
فدوى مساط
ظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الاثنين، على شاشات التلفزيون متحمسا كعادته ومحاطا بجيش من المستشارين الطبيين المدنيين والعسكريين، بالإضافة إلى نائبه مايك بنس.
ترامب تحدث كثيرا، شكر نفسه وإدارته كثيرا أيضا، لكنه في نهاية المؤتمر الصحفي حذر الأمريكيين من أنهم سيعيشون واحدا من أسوأ الأسابيع في حياتهم، وأوضح أن الكثير من الناس سيموتون.
ترامب لم يكن الوحيد الذي حذر الأمريكيين من الموت القادم على صهوة هذا الأسبوع، فقد ظهر الجراح العسكري الشهير جيروم أدامز بلباسه الرسمي الداكن على شاشة فوكس نيوز يوم الأحد، وقال بلهجة صارمة إن يوم 16 أبريل سيشكل ذروة انتشار فيروس كورونا في أمريكا. وأضاف أن هذا اليوم سيكون بمثل فداحة هجمات شتنبر على نيويورك، وسيكون ربما أسوأ من اليوم الذي هجمت فيه اليابان على الولايات المتحدة في ميناء «بيرل هاربر» وأطلقت بذلك شرارة دخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية!
هذه التحذيرات المرعبة التي أطلقتها الإدارة الأمريكية مساء الاثنين دفعت الأمريكيين للتعبير عن خوفهم على وسائل الإعلام الاجتماعي التي حفلت بفيديوهات وتدوينات تتساءل عن السبب في «كسوف» قوة أمريكا وتراجع ريادتها للعالم، خصوصا عندما أوردت مواقع محلية أن سلطات مدينة نيويورك تنظر في إمكانية دفن موتى كورونا الذين قارب عددهم 5000 شخص في قبور جماعية!
معلقون أمريكيون استنكروا كيف لدولة عظمى مثل أمريكا أن تعجز عن التعامل مع جثث موتى هذا الفيروس القاتل، ودفنهم بهذه الطريقة المهينة التي ستحرم أحباءهم من زيارة قبورهم والترحم على أرواحهم، ما دفع حاكم نيويورك إلى الخروج من مكتبه ونفي هذا الخبر الذي كاد يتسبب في اندلاع أعمال شغب !
كيفية التعامل مع جثث الموتى ليست المشكل العويص الوحيد الذي تواجهه السلطات المحلية في أمريكا حاليا، فقد ظهر مشكل جديد تسبب فيه فيروس كورونا بشكل غير مباشر وهو الارتفاع الشديد في حالات العنف المنزلي ضد النساء بمختلف الولايات الأمريكية الخمسين.
وأطلقت ماريان هيستر، وهي عالمة اجتماع بجامعة بريستول، صرخة تحذير من أن عدد النساء اللائي قد يفقدن حياتهن بسبب عنف شركائهن في البيت، قد يفوق عدد من قد يمتن من الفيروس!
وتسجل الولايات المتحدة سنويا أكثر من 12 مليون حالة عنف منزلي معظمها يكون ضد نساء، وجاء في دراسة للاتحاد الوطني لمكافحة العنف المنزلي نشرها على موقعه الإلكتروني أن واحدة من بين كل أربع نساء في أمريكا تتعرض لعنف جسيم، وأن واحدة من كل عشر نساء تعرضت للاغتصاب في أمريكا السنة الماضية.
كما أورد المعهد أن الشرطة الأمريكية تتوصل بأكثر من 20 ألف اتصال نجدة من حالة عنف منزلي في اليوم الواحد داخل الولايات المتحدة.
وأوضحت عالمة الاجتماع ماريان هيستر أن فرض الحجر الصحي بات يفاقم من مشكلة العنف الذي تتعرض له النساء الأمريكيات على يد شركائهن، خصوصا إذا كان الشريك يمتلك سلاحا ناريا، إذ أكدت أن احتمال تعرض المرأة للقتل على يد شريك يملك سلاحا يرتفع بنسبة 500 بالمائة.
صرخة هيستر تزامنت مع حملة «أنا هنا من أجلك» التي أطلقها نشطاء على وسائل الإعلام الاجتماعي من أجل نشر «الطاقة الإيجابية»، ومحاولة مساعدة ضحايا العنف، وأيضا الأشخاص في وضعية هشاشة نفسية.
وأعلنت ولايات أمريكية مثل مونتانا وماساشوسيتس، الاثنين، أن عدد الاتصالات التي تتلقاها الخطوط الساخنة المخصصة لمساعدة الأشخاص الذين يفكرون في الانتحار قد تضاعف خلال الأسابيع الثلاثة الماضية!
ويبدو أن التداعيات الكارثية التي سيخلفها فيروس كورونا على الاقتصاد الأمريكي، قد تكون أخف من تلك التي سيخلفها على نفسية الأمريكيين وخصوصا النساء منهم.



