شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

فلسفة الرئيس..

يونس جنوحي

 

لماذا يصلح المستشارون الاقتصاديون في الولايات المتحدة ما دام الرئيس ترامب لا يستشير أحدا منهم؟

في ولاية الرئيس السابق جو بايدن، نُشرت مقالات في صحف اقتصادية أمريكية، بعضها مغمور ومحلي على مستوى الولايات، تدعو الرئيس إلى تصحيح ما يرونه أخطاء ارتكبها الرئيس ترامب في الولاية السابقة. وبحسب هؤلاء، فإن أم الأخطاء كان ما أسموه “التودد” إلى الروس وتوسيع الهوة مع الصين.

ورغم أن ترامب وصل في مساعيه إلى درجة مصافحة رئيس كوريا الشمالية، وتخطي جدار الصقيع الضارب بين هذه الأخيرة وبقية دول العالم، إلا أن الأمر لا يعتبره هؤلاء الخبراء والمتخصصون إنجازا مؤثرا على الاقتصاد، بقدر ما يرتبط بأزرار إطلاق الصواريخ التي سوف تُنهي الحياة فوق كوكب الأرض.

اليوم يعيش العالم على تداعيات قرار زيادة نسبة الضرائب الذي من شأنه أن يرفع أسعار المنتجات الأمريكية، وقد يؤدي أيضا إلى تضخم “لن تُحمد عواقبه”.

المديح الذي صاحب وصول ترامب إلى الرئاسة بعد قصة تستحق أن تُصور في هوليوود، تحول الآن إلى لوم واتهام باللعب بالنار.

الاتحاد الأوروبي غاضب، ورؤساء مؤسسات اقتصادية أوروبية كبرى يحسون اليوم أن الرئيس ترامب يلعب معهم لعبة السقوط الحر في حفرة لا أحد يملك فكرة عن مقدار عمقها. في حين أن أنصار ترامب يؤمنون أكثر من أي وقت مضى بأنه سوف يُرجع أمريكا عظيمة مرة أخرى.

في تاريخ الولايات المتحدة، رُوجت قصص أوروبيين عانوا الاضطهاد في بلدانهم ووصلوا إلى قمة الاقتصاد الأمريكي وأثروا في الحياة الاقتصادية والسياسية للأمريكيتين.

أثرياء من أوروبا الشرقية عانوا من التضييق وهاجروا إلى أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وضاعفوا ثروتهم وساهموا في صنع مجد اقتصاد أمريكا، أقوى اقتصاد في العالم.

وحتى في الفن، هرب شارلي شابلن، أسطورة السينما والأفلام في القرن الماضي، من كماشة أوروبا المُدمرة، وتربع على عرش الإنتاج السينمائي وبعثته الولايات المتحدة من رماده.

شخصيات أخرى من الشرق والغرب، لا يتسع المجال لذكرها، ساهم النموذج الأمريكي في صناعة إمبراطوريتها المالية بمجرد وصولها إلى الضفة الأمريكية.

حسنا، الآن سوف تصير المعادلة معكوسة. بحسب ما يتوقعه الرافضون لقرار ترامب، المتعلق بالضرائب، فإن قصص النجاح سوف تحزم أمتعتها إلى خارج الولايات المتحدة لأول مرة بعد قرن من احتكار الأمريكيين لصناعة النجاح.

شركات كبرى يُتوقع أن ترفع أسعار منتجاتها مما سوف يعرضها لأضرار كبيرة ويؤثر على مستواها في المنافسة داخل السوق العالمية.

يفترض أن الرئيس ترامب رجل أعمال قبل أن يكون رئيسا. بل إن نموذج إمبراطوريته المالية يُدرس حاليا في عدد من الجامعات حول العالم. فقد مر من مرحلة كونه رجل أعمال مدين للأبناك بملايين الدولارات، وبعض المصادر تؤكد أنه كان مدينا بأزيد من خمسمئة مليون دولار، أي أنه كان تحت الصفر بنصف مليار دولار، إلى رجل يُعد ثروته بالساعة، مراكما ما يزيد عن ستة ملايير من الدولارات.

هذه القفزة الأسطورية، في مجال الأعمال، جعلت ترامب يحوز على احترام أشرس المنافسين الاقتصاديين في الولايات المتحدة. لكن السياسيين يعتبرون أن خبرة الرئيس وحدها ليست كافية. وحاليا يتهمونه باحتكار القرار الاقتصادي، ويستغربون كيف أن ترامب لا يجتمع مع مستشاريه في الاقتصاد.

عقلية رجال الأعمال الأمريكيين تجعلهم دائما يثقون بما يرونه صائبا. ويرددون بسخرية مريرة أن الذين يفترض أن يكونوا مستشارين لهم، كانوا لينجحوا بدورهم في الاقتصاد إن كانوا خبراء فعلا وليس أن يشتغلوا بأجور شهرية في مكتب معالي الرئيس!

هذه الفلسفة يرى معظم الأمريكيين أنها آخر مسمار في نعش الأمل في أن يخرج ترامب اقتصاد أمريكا من عنق الزجاجة.

العالم لا يحتاج أزمة مالية بسبب الضرائب الأمريكية، بقدر ما كان يحتاج إلى فترة راحة من اتخاذ قرارات مماثلة أخرجت العالم مُنهكا من تداعيات كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى