
محمد اليوبي
كشفت معطيات رسمية، كشف عنها المجلس الأعلى للحسابات، أن الصندوق المغربي للتقاعد يعرف وضعية مالية صعبة، إذ سجل عجزا تقنيا بمبلغ 9,8 ملايير درهم عند نهاية سنة 2023، مما يؤدي إلى تراجع في الأرصدة الاحتياطية للصندوق، التي بلغت 65,8 مليار درهم عند متم سنة 2023، ومن المتوقع، حسب معطيات وزارة الاقتصاد والمالية، أن تستنفد في حدود سنة 2028.
وفي هذا الصدد، صادق المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد على مخطط استراتيجي للسنوات الثلاث المقبلة 2025-2027. وأقر أعضاء المجلس الخطة الجديدة لعمل الصندوق بعد إجراء تقييم لحصيلة المخطط الاستراتيجي 2022- 2024، وتهدف الرؤية الجديدة إلى ترسيخ دور الصندوق كفاعل مرجعي لتقاعد عمومي يطبعه الابتكار والمرونة والاستدامة.
وترتكز الاستراتيجية الجديدة على أربعة محاور رئيسية تهدف إلى تطوير محورية الزبون وفق نهج مبتكر، وتعزيز دور الصندوق كمستثمر مؤسساتي فعال ومسؤول، إضافة إلى تدعيم ثقافة جودة الأداء والتميز العملياتي وتعزيز الحكامة وتطوير المسؤولية المجتمعية. ولتحقيق هذه الأهداف، يعتمد الصندوق على ثلاث ركائز أساسية تتمثل في تطوير الكفاءات وتعزيز الذكاء الجماعي، وتسخير الابتكار والتكنولوجيا الحديثة لتحسين جودة الخدمات، وتعميق التعاون مع مختلف الشركاء على المستويين الوطني والدولي.
وأفادت مصادر مطلعة بأن حصيلة المخطط الاستراتيجي 2022- 2024 للصندوق المغربي للتقاعد، حققت نسبة أداء جيدة بلغت 87 بالمائة. وتعكس هذه النسبة، حسب المصادر، الجهود المستمرة التي تبذلها المؤسسة لعصرنة أساليب عملها وتحسين خدماتها.
وساهمت العديد من العوامل في تحقيق هذا الأداء، من بينها الالتزام القوي لمستخدمي وأطر المؤسسة، والتعاون الفعال مع الشركاء المؤسساتيين، كما اعتمد الصندوق إجراءات صارمة لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية وإدارة المشاريع من خلال نظام لتقييم تحقيق الأهداف، مدعوما بهيئات الحكامة الداخلية ومؤشرات أداء رئيسية (KPIs) ذات أهداف محددة.
واعتمد الصندوق استراتيجية جديدة لتدبير وتحسين تجربة الزبناء من خلال تطوير رؤية متكاملة بشأنها، ما مكنه من تحسين مستوى رضا المرتفقين بشكل ملحوظ، ولتحقيق ذلك، قامت المؤسسة بإعادة تصميم ورقمنة جزء كبير من مسارات المرتفقين لجعلها أكثر سلاسة وسهولة، مع تبسيط الإجراءات الإدارية.
وبفضل هذه التطورات، تضيف المصادر ذاتها، أصبحت أكثر من 50 بالمائة من المسارات رقمية بالكامل، كما أن البوابة الإلكترونية للصندوق تقدم حاليا أكثر من 45 خدمة رقمية. وبالموازاة مع ذلك، تم تحديث آلية الإنصات إلى المرتفقين خلال إحداث نظام لإدارة ردود الفعل يعتمد على قنوات متعددة. ويساعد هذا النظام على فهم انتظارات المرتفقين بشكل أفضل وتطوير الخدمات بشكل مستمر للاستجابة لهم على النحو الأمثل، وإضافة إلى ذلك، بلغ معدل احترام الآجال المحددة في ميثاق الخدمات لمعالجة الملفات 98 بالمائة، مما ساهم في ارتفاع معدل رضا المرتفقين إلى 91 بالمائة.
وفي سياق يتميز بتزايد احتياجات تمويل نظام المعاشات المدنية والتطور المستمر الذي تعرفه الأسواق المالية، سيما في ظل التحديات الاقتصادية، ركزت الاستراتيجية الاستثمارية للصندوق للفترة 2022- 2024 على إدارة المخاطر بشكل صارم، واعتماد نهج ديناميكي في القطاعات التقليدية (الأسهم والسندات)، بالإضافة إلى البحث عن فرص جديدة في المنتجات البديلة، مثل العقارات والأسهم الخاصة.
وبناء على ذلك، تم إيلاء اهتمام خاص للمنتجات البديلة، سيما العقارات والأسهم الخاصة. وأبرزت المصادر أن العقارات رسخت مكانتها كركيزة استراتيجية للمحفظة الاستثمارية، حيث تمثل ما يقرب من 30 بالمائة من إيرادات نظام المعاشات المدنية وحوالي 20 بالمائة من البنية الإجمالية للمحفظة المالية. وفي إطار تحسين الاستثمارات العقارية، قام الصندوق لأول مرة بإحداث عمليات تمويل الديون البنكية في السوق المغربية، عبر هيئات التوظيف العقاري، وتم التفاوض على هذه التمويلات مع العديد من البنوك المحلية، من خلال آليات تتيح تحسين مردودية الاستثمارات، وترشيد الموارد المالية واستغلال فرص استثمارية جديدة.
هذا وشكلت سنة 2024 نقطة تحول رئيسية للمؤسسة من حيث تحديد واختيار استثمارات الأسهم الخاصة وتقييم العديد من الفرصة الاستثمارية في إطار دعوة لإبداء الاهتمام بعروض أطلقها صندوق محمد السادس للاستثمار، وعلى إثرها قام الصندوق باختيار دفعة أولى من هيئات التوظيف الجماعي وفقا لاستراتيجية الاستثمار المعتمدة من قبل المجلس الإداري.
ويتمحور المخطط الاستراتيجي للصندوق المغربي للتقاعد 2025- 2027 حول 17 هدفًا مقسمة إلى 61 مشروعًا هيكليًا، تهدف إلى تحديث الخدمات وتحسين الاستثمارات وتعزيز الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية. ويروم هذا المخطط على وجه الخصوص تسريع التحول الرقمي، وتحسين تجربة الزبناء من خلال مركز اتصال موحد ووكالة رقمية، فضلاً عن تطوير نهج استباقي لضمان حقوق المنخرطين والمتقاعدين، ويتضمن هذا المخطط أيضا الانفتاح على أدوات مالية جديدة وتعزيز اعتماد مبادئ الاستثمار المسؤول.