الرأي

من قال إن الدمى لا تبكي؟

قد تنظر للكحل الأسود في عيني ويبدو لك الفرح ببريقه نيازك كنا ذات يوم نمتطيها. الحزن يشلني، لكنك لن تجعل الدمع من جديد يخلط اللون الزهري على خدي. سأعيش حياتي بكل ما في الأمواج العاتية من قوة، وسترى أحمر الشفاه ينتقم من غيرتك ومن جبروتك.. وستحاول الانتقام مني، بإغواء كل أنثى تصادفها أو تتفرس فيها لإثارة جنوني، لكن لن أهتم ولن أوقظ تلك الذكريات البريئة التي احتفظت بها ذات يوم لأسترجعها ساعات غضبي منك، كي أسامحك، وأحن للاعتذار عن أخطاء لم أفعلها، وأذرف الدمع على الخد الشاحب، من طول ليالي السهر والسهاد.. قد يلومني البعض كوني أدون رسائل حب والعالم يموج في صراعات عظيمة تمس أمن البلاد ووحدته، من قال إن الحب لا ينتمي لوحدة البلاد؟ أن يعلن «سارق الحب» انتماءه لأنثى غير التي وهبته دولاب العمر بكل ما يحمله من أسرار قبعة الساحر.. أليس خيانة عظمى ومساسا بكل مقدس..؟ لكن الوطن أنزه من حب رجل خائن، الوطن أقوى وأعمق من أن يمثل بتمثيلية رجل طاعن في الغدر.. غير أن من يخون حبيبته يخون وطنه.
ابتغيت سبلا كثيرة كي أكرهك، ورحت ألم شتات كل الجراح بداخلي، فوجدتني أبني مملكة مظلمة ما حسبت يوما أن لبناتها كانت هداياك.. الورد الأحمر في يدي أصبح شوكا، العطر الذي بللت به جيدي أصبح سما ينفذ لمسامي، كتبك الموقعة بحبر أزرق داكن أصبحت أراه لونا للدم والثورة.. بطاقات المدن التي زرتها ووقعتها من أجلي.. والخاتم الذي انتظرت أن تحضره لي بعدما علمت أن خنصرك يساوي بنصري.. ولم تخرجه ولا مرة من حقيبة سفرك.. وأنت تقطع كما أنا الكيلومترات لتضمني.. والمحطات، لعنتها لا تزال في غيابك تلاحقني، ما عادت هناك مواعد جديدة لتجمعنا، ولا مقاه شعبية لتستهوينا، ولا بحر يضمنا، ولا بيت ندخر مصروفه من عرق جبيننا لنكون فيه معا.. وعودك أتلفت كورودك! صادقة أتساءل هل نسيت أم تناسيت الوعد الذي ضمت فيه كفك كفي،.. كتمثال منحوت ممجد.. أعقبته تراتيل العهد «أن نكون لبعضنا/ونموت مع بعضنا/ويضمنا قبر واحد/ونحاسب حسابا واحدا/..»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى