شوف تشوف

بانوراما

«ساتيا ساي بابا» الفيلسوف الهندي الذي ادعى «الألوهية»

«ساتيا ساي بابا»، فيلسوف وشاعر وموسيقي وممثل وخطيب هندي مفوه تحول إلى زعيم روحي يتبعه الملايين، توفى في 24 أبريل 2011. اسمه الكامل «ساتيا راجو ناريانا» وتعني بالعربية «جنة الحق»، وهو اسم لأحد الحكماء القدماء في الهند. والداه فلاحان فقيران من قرية «بوتابارتي»، ادعى الألوهية وامتلاكه للكرامات والمعجزات، وصار أتباعه ومريدوه في مختلف أنحاء العالم يعدون بالملايين.
الإله صاحب المواهب الفنية
منذ التحاق «ساي بابا» بالمدرسة الابتدائية أبدى موهبة واضحة في الدراما والفنون والموسيقى والتمثيل، وكتب أشعارا وأغاني لأهالي القرية اتخذت الطابع الصوفي. أظهر محبة تجاه الطبقات المعدمة والمحرومين والمعاقين والمرضى، وشفقة خاصة تجاه الحيوانات. في قريتة البدائية التي ولد فيها «ساتيا ساي بابا»، يمكن لزائرها أن يجد فيها المجمع الجامعي وسكة حديد، ومساكن فسيحة يستخدمها كبار السياسيين أثناء زيارتهم إلى (دار السلام)، فضلا عن المندوبين والزوار من كل أقطار العالم. ويقضي «ساي بابا» جل وقته في قريته دار السلام، التي تفد إليها الجموع من المؤمنين الهنود والمريدين من الأجناس الأخرى للتبرك به وبالتراب الذي يمشي عليه، والتمسح بأحجار المنزل الذي يقطن فيه. والمحظوظ منهم من يتملى بطلعته بعد إطلالة الإله من اعتكافه المقدس.
البرنامج اليومي لـ«ساي بابا»
أنشأ «ساتيا ساي بابا» ثلاثة مناذر (معابد الهندوس) أساسية، «أول منذر» أنشئ في «بومباي»، والثاني في «ساتيام»، والثالث في «حيدر آباد». يبدأ البرنامج اليومي بصلاة الصبح (أوم)، يليها موعظة أخلاقية، ثم إنشاد أغاني تعبدية وروحية، أو حضور «دارشان» (اللقاء بشخصية دينية)، وخصوصا في شهر نونبر، شهر ولادة «ساي بابا». خلال «الدرشان» يشق الحكيم صفوف الزوار ويحييهم وقد يتفاعل الناس، فمنهم من يحييه ومنهم من يسلمه رسالة دون فيها معاناته، وربما يختار أفرادا أو مجموعات لمقابلة خاصة، ويعتبر هذا شرفا عظيما، وقد يكشف لهم أبعادا روحية لا يستطيع العقل والمنطق تفسيرها، أو يهديهم عقودا وهدايا تنبع من كفه.
ولد «ساتيا» عام 1926 في إحدى قرى جنوب الهند، وعندما بلغ الرابعة عشرة من عمره، لدغته يوماُ ما عقرب فقد على أثرها الوعي، ولكن بعد شفائه منها خلال الأيام التالية، لوحظ عليه بعد تلك الحادثة تغير عميق في سلوكياته، فقد كان يتأرجح ما بين الضحك والبكاء بدون أي سبب، وأبدى قدرة على الغناء بلغة هندية أخرى مختلفة، بالرغم من أنه لم يتعلمها من قبل. وبعد مرور أسبوعين عن تلك الأحداث العجيبة، جمع «ساتيا» أهله حوله وأباح لهم بألوهيته، وأبلغهم أنه تجسيد لروح قديس شهير كان قد توفي قبل ولادته بثمانية أعوام، وقد كان ذلك القديس نفسه تجسيدا للرب الهندوسي العظيم «شيفا»، مما يعني أن «ساتيا» هو بدوره تجسيد لذلك الرب العظيم. وبعد ذلك التصريح الذي أذهل الحضور، أعلن «ساتيا» على الملأ بعدم وجود أي علاقة تربطه مع أي كائن آخر من البشر، مؤكداً بذلك الإعلان اختلاف ذاته الربانية عن الطبيعة البشرية.
ويقدر عدد أتباع «ساتيا ساي بابا» بـ120 مليون مؤمن، تنتمي الغالبية العظمى منهم في الهند إلى الطبقة الوسطى العليا التي تتمتع بأوفر حظ من الثقافة والغنى والنفوذ، وهؤلاء هم الطبقة المثقفة التي تُنتج الدكتور والمحامي والمهندس والأستاذ، ولا تقتصر مراتب أتباعه على الفئة الاحترافية، بل تمتد لتشمل العديد من أصحاب القرارات السياسية والاقتصادية من الوزراء والرؤساء ورجال الأعمال.
سر المعجزة
مجلات وكتب كثيرة تساءلت عن سر المعجزات التي يظهرها «ساي بابا»، التربة المقدسة والقلائد والعقود والساعات وشفاء المرضى.. كتابات تظهر بخط يده علي مستشفيات في لندن وفي بقاع مختلفة من العالم! «فرانك بارانوفسكي»، متخصص في تصوير الهالات فوق البنفسجية وتحت الحمراء، التقط صورة بكاميرا (كيرليون) لـ«ساي بابا» أظهرت هالة باللون البنفسجي الزهري، وقد امتدت إلى مئات الأمتار، حيث علق على الأمر بأنه يستحيل أن تكون هذه هالة لإنسان عادي، حيث إنها تجاوزت الأفق ولا حدود لها، وهو ما فسره البعض بالجن الذي يسكن جسد «ساي بابا». أما «ارليندون هاردلسون»، أستاذ علم النفس، فقد قابل أفرادا شهدوا هذه المعجزات ووثق العديد منها، منها تحويل الماء إلى شراب آخر، تحويل الغرانيت إلى سكر وحلوى، تحويل الماء إلى بنزين، وقال إن بعضا منها تشبه ما كتب في الكتب الدينية، وقام بها قديسون. علق «ساي بابا» على هذه المعجزات بقوله: إنها بعض من مظاهر القدرة الإلهية التي يكشفها عيانا على أيدي من يختارهم. ورفض إخضاع أي كرامة تحت التجربة والشك، أو الإقناع. في عام 1976 قام اثنان من المستشارين بجامعة «بنغلور» بتوجيه خطاب علني إلى «ساي بابا»، يطلبان فيه موافقته لقبول شروطهما بأن يؤدي كرامات معينة في ظروف يختاراها هما للحكيم، لكنه تجاهل الرد عليهما، وقال إن رسالتهما فيها لهجة تحد وتفتقر إلى الاحترام، ووجه ردا إلى هذين الأستاذين جاء فيه، إن العلم يقتصر على عالم التجربة والماديات التي تخضع إلى العقل الإنساني وبدوره العقل يريد جوابا على اليقين أو الشك، بينما الكرامات والروحانيات تسمو على الشك واليقين إلى عالم أسمى تتجلى فيه مظاهر القوة الروحانية، وعليه فعلى الأساتذة المحترمين وضع قوانين وشروط تستند بظروفها على القوة الروحانية ليستطيعا فهم هذه الكرامات وليس عن طريق العلم. وكانت هذه الرسائل تنشر بالصحف الهندية. وقد تجاهل بعد ذلك «ساي بابا» أن يرد على أي رسالة بعدها.
وفاة الإله
توفي الزعيم الهندي «ساتيا ساي بابا»، في مدينة «بوتابارثي» جنوبي الهند،  حيث تم التحضير لدفنه وسط طقوس رسمية داخل أحد معابد المدينة. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، أن  «الزعيم الروحي الهندي «ساتيا ساي بابا»، توفي في مدينة «بوتابارثي» جنوبي الهند، والذي يعتبره البعض زعيماً روحياً وإله»، مشيرةً إلى أنه «تجمع حوالي 3 ملايين شخص في المدينة للمشاركة في تشييعه، حيث شهد مراسم التشييع رئيس الوزراء الهندي ورئيس البرلمان، حيث تم دفنه، (خلافاً لغالبية الهندوس الذين تحرق جثثهم)، وسط حضور رسمي رفيع في صالة داخل أحد المعابد في مدينة «بوتابارثي» التي ولد فيها».كما بدأ رجال دين هندوس بترديد بعض التراتيل وتأدية الطقوس الأخيرة جوار جثة «ساي بابا»، والتي تم عرضها في نعش زجاجي لإلقاء النظرة الأخيرة عليها، واقتصرت الطقوس الفعلية للجنازة على أفراد أسرته وأعضاء الجمعية الخيرية التابعة، فيما تابع الملايين من أتباعه المراسيم عبر شاشات ضخمة وضعت خارج القاعة التي تم فيها الدفن. ويعتقد أتباع الزعيم «ساي بابا» أنه يمتلك قدرات خارقة كزيارة الأشخاص في أحلامهم، وعلاج الأمراض المستعصية. كما أنه يعرف متى سيموت، محدداً التاريخ بدقة ومتى سيولد للمرة الثالثة، وماذا سيكون اسمه وكيف سيكون شكله، ويقول إنه في عام 2018 سيبدأ العصر الذهبي، حسب قول أتباعه. ويذكر أن أتباعه «والذين تجاوز عددهم 100 مليون حول العالم وعشرات الآلاف في الوطن العربي»، كانوا يقصدون الهند لمجرد رؤيته «رؤية البركة» كما يسمونها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى