
حسن البصري
يوم الثلاثاء القادم، سيصوت أعضاء مجلس مدينة الدار البيضاء على النقطة المدرجة في جدول أعمال الدورة الاستثنائية لمجلس الجماعة، المتعلقة بـ”الدراسة والتصويت على إحداث شركة المنشآت الرياضية للدار البيضاء”، والتي طالب بإدراجها محمد مهيدية والي جهة الدار البيضاء سطات، في رسالة وجهها لنبيلة الرميلي عمدة المدينة.
شركة “كازا ريجيون سبور” التي تعيش مخاض الولادة في بيت الجماعة الحضرية، حددت مهامها في “تدبير واستغلال وصيانة وتثمين المنشآت الرياضية”، أو هكذا يقول ظاهر مراسلة الوالي، أما باطنها فهو سحب البساط من تحت أقدام المنتخبين حتى لا يجعلوا من ملاعب القرب منطلقا لحملاتهم الانتخابية.
ولادة الشركة الجديدة التي ستلتحق بشقيقاتها “كازا بيئة” “كازا نقل” وغيرهما.. يجعلنا نتساءل عن مدى استفادة الجماعة والمدينة منها، إذ أنها تصنف في خانة الشركات المدعمة ماليا وبشريا.
لهذا بادرت الجماعة إلى تحديد النسل، حين أقبرت شركة التنمية المحلية “كازا للتراث”، التي كانت تعنى بالتراث المعماري والتراث اللامادي للمدينة، وحولتها إلى شركة من زمن مضى.
لن تخرج الشركة الرياضية الوليدة عن سابقاتها، ستحصل على دعم الجماعة وعلى أطر الجماعة وعلى لوجستيك الجماعة، ولأن الحبة والبارود من مجلس الرميلي، فإن غالبية المستشارين سيغادرون بيوتهم صباح يوم التصويت، رافعين أياديهم إلى السماء وهم على أهبة للتصويت بنعم.
بين سطور القرار محاولة لمنع تسلل السياسة إلى ملاعب القرب، لكن هل استند قرار إنشاء الشركة إلى دراسة تعرض أسباب النزول وتكشف بالأرقام حجم توغل السياسي في ملاعب الدروب والأزقة؟
بإمكاننا الاستناد إلى مكتب دراسات يضع أمامنا خريطة ملاعب القرب ويحدد البؤر السياسية فيها، ويحدد هوية المؤطرين انتماءاتهم ويسلط الضوء على المكاسب والمتاعب.
لكن يبدو أن رائحة الانتخابات قد فاحت فعجلت بميلاد شركة لن تنجو من اختراق المنتخبين، بل ستمنحهم هامشا جديدا للاستقواء، حين سيعملون على تشغيل أتباعهم في حراسة الملاعب وتأطيرها وجمع محاصيلها.
لكن على الشركة الوليدة أن تعقد اجتماعا حاسما لترسيم الحدود بينها وبين شقيقتها الكبرى “سونارجيس”، حتى لا تتداخل الاختصاصات وتحصل الاصطدامات، لاسيما وأننا اليوم تجاوزنا ملاعب القرب إلى مسابح القرب ومدارات القرب وقاعات القرب..
صحيح أنه بوجود شركة مشرفة على ملاعب القرب، ستصبح المجانية في خبر كان، وسيتوقف تناسل الجمعيات الرياضية، وستنتهي هيمنة “مول التيران” وريع “التيران” وستصبح مباريات الكرة خالية من الدسم السياسي.
بعض رؤساء المقاطعات يمارسون وصايتهم على جمعيات تم تفريخها لتنعم بمساحة زمنية أوفر في ملاعب القرب، حتى أصبحت هذه المرافق اسما على مسمى: “القرب من الرئيس، القرب من أصحاب القرار، القرب من الوجاهة والابتعاد عن خط الهشاشة.
فهل سيفرز زمن الشركة الجديدة، جمعيات جادة ولاعبين مؤمنين وملاعب صالحة للاستعمال ومؤطرين تتحقق فيهم شروط التأطير، الأخلاقية قبل التقنية؟.
نذكر جميعا ما أفرزته ملاعب القرب من سلوكات ذبحت الروح الرياضية بل اغتصبتها في واضحة النهار، نتذكر حكاية “المؤطر” الذي حول شاطئ الجديدة إلى ملعب للقرب من فتيانه، كانوا تسعة أطفال وعاشرهم مدربهم.
خلف القضبان عشرات المدربين الذين أساؤوا فهم معنى “القرب”، لأنه لا أحد يراقب عملهم، لا أحد يتأكد من تأمين اللاعبين، لا أحد يطالبهم بشهادات حسن السيرة والسلوك. وصحيفة السوابق، المهم أن يرتدي الطفل قميصا ويركض وراء الكرة ويعود إلى البيت منهكا، فتكبر في عين والدته الأحلام وتتراقص أمامها صورته وهو يرتدي قميص المنتخب ويوقع “أوتوغرافات” المعجبين في حيها.
خذوا ملاعبكم ولا تجعلوا من أطفالنا فئران تجارب.





