وأخيرا..تم إنقاذ أسرة تعيش في كهف لمدة عشرين سنة بضواحي فاس
فاس: لحسن والنيعام
أنهى تدخل النيابة العامة معاناة أسرة كانت تعيش في أحد كهوف الطين بمنطقة بنجليق بمنتجع سيدي حرازم، لما يقرب من عشرين سنة، وبلغ بها الفقر درجة أنها كانت تعيش على طبخ نباتات تلتقطها في محيط الكهف، وتقتات على خبز يابس تمضي على إعداده عدة أسابيع، بينما تجمعه الأسرة في برميل وتحتفظ به لتصرفه في الحاجة. وقرر وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية إعطاء تعليماته لعناصر الدرك والسلطات المحلية لاستقبال الأسرة التي تتكون من أب كان يعمل في الفخار قبل أن يدخل في فترة عجز عن العمل منذ حوالي سنتين، وثلاثة أبناء صغار لم يتمكنوا من دخول المدرسة، ويمضون أيامهم في ظروف صعبة، حد أنه لم يسبق لهم أن ولجوا إلى الحمام، وأم فقدت توزانها النفسي والعقلي بسبب ما عاشته من محن، وما عاينته من انحدار للأسرة إلى درجة العيش في الخلاء. واستعانت أسرة «ابا ادريس» بـ«الكارطون» وبعض الأخشاب وستائر بالية لصنع هذا الكهف الذي تعيش فيه الأسرة، والذي تتكوم فيه عندما ترغب في النوم، دون أن يمنع ذلك دخول أشعة الشمس الحارة في فصل الصيف، وأمطار التساقطات المطرية أيام الشتاء، حيث يتحول الكهف إلى أوحال. وقال «ابا ادريس. ر»، وهو يشرح انحداره لعدد من الجمعيات التي نسقت مع النيابة العامة والسلطات المحلية هذه المبادرة، إنه كان يملك قطعة أرضية، وكان يشتغل حرفيا معروفا في الفخار، وعاصر عددا من الحرفيين الكبار في مدينة فاس، لكن بعد تحكم بعض النخب المهيمنة على القطاع أفقده قطعة أرضية، كما أفقده عمله، وجعله يدخل في دوامة من العجز انتهت به رفقة أسرته في الكهف.
هذا وكانت فعاليات تنتمي إلى جمعية «الخير للتنمية الاجتماعية» بمنطقة «جنان الورد» عمدت، منذ أيام، إلى تصوير حالة هذه الأسرة، وقالت إن المبرر في ذلك هو التعريف بقضيتها ودعوة الفاعلين المؤسساتيين والجمعويين للتدخل لإنقاذها من هذه المحنة. وتوالت بعد ذلك الزيارات والمبادرات الجمعوية، قبل أن تنسق كل من الجمعية المغربية لمحاربة العنف والتشرد وجمعية «واد الجواهر» مبادرة مع النيابة العامة والسلطات المحلية أنهت محنة هذه الأسرة، حيث قرر وكيل الملك الذي استقبل الأسرة رفقة مجموعة من نوابه وعدد من قضاة المحكمة، ضمنهم قاضي الأحداث، إيداع الزوجة مستشفى ابن الحسن للأمراض النفسية والعقلية، وذلك بغرض تلقي العلاجات من الأزمة النفسية التي تعيشها. وتقرر إحالة الأبناء الثلاثة على مركزين لرعاية الطفولة بالمدينة.
وأشارت المصادر إلى أن إجراءات حسن استقبال الأطفال والزوجة المريضة د اتخذت في هذه المراكز. وأشاد والد الأسرة بهذه المبادرة التي أنهت محنة الأسرة، وقال إنه سيجمع شمل أسرته عندما تتحسن أوضاعه، وتتعافى زوجته. وأشار إلى إيداع أطفاله مركزين للطفولة سيمكنهم من متابعة الدراسة، وهم الذين بدؤوا يتقدمون في السن دون أن تتاح لهم الفرصة لفك طلاسم الكتابة والقراءة.