شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

حلم أمريكي جديد

 

علاء الغطريفي

 

 

عندما تطالع هذه الوجوه الشابة، وهي تهتف ضد مؤيدي إسرائيل في تجمعات جماهيرية، ترى فيهم حلما جديدا، يتغلب على هذا المفهوم السائد عن الحلم الأمريكي بماديته القحة.

هذا حلم جديد، ديدنه الإنصاف والعدالة والتعاطف مع الضحية دون الجلاد، انغمس في قضية إنسانية بحتة تنفطر فيها القلوب مع صور الدمار والقتل والدم في غزة.

حلم جديد شكلته وسائل اتصال جديدة، ورغبة في تجاوز شيخوخة السياسة في الولايات المتحدة، وانعكاس لفجوة ستزداد هناك بين الأجيال في ما يخص قضايا العالم، فهؤلاء لا تشكل آراؤهم الصحف الكبرى بكل انحيازاتها وتعبيراتها الإيديولوجية، بل انفتحوا لكي يروا شيئا جديدا بعيدا عن الصورة التي تصدرها وسائل إعلام أمريكية غارقة في بحار وألوان السياسة والتحزب.

حلم جديد لم تُخطئه إشارات استطلاعات الرأي من بعد السابع من أكتوبر، حول تزايد التأييد للقضية الفلسطينية في بلاد تحظى فيها إسرائيل بتأييد مطلق، حتى خارج دوائر السياسة أو الإعلام.

جيل Z الأمريكي يشعر بالتشكك في نوايا الجميع، سواء إدارته أو حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، كما تُصاغ عبارات الدعم في الغرب، لتسويغ الحق في التدمير والإبادة للفلسطينيين!

جيل Z أوجد لنفسه عالمه بصوابية صنعها على ظهر مواقع التواصل الاجتماعي، يحكم بها على الواقع، ويُسقط فيها ما يريد، ويكرس ما يريد.. ولهذا أغضب «تيك توك» السياسة الأمريكية، لأن هناك شيئا ما يحدث، 170 مليون حساب على التطبيق الصيني، فالأمريكيون الصغار الأنشط عليه بعد الآسيويين!

يحرك الحلم هذه المشاهد المتتالية من غزة التي تغلبت على صور مآس أخرى حدثت على الكوكب، لم ترد حتى في خيال صانعي روايات الحرب والدم، فهنا صورة وحشية يقف وراءها العالم الغربي ضد شعب أعزل محاصر!

حلم أمريكي سيحاول إزاحة كل ما علق من تحييد العدالة من أجل المصالح، وسيكون معادلا لصورة أخرى ارتسمت لعقود حول حق إسرائيل في احتلال واغتصاب الأرض الفلسطينية، الحلم تلزمه سنوات ليكون واقعا مؤثرا، والأصوات المجاهرة بالتنديد بعدوان إسرائيل أعلنت البداية.

صوت الحلم الجهوري هو من دفع بايدن ليغير مواقفه تماما تجاه نتنياهو وعصابته اليمينية، وكذلك هو ما جعل تشاك تشومر ينقلب على تاريخه كأحد أهم المؤيدين لإسرائيل، ويدعو إلى انتخابات  جديدة في تل أبيب.

ستحتضن مؤسسات وتجمعات هذا الصوت لتدفع به إلى الحياة السياسية، وسيكون رقما مؤثرا في مشاهد التنافس السياسي في الولايات المتحدة؛ لأن التمرد على مسلمات وبديهيات السياسة وقضايا الخارج والتاريخ هناك قد بدأ ولن ينتهي.

يمكن أن نستفيد من هذا الحلم لصالح قضيتنا الفلسطينية وقضايانا العربية، وهذا ليس من قبيل الإنشاء أو ترديد ما رُدد في السابق، بل هو واقع لصياغة مواقف للحشد وراء الحق الفلسطيني والعربي، من بلاد، للأسف، لا تصنع تاريخها فقط بل تاريخ الآخرين والعالم أجمع.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى