
الأخبار
أفادت مصادر موثوق بها بأن المتورطين في فضيحة التلاعب في الأحكام القضائية باستئنافية تطوان مثلوا من جديد، في أول جلسة محاكمة بين أيدي قضاة غرفة جرائم الأموال الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، وذلك من أجل الشروع في الشوط الثاني من هذه المحاكمة المثيرة، بعد حسم المرحلة الابتدائية بإدانة المتهم الرئيسي، وهو قاض سابق بمحكمة الاستئناف بتطوان، ومحامين وقاض ووسطاء واثنين من أبنائه بأحكام قضائية تراوحت بين الحبس النافذ وموقوف التنفيذ والبراءة.
تغيب ابني القاضي
أكدت مصادر «الأخبار» أن الهيئة القضائية قررت تأجيل الشروع في مناقشة الملف، بسبب تخلف بعض المتهمين عن الحضور، بينهم ابنا القاضي المتهم الرئيسي في الملف، ويتعلق الأمر بمحامية تابعة لهيئة الجديدة، وشقيقها الموثق ورجل الأعمال.
وكانت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط قد حسمت، بداية شهر غشت الماضي، ملف «قاضي استئنافية تطوان» ومن معه، حيث أصدرت أحكامها الابتدائية في حق المتهمين العشرة، الذين يتابع ثلاثة متهمين منهم في حالة اعتقال، بينهم قاض رئيس غرفة سابق بمحكمة الاستئناف بتطوان، ومحاميان بهيئة تطوان، فيما توبع الآخرون في حالة سراح، بينهم ابنا القاضي المتهم الرئيسي في الملف.
وضمن تفاصيل الأحكام التي تراوحت بين البراءة وثلاث سنوات حبسا نافذا، مرفوقة بمجموع غرامات مالية ناهزت 200 مليون سنتيم، أدانت الهيئة القضائية المتهم الرئيسي، وهو قاض سابق بغرفة الجنايات باستئنافية تطوان بثلاث سنوات حبسا نافذا، وغرامة 300 ألف درهم، كما وزعت أربع سنوات بالتساوي على محاميين من هيئة تطوان، وغرامة مالية بلغت في مجموعها 37 مليون سنتيم.
وبخصوص باقي المتهمين المتابعين في حالة سراح وعددهم سبعة، فقد أدانت الهيئة القضائية المذكورة قاض مستشار بمحكمة الدار البيضاء بسنتين حبسا، في حدود سنة نافذة وموقوفة التنفيذ في الباقي، وغرامة مالية قدرها 175 ألف درهم، وهي العقوبة الحبسية نفسها التي شملت مقاولا بتطوان، مع تغريمه مبلغا كبيرا بلغ 25 مليون سنتيم، كما أدانت محاميا بهيئة الدار البيضاء بسنتين حبسا في حدود سنة نافذة وموقوفة التنفيذ في الباقي، مع غرامة مالية بلغت 10 ملايين سنتيم.
باقي الأحكام شملت ابني القاضي السابق باستئنافية تطوان، وهما موثق أدانته المحكمة بسنتين حبسا موقوف التنفيذ، وهي العقوبة ذاتها التي أدينت بها شقيقته المحامية بهيئة الجديدة، كما أدانت المحكمة محاميا بهيئة تطوان بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ، فيما متعت المتهم العاشر وهو منتدب قضائي باستئنافية الحسيمة بالبراءة.
وكان هذا الملف المثير قد شهد أطوارا ساخنة، خلال جلسة البت النهائي في المرحلة الابتدائية، حيث تميزت بحضور زوجة القاضي صاحبة التسريبات التي فجرت الفضيحة سنة 2023، عن كل التفاصيل المرتبطة بجرائم التلاعب في الأحكام القضائية مقابل تلقي رشاوى مالية، وصرحت المعنية أمام الحضور بصحة الاتهامات التي وجهتها إلى زوجها ضمن شكايتها الأولى، كما أسهبت في سرد تفاصيل جد خطيرة ودقيقة تتعلق بطبيعة بعض الملفات التي تلاعب فيها، وتفاصيل الرشاوى التي تلقاها مقابل التأثير في الأحكام ومآلات الملفات الرائجة بين يديه، كما تحدثت عن مشترياته وبعض تجليات الفساد المالي المنسوب إليه، فضلا عن علاقاته وممتلكاته.
مواجهات حارقة
كانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء والنيابة العامة، ثم القاضية المكلفة بالتحقيق لدى محكمة الاستئناف بالرباط، قد نجحوا في سبر أغوار هذا الملف القنبلة الذي تفجر باستئنافية تطوان، حيث جرت مواجهات حارقة بين كل المتهمين الذين وردت أسماؤهم في التسجيلات المسربة من طرف زوجة أحد القضاة المتابعين في الملف، فضلا عن إجراء خبرات تقنية موازية على هواتف المتهمين وحساباتهم البنكية، قبل أن تتخذ قاضية التحقيق قرارات تقضي بمتابعة قاض مستشار سابق بمحكمة الاستئناف بتطوان في حالة اعتقال رفقة محامين، فيما قررت متابعة سبعة آخرين في حالة سراح، بينهم أربعة محامين، ضمنهم ابنة القاضي، إضافة إلى ابن آخر له يشغل مهمة موثق ورجل أعمال في الآن نفسه.
وضمن التفاصيل شملت لائحة المتهمين في هذا الملف قاضيين متقاعدين من مواليد سنتي 1959 و1957، سبق أن اشتغلا معا بمحكمة الاستئناف بتطوان، حيث تفجرت الفضائح، ثم منتدب قضائي لدى استئنافية الحسيمة من مواليد السبعينيات، ومحامية بهيئة الجديدة من مواليد 1990، وموثق من مواليد 1986، ثم ربة بيت من مواليد 1978 وهي موظفة سابقة بإحدى الجماعات نواحي تطوان، إضافة إلى مقاول من مواليد 1958، فضلا عن أربعة محامين آخرين، ثلاثة منهم ينتمون إلى هيئة المحامين بتطوان، ورابعهم من هيئة المحامين بالدار البيضاء.
وتعود أطوار هذا الملف المثير والمرتبط بتسجيلات جد خطيرة منسوبة لزوجة القاضي المعتقل إلى سنة 2023، أكدت أن زوجها القاضي إلى جانب قضاة ومحامين وموظفين تورطوا في التلاعب في أحكام قضائية، مقابل تسلم رشاوى وامتيازات، كما صرحت بفضائح السمسرة في محكمة الاستئناف بتطوان وشبهات بيع الأحكام، مضيفة أن زوجها كان يتاجر في قضايا معروضة عليه، برفقة محامين وغيرهم من السماسرة، وبسطت المعنية فضائح بالجملة في شكاية رسمية، تتهم فيها الزوج القاضي ببيع أحكام قضائية، مع تقديمها لتسجيلات في الموضوع إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بتطوان.





