية، حيث يُنظر إلى سياسات ترامب الضريبية والتجارية على أنها متقلبة وغير مستقرة وتؤدي إلى تفاقم العجز في الميزانية.

وفي الأسبوع الماضي، أيضا، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، محذرة من أن الوضع المالي يتدهور بشكل واضح.

ومع ذلك تحسنت معنويات السوق بشكل طفيف بعد أن أرجأ ترامب، بشكل غير متوقع، خطته لفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على الواردات من الاتحاد الأوروبي خلال عطلة نهاية الأسبوع. وبالإضافة إلى ذلك، يأمل المستثمرون، أيضًا، أن تبدأ الولايات المتحدة في البحث عن أرضية مشتركة مع شركائها التجاريين بدلاً من مواصلة سياسة «فرض الضرائب من أجل التفاوض».

بدورها تفاعلت سندات الخزانة الأمريكية بقوة، إذ ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات بنحو 2.6 نقطة أساس إلى 4.503 في المائة. وفي الوقت نفسه ارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية والبورصات الآسيوية مع عودة الرغبة في المخاطرة.

وعدل المستثمرون توقعاتهم بشأن السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث خفضوا توقعاتهم لخفض أسعار الفائدة إلى 42 نقطة أساس من 50 في بداية الأسبوع، بحسب بيانات من LSEG.

إن الارتفاع الأخير الذي شهده الدولار يشكل عائقا كبيرا وسط عاصفة عدم اليقين التي تسببها سياسات ترامب. ومع ذلك، وفي ظل وجود معركة قانونية والمخاطر الاقتصادية التي لم يتم حلها بعد، من المرجح أن تستعد الأسواق لمزيد من الصدمات.

 

تراجع أسعار الذهب

تراجعت أسعار الذهب لأقل مستوى في أكثر من أسبوع خلال تعاملات الخميس التاسع والعشرين من ماي، بعد تطورات تجارية أمريكية، إذ منعت محكمة اتحادية دخول رسوم «يوم التحرير» التي فرضها الرئيس دونالد ترامب حيز التنفيذ.

وعلى صعيد التداولات، تراجع سعر التسليم الفوري للمعدن الأصفر بنسبة 0.5 في المائة إلى 3270 دولاراً للأونصة، بعد أن لامس أدنى مستوياته منذ 20 ماي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى