الرأي

دعوا المسؤولين يتعلمون

عذرا إذا استعرنا منك، مدام ميشيل أوباما، عنوان مشروعك التربوي وأخضعناه لتعديل فرضته الظرفية الحالية، عذرا إن لم نكن نهتم كثيرا بمال الكرة السائب، الذي يعلم التصويت بالتصفيق، عذرا إذا كان المتجمهرون في دهاليز الجموع العامة لا يشعرون بالإحباط مع سبق الإصرار والترصد، ولا يمسحون عرق الخجل إلا خلسة فيحولون وثائق التقارير المالية والأدبية إلى مروحة توزع الهواء حسب درجة خفة اليد.
أصل مأساة الرياضة المغربية وسبب أورام الحكامة فيها يرجعان لمسيرين يستفيدون من ريع «عفا الله عما سلف»، ويمارسون غاراتهم على مالية الأندية التي يرأسونها وهم يعلمون علم اليقين أن زمن عين ميكا قد حل، لذا تراهم يحملون السلم عرضا لا يهمهم عرقلة السير.
نبهتنا السيدة الأمريكية الأولى ميشيل أوباما إلى أهمية التعليم، وذكرت أولي الألباب بقوله تعالى: «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون». لكنها ركزت على الفتيات القاصرات ورصدت 100 مليون دولار أمريكي لانتشالهن من مستنقع الجهالة ومشتقاتها.
نحن أحوج إلى مشروع من هذا القبيل يستفيد منه المسؤولون الماسكون بأعناق الميزانيات من الوريد إلى الوريد، فغالبيتهم يعانون من «الهدر» ويعولون على حوارييهم لتبييض قرارات «هدر» المال. ما يحصل في دواليب الحكومة نعيشه بشكل أو بآخر في عالم الكرة، حيث يمكن لفئة قليلة من المنخرطين أن تصادق على ميزانية تعاني من الثقوب.
في الجمع العام للوداد البيضاوي اهتدى الرئيس إلى خطة غريبة، فأعفى المنخرطين من المصادقة على التقرير المالي، دون أن يتحرك جطو وقضاته لاستقصاء الأمر. وفي جمع الرجاء البيضاوي نفي الصندوق الزجاجي في مكان بعيد، وعاش الحاضرون معركة الإخوة الأعداء استعملت فيها كل الأسلحة الخبيثة، فيما فضلت كثير من الفرق صرف النظر على الجمع العام إيمانا بالقول المأثور «كم حاجة قضيناها بتركها». ومع مرور الوقت انتقلت العدوى من الفرق إلى «الإلترات» المساندة لها والتي لا تخضع ماليتها للمحاسبة، كأنها سر من أسرار الدولة.
يمارس مسؤولو الكرة عملية الكر والفر نحو الوجاهة، يجلبون للفرق منخرطين مؤدى عنهم، ويحولونهم مرة كل سنة إلى أصوات انتخابية قابلة للتعبئة. ولأن الحكومة لا تقترب من مربع عمليات الأندية ولا تحاسبها على المبالغ المهدرة والفرص الضائعة مع الحكامة، ولا تعلن في حقها حالات التسلل، فإن سياسة عين ميكا تشجع على تناسل كائنات انتخابية أخرى على الاغتناء السريع وتسجيل هدف الخلاص من الفقر والحاجة.
ومن المفارقات الغريبة في حكومة بنكيران، إصرارها على تطبيق القانون حين يتعلق الأمر بالبسطاء واستظهار درس «عفا الله عما سلف»، حين يكون الفاعل ضميرا غير مستتر، لذا يقود محمد نجيب بوليف، الوزير المنتدب لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك المكلف بالنقل، حملة لترقيم الدراجات النارية ثلاثية العجلات، بينما يقود وزير آخر حملة لمكافحة انتشار «الميكات»، في الوقت الذي يخشى وزير الحكامة تقليب أوراق مالية الفرق والفصائل المشجعة. وحين اقتنى الحبيب الشوباني، رئيس جهة درعة- تافيلالت، سيارات فخمة لأعضاء مكتبه بمبالغ خرافية، تعطلت لغة المراقبة ومحاربة المفسدين عند سماعه.
منذ نعومة مخالبه، ظل الرئيس يمارس هواية الركض فوق القانون، مستفيدا من ظرفية السيبة، لذا بات من الضروري القطع مع تسيير الضيعات الذي حول الرؤساء إلى كائنات تسود وتتجبر، والبحث عن صيغ بديلة لديمقراطية التصفيق والتصرفيق، فقد يأتي يوم تصبح فيه تعويضات الرضاعة معممة على الجميع رجالا ونساء، ولأنهم يمارسون الرضاعة الاصطناعية فلا مانع من استفادتهم من إجازة الحمل وعطلة عند الولادة، ومنحة «الزرورة»..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى