
يشهد الطب العالمي تحولاً جذرياً مع تسارع اعتماد الذكاء الاصطناعي في التشخيص والوقاية والتنبؤ بالمضاعفات. فخلال سنوات قليلة، أثبتت أنظمة الذكاء الاصطناعي قدرتها على منافسة الأطباء في دقة تشخيص الحالات المعقدة، والكشف المبكر عن أمراض العيون، وتحليل صور الأسنان بسرعة تضاهي عشرات المرات أداء البشر. وتظهر الدراسات الحديثة من مؤسسات مرموقة مثل هارفارد وستانفورد وMIT أن هذه التقنيات لم تعد أداة مستقبلية، بل أصبحت جزءاً متنامياً من الممارسة الطبية، ما يَعِد بتوسيع الوصول إلى الرعاية الصحية وتحسين جودتها، خاصة في المناطق التي تعاني نقصاً في المتخصصين. ورغم التحذيرات من المبالغة في التوقعات، فإن الذكاء الاصطناعي يمهّد لمرحلة جديدة تتكامل فيها خبرة الطبيب مع قوة الخوارزمية لخدمة المرضى بشكل أسرع وأكثر دقة.
إعداد: سهيلة التاور
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من كلية الطب بـ”جامعة هارفارد” و”جامعة ستانفورد” أن نموذج الذكاء الاصطناعي o1 )في الوضع التجريبيPreview ) من شركة OpenAI قد يتفوق على الأطباء في تشخيص الحالات الطبية المعقدة.
وخضع النموذج خلال الدراسة لسلسلة شاملة من اختبارات التشخيص الطبي، وأظهرت النتائج أنه حقق قفزات نوعية مقارنةً بالإصدارات السابقة، فقد تمكن نموذج o1-preview من تشخيص 78.3 في المائة من الحالات التي حُللت بدقة. وفي مقارنة مباشرة شملت 70 حالة محددة، ارتفعت دقة النظام إلى 88.6 في المائة، متفوقًا بفارق كبير على نظام GPT-4 السابق الذي سجل نسبة قدرها 72.9 في المائة.
وأثبت النظام كفاءته العالية في مجال الاستدلال (التفكير) الطبي، إذ حصل على درجات عالية في 78 من أصل 80 حالة وفق مقياس R-IDEA المستخدم لتقييم جودة الاستدلال. وللمقارنة، فقد حقق الأطباء المتمرسون درجات عالية في 28 حالة فقط، في حين لم يستطع الأطباء المقيمون (المتدربون) الحصول على الدرجات العالية سوى في 16 حالة.
وفي تعليق له عبر منصة “إكس”، صرح الدكتور آدم رودمان، أحد المشاركين في الدراسة، قائلًا: “إن هذه أول مرة أروّج لمسودة دراسة قبل مراجعتها بالكامل، ولكنني أعتقد أن نتائجنا تحمل انعكاسات كبيرة على الممارسة الطبية، لذا كان من الضروري نشرها سريعًا”.
وبرز نموذج o1-preview بنحو خاص في إدارة الحالات الطبية المعقدة التي صممها 25 أخصائيًا لتكون تحديًا للنموذج والأطباء. وعلّق رودمان قائلًا: “واجه البشر صعوبات متوقعة، في حين أظهر النموذج أداءً مذهلًا لا يحتاج إلى إحصائيات لتوضيح تفوقه”.
وفي هذه الحالات، سجل النموذج 86 في المائة من النقاط، وهو أكثر من ضعف ما حققه الأطباء باستخدام نموذج GPT-4 أو الأدوات التقليدية الأخرى.
ومع ذلك، يعاني النظام مشكلات في تقدير الاحتمالات، إذ لم يُظهر تحسينات تذكر مقارنةً بالنماذج السابقة. فعلى سبيل المثال: قدر النموذج احتمال الإصابة بالالتهاب الرئوي بنسبة قدرها 70 في المائة في الحالات، وهي نسبة أعلى بكثير من النطاق العلمي المتعارف عليه (25-42 في المائة).
وأوضح مؤسسو OpenAI أن الأنظمة الحالية ما زالت “تعاني نقصًا كبيرًا في التدريب”، وتحتاج إلى التدريب بما يتراوح بين 100 و1000 ضعفٍ مقارنةً بتدريبها الحالي.
ويظهر نموذج o1-preview تفوقًا في مهام التفكير النقدي، مثل التشخيص وتقديم التوصيات العلاجية، لكنه يواجه صعوبات في المهام التجريدية، كتقدير الاحتمالات.
وأشار الباحثون إلى أن إجابات النظام التفصيلية أسهمت في رفع تقييمه، مؤكدين أن الدراسة اقتصرت على أدائه منفردًا دون دراسة كيفية تعاونه مع الأطباء.
وكانت شركة OpenAI قد أعلنت حديثًا إطلاق الإصدار الكامل النهائي o1، بالإضافة إلى الإصدار الجديد o3 الذي أظهر تحسينات كبيرة في التفكير التحليلي، لكن ما زالت هناك انتقادات للنموذج بشأن التكلفة المرتفعة للفحوصات التي يقترحها، وصعوبة تطبيقها في بيئات الرعاية الصحية الفعلية.
وحذر رودمان من المبالغة في التوقعات قائلًا: “إن هذه دراسة معيارية. وهي تستخدم معايير “ذهبية” لتقييم الأطباء البشريين، لكنها لا تعكس واقع الرعاية الطبية. لا تتخلوا عن أطبائكم لصالح o1″.
ودعا الباحثون إلى تطوير طرق تقييم أنظمة الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي تشمل تجارب سريرية واقعية وبنية تحتية تقنية متقدمة لتعزيز التعاون بين الأطباء والذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي ومنع فقدان البصر
في المملكة المتحدة، تدعو هيئة الخدمات الصحية الوطنية المرضى إلى إجراء فحص العين السكري كل عام أو عامين.
أما في الولايات المتحدة فتنص المبادئ التوجيهية الأمريكية على أن كل شخص بالغ مصاب بداء السكري من النوع الثاني، يجب أن يخضع للفحص عند تشخيص مرض السكري، ويصبح فحصه سنوياً إذا لم تظهر لديه مشاكل.
وتقول روماسا تشانا، أخصائية شبكية العين في جامعة ويسكونسن ماديسون في الولايات المتحدة: “هناك أدلة واضحة جداً على أن الفحص يمنع فقدان البصر”.
وتشمل العوائق، التكلفة والتواصل والراحة، وتعتقد الدكتورة تشانا أن تسهيل الوصول إلى الاختبارات من شأنه أن يساعد المرضى.
ولفحص اعتلال الشبكية السكري، يلتقط المتخصصون الصحيون صوراً للجدار الداخلي الخلفي للعين، المعروف باسم قاع العين.
وتضيف الدكتورة تشانا أن تفسير صور قاع العين يدوياً في الوقت الحالي “يتطلب الكثير من العمل المتكرر”، لكن يعتقد البعض أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسرع العملية ويجعلها أرخص.
ويتطور اعتلال الشبكية السكري في مراحل واضحة إلى حد ما، مما يعني أنه يمكن تدريب الذكاء الاصطناعي على اكتشافه. وفي بعض الحالات، يمكنه أن يقرر ما إذا كانت هناك حاجة إلى إحالة المريض إلى أخصائي عيون، أو يعمل بالتوازي مع فاحصي الصور البشريين.
وقد طورت شركة “Retmarker” للتكنولوجيا الصحية، ومقرها البرتغال، أحد هذه الأنظمة، حيث يحدد نظامها صور قاع العين التي قد تكون فيها المشكلة ويرسلها إلى خبير بشري لمزيد من التحقيق.
ويقول جواو ديوجو راموس، الرئيس التنفيذي للشركة: “نستخدم النظام عادةً كأداة دعم لتقديم المعلومات للإنسان لاتخاذ القرار”.
ويعتقد راموس أن الخوف من التغيير يحد من استخدام أدوات التشخيص المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل هذه.
وأشارت دراسات مستقلة إلى أن الأنظمة مثل “Retmarker Screening” و”Eyenuk’s EyeArt”، تتمتع بمعدلات مقبولة من “الحساسية والخصوصية”.
والحساسية هي مدى جودة الاختبار في اكتشاف المرض، في حين أن الخصوصية هي مدى جودته في اكتشاف غياب المرض.
وبشكل عام، قد ترتبط الحساسية العالية جداً بزيادة في التشخيص الكاذب، فحالات الإصابة الكاذبة تخلق كلاً من القلق والتكاليف، حيث تؤدي إلى زيارات غير ضرورية للأخصائيين. وبشكل عام، يمكن أن تؤدي الصور ذات الجودة المنخفضة إلى تشخيص كاذب في أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وكان باحثو الصحة في شركة غوغل يدرسون نقاط الضعف في نظام الذكاء الاصطناعي، الذي طوروه للكشف عن اعتلال الشبكية السكري، فقد كان أداؤه مختلفاً تماماً عند تجربته في تايلاند، مقارنة بالسيناريوهات الافتراضية.
وإحدى المشكلات هي أن الخوارزمية تتطلب صوراً نقية لقاع العين، وكان هذا بعيداً كل البعد عن حقائق العدسات المتسخة أحياناً، والإضاءة غير المتوقعة، ومشغلي الكاميرات بمستويات مختلفة من التدريب.
وتثق شركة “غوغل” بما يكفي في نموذجها لدرجة أنه في أكتوبر أعلنت الشركة أنها ترخصه لشركاء في تايلاند والهند.
كما قالت إنها تعمل مع وزارة الصحة العامة التايلاندية لتقييم فعالية الأداة من حيث التكلفة. والتكلفة تعد جانباً مهماً للغاية في التكنولوجيا الجديدة.
ويقول راموس إن خدمة “Retmarker” قد تكلف حوالي 5 يورو لكل فحص، على الرغم من الاختلافات وفقاً للحجم والموقع. ففي الولايات المتحدة، يتم تسعير الفواتير الطبية بنسبة أعلى بكثير.
وفي سنغافورة، قارن دانييل إس دبليو تينج وزملاؤه تكاليف ثلاثة نماذج لفحص اعتلال الشبكية السكري.
وكان سعر التشخيص البشري عالياً، ومع ذلك، لم تكن الأتمتة الكاملة هي الأرخص، لأنها كانت تحتوي على المزيد من التشخيص الخاطئ.
وكان النموذج الهجين هو الأكثر تكلفة، حيث تم إجراء التصفية الأولية للنتائج بواسطة الذكاء الاصطناعي، قبل أن يتولى البشر الأمر.
وتم دمج هذا النموذج الآن في منصة تكنولوجيا المعلومات الوطنية التابعة لخدمة الصحة في سنغافورة وسيتم تشغيله في عام 2025.
ومع ذلك، يعتقد البروفيسور تينج أن سنغافورة تمكنت من تحقيق وفورات في التكاليف لأنها تمتلك بالفعل بنية تحتية قوية لفحص اعتلال الشبكية السكري.
ويقول بلال متين، كبير مسؤولي الذكاء الاصطناعي في منظمة “PATH” غير الحكومية الصحية، إن بيانات فعالية التكلفة حول أدوات الذكاء الاصطناعي للحفاظ على البصر كانت قوية إلى حد ما في البلدان الغنية مثل المملكة المتحدة، أو في عدد قليل من البلدان ذات الدخل المتوسط مثل الصين، لكن هذا ليس هو الحال بالنسبة لبقية العالم.
ويحث الدكتور متين: “مع التقدم السريع في ما يمكن للذكاء الاصطناعي تحقيقه، يجب أن نطرح أقل تساؤلات حول ما إذا كان ذلك ممكناً، وأكثر حول ما إذا كنا نبني من أجل الجميع أم فقط من أجل القلة المميزة، نحن بحاجة إلى أكثر من مجرد بيانات فعالية من أجل اتخاذ قرارات فعالة”.
وتشير الدكتورة تشانا إلى فجوة المساواة الصحية حتى داخل الولايات المتحدة، والتي تأمل أن تساعد هذه التقنية في سدها، وتقول “نحن بحاجة إلى توسيعها إلى الأماكن التي لديها وصول أكثر محدودية إلى رعاية العيون”.
كما تؤكد على أن كبار السن والأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الرؤية يجب أن يروا أطباء العيون، وأن راحة الذكاء الاصطناعي للكشف الروتيني عن أمراض العيون السكرية لا ينبغي أن تردع الانتباه إلى جميع أمراض العيون الأخرى. وقد ثبت أن حالات العين الأخرى، مثل قصر النظر والجلوكوما، أكثر صعوبة بالنسبة لخوارزميات الذكاء الاصطناعي للكشف عنها.
ولكن حتى مع هذه التحذيرات، تقول الدكتورة تشانا إن “التكنولوجيا مثيرة للغاية”، مضيفة “أود أن أرى جميع مرضانا المصابين بالسكري يتم فحصهم في الوقت المناسب. وأعتقد أنه بالنظر إلى العبء الذي يشكله مرض السكري، فإن هذا حل رائع حقاً”.
توقع مضاعفات المرض
أثبت الذكاء الاصطناعي قدرته على قراءة التقارير التي يعدها الأطباء والتنبؤ بدقة بمخاطر الوفاة ودخول المستشفى مجدداً والمضاعفات المحتملة الأخرى.
وتولى ابتكار البرنامج فريق من كلية غروسمان للطب التابع لقسم لانغون للدراسات الصحية بجامعة نيويورك، ويخضع البرنامج للاختبار حاليا في عدد من المستشفيات الشريكة للجامعة بهدف تعميم استخدام هذه التقنية بالوسط الطبي مستقبلا.
ونشرت مجلة “نيتشر” (Nature) العلمية دراسة عن المنافع المحتملة من الاستعانة بهذا البرنامج.
وتم تشكيل نموذج التوقعات المسمى “نيوترون” (NYUTron) انطلاقا من ملايين الملاحظات الطبية التي تتضمنها ملفات 387 ألف مريض عولجوا بين يناير 2011 وماي 2020 بالمستشفيات المرتبطة بجامعة نيويورك.
وشملت هذه الملاحظات تقارير الأطباء المكتوبة، والملاحظات عن تطور وضع المريض، وصور الأشعة السينية والأجهزة الطبية، والتوصيات المقدمة للمرضى عند مغادرتهم المستشفى، ويبلغ إجمالي الكلمات التي تتضمنها 4.1 مليارات كلمة.
وكان أبرز تحديات البرنامج النجاح في تفسير اللغة التي يستخدمها الأطباء، إذ إن لكلٍّ منهم مصطلحاته التي تختلف بشكل كبير عن الآخر وخصوصا لجهة الاختصارات.
وتم اختبار البرنامج في ظروف حقيقية، لا سيما من خلال التدريب على تحليل تقارير مأخوذة من مستشفى في مانهاتن، ثم مقارنة النتائج بنتائج مستشفى في بروكلين لمرضى مختلفين.
ومن خلال درس ما حدث للمرضى فعليا، تمكن الباحثون من قياس عدد المرات التي صحّت فيها تنبؤات البرنامج.
وجاءت النتيجة مدهشة، إذ تبيّن أن برنامج “نيوترون” تمكّن من التنبؤ قبل خروج المرضى من المستشفيات المشاركة في الدراسة بوفاة 95 في المائة ممن فارقوا الحياة بالفعل لاحقا، وصحّت توقعاته بشأن 80 في المائة من أولئك الذين أعيد إدخالهم إلى المستشفيات بعد أقل من شهر على خروجهم منها.
واتسمت هذه النتائج بدقة تَفوق توقعات معظم الأطباء وتتجاوز أيضا توقعات النماذج المعلوماتية غير القائمة على الذكاء الاصطناعي المستخدمة حاليا.
غير أن المفاجأة كانت أنّ طبيبا ذا خبرة كبيرة، ويحظى باحترام واسع في الوسط الطبي، أعطى توقعات “أفضل حتى من تلك التي أعطاها البرنامج” على ما شرح إريك أورمان جراح الأعصاب ومهندس الحاسوب بكلية الطب في نيويورك، والمعد الرئيس للدراسة التي نشرت بمجلة “نيتشر”.
كما نجح البرنامج بنسبة 79 في المائة في توقع مدة بقاء المرضى في المستشفى، وبنسبة 87 في المائة في توقع حالات امتناع الجهات الضامنة وشركات التأمين عن تغطية نفقات الرعاية الطبية التي دفعها المرضى، وبنسبة 89 في المائة في توقع الحالات التي عانى فيها المرضى مشاكل صحية إضافية.
وشدد الدكتور أورمان على أن الذكاء الاصطناعي لن يحل أبدا محل العلاقة بين المريض والطبيب، لكنه قد يتيح “توفير مزيد من المعلومات (..) للأطباء لتمكينهم من اتخاذ “قرارات مستنيرة”.
ثورة في عالم طب الأسنان
كشفت دراسة طبية متعددة الجنسيات عن إمكانات الذكاء الاصطناعي غير المسبوقة في تحليل الصور الشعاعية البانورامية للأسنان. وتعد الأشعة البانورامية هي الأكثر شيوعاً في تشخيص أمراض الفم.
ووفقاً لتقارير وزارة الصحة السعودية، فقد تم إجراء 7 ملايين إجراء علاجي ووقائي في عيادات طب الأسنان خلال عام واحد. وتشمل هذه الإجراءات استخدام الأشعة السينية البانورامية.
الدراسة، التي نُشرت في فبراير 2025 على منصة الأبحاث العلمية “أرخايف” (arXiv)، جاءت ثمرة تعاون دولي بين جامعة تايوان الوطنية (National Taiwan University)، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (Massachusetts Institute of Technology – MIT)، ومركز جامعة رادباود الطبي في هولندا (Radboud University Medical Centre). ويأتي هذا التعاون في إطار اهتمام متزايد بدمج أدوات الذكاء الاصطناعي في المنظومات الصحية، لتقديم رعاية صحية أكثر كفاءة، وعدالة في الوصول.
ما كشفت عنه الدراسة كان مذهلاً بكل المقاييس:
-تشخيص أدق من البشر: أظهرت الخوارزميات المستخدمة قدرة فائقة على اكتشاف أمراض ما حول القمة الجذرية (خراجات الأسنان) بنسبة حساسية تفوق أداء الأطباء بنسبة 67.9 في المائة.
-سرعة مذهلة: استطاع النظام الذكي تحليل الصور بسرعة تفوق الأطباء بـ79 مرة، مما يعني تقليصاً كبيراً في وقت الانتظار في العيادات، والمستشفيات.
-قابلية التعميم عبر القارات: تم تدريب النموذج وتحليله على بيانات من ثلاث دول مختلفة -هولندا، البرازيل، وتايوان-ومع ذلك، حافظ على دقة تحليل بلغت 96.2 في المائة في ثماني حالات سريرية مختلفة، ما يعكس قدرة النظام على التكيف مع تنوع الصور، والديموغرافيات السكانية. بينما لا تزيد دقة تحليل أكثر استشاري طب الأسنان خبرة عن 65 في المائة.
-دقة في تحديد الأسنان المفقودة، ما يسهم في تحسين خطط العلاج، وإعادة التأهيل لصحة الفم.
-الكشف المبكر عن الأورام السرطانية بمعدل سنتين قبل اكتشافه بالعين المجردة.
ومن أبرز ما سلطت عليه الدراسة الضوء هو قدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث فرق في الأماكن التي تعاني من نقص في أطباء الأسنان. إذ يمكن توظيف هذا النظام باعتباره أداة داعمة في العيادات الريفية، أو مراكز الصحة الأولية، ليقدم تشخيصاً أولياً عالي الدقة، بل وحتى ليكون منصة تعليمية للأطباء المبتدئين.
وشارك في إعداد الدراسة عدد من الباحثين البارزين، من بينهم: البروفسور ين – تشيه تشيلسي وانغ، و(Yin – Chih Chelsea Wang)، والبروفسور تسو – مينغ هاري هسو (Tzu – Ming Harry Hsu). وهو ما يعكس الطابع العالمي، والشمولي للبحث، حيث تتلاقى العقول من مختلف أنحاء العالم لدفع عجلة الابتكار الطبي.
ورغم التقدم العالمي، لا تزال بعض دول العالم العربي تواجه تحديات في مجال التشخيص الشعاعي، سواء بسبب نقص الأجهزة الحديثة، أو قلة الكوادر المتخصصة. وهنا تأتي فرصة حقيقية للاستفادة من هذه التكنولوجيا. إذ يمكن إدماج مثل هذه الأنظمة في مراكز الأشعة، والجامعات الطبية لتطوير جودة الرعاية الصحية، وتقليل التكاليف، دون الاعتماد المطلق على العنصر البشري.
وتكون مفيدة جداً للمناطق النائية، والأرياف في العالم العربي وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، ففي بعض الدول العربية، مثل مصر، تشير الدراسات إلى وجود طبيب أسنان لكل 1328 مواطناً، مع تركز الأطباء في المدن الكبرى، مثل القاهرة، والجيزة بنسبة 37 في المائة، بينما تعاني المناطق النائية، مثل الصعيد، من نقص حاد، حيث لا تتجاوز النسبة 6 في المائة من إجمالي الأطباء المتوفرين. ويمكن أن تكون هذه التقنية إنقاذاً كبيراً لأهالي هذه المناطق.
ومن المتوقع أن تُدمج هذه التكنولوجيا في أنظمة إدارة العيادات، وتخطيط الجراحات، وحتى في التنبؤ بمشكلات الأسنان المستقبلية بناءً على أنماط البيانات.





