شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

إعصار من نوع آخر

 

 

يونس جنوحي

 

ما يقع في ليبيا يستدعي تدخل صناديق الإغاثة الدولية وليس فُرق الإنقاذ، إذ لا شك أن الوضع الاقتصادي للبلاد أصبح مُقلقا أكثر من أي وقت مضى.

علقت الصحافة الدولية على ما يقع حاليا في ليبيا ووصفته بأنه كارثي ويُنذر بالأسوأ في البلاد على الإطلاق. ليس من الناحية الإنسانية فقط، وإنما على المستوى الاقتصادي أيضا، مما يستدعي تدخل صندوق النقد الدولي مستقبلا.

 

لكن هذا الأخير، يشهد نقاشا محموما هذه الأيام بسبب ما يقع في باكستان. إذ أن الشرطة الباكستانية اعتقلت رئيس وزراء البلاد الأسبق «عمران خان»، الشهر الماضي، بعد صدور حكم ضده بالسجن ثلاث سنوات، على خلفية قضية فساد.

 

رئيس الوزراء السابق حصل على هدايا، خلال مدة عمله في منصبه، ولم يُعلنها للمسؤولين، وباعها بعد انتهاء ولايته. ورغم إنكاره جميع الاتهامات التي وُجهت له، وإعلان دفاعه الشهر الماضي استئناف الحكم، إلا أن موقفه يبقى ضعيفا بعد عجز دفاعه إثبات مصدر المبالغ التي حصل عليها.

صحف دولية كتبت أن باكستان سوف تصبح أكثر اعتمادا على الصين بعد سجن رئيس الوزراء. والسبب، حسب محللين آسيويين الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت في البلاد بسبب تزايد الديون التي تعيق تعافي الاقتصاد الوطني الباكستاني، علما أن أغلب هذه الديون قادمة من الصين.

وتقول التقارير الاقتصادية، إنه بعد عشر سنوات على مبادرة صينية باكستانية أطلق عليها «مبادرة الحزام»، والتي أطلقتها الصين، فإن باكستان أصبحت مثقلة بديون تتجاوز قيمتها عشرات مليارات الدولارات، عبارة عن ديون إضافية وفوائد على الديون الأصلية. علما أن المداخيل التي قيل إن باكستان سوف تحصل عليها من خلال المشاريع المُنشأة بتلك الديون، لم تتحقق، حسب هؤلاء المحللين دائما. وهذا يعني أن البلاد تعيش حالة عجز عن سداد الديون المتراكمة مادامت ليس هناك مداخيل لأداء الأقساط.

 

هناك قلق كبير في آسيا، بعد سجن رئيس الوزراء السابق الذي كان معروفا بالتقارب بينه وبين المسؤولين الصينيين. والآن، بعد مضي عشر سنوات على البرنامج، تدخل صندوق النقد الدولي أخيرا، لإنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادي.

وهكذا، ففي الوقت الذي ينظر فيه البعض إلى صندوق النقد الدولي في انتظار أي إعلان لوجود مخطط أو دراسة لإنعاش الاقتصاد الليبي بعد الكوارث الطبيعية المتلاحقة، فإن مسؤولي الصندوق مشغولون حاليا بالأزمة الباكستانية، حيث قدموا الآن ما قدره مليار ومئتي مليون دولار، والذي يعتبر جزء من المراجعة التاسعة، والتي تقول التقارير الدولية إن انتظارها طال أكثر مما يجب، إلى أن صُرفت الآن.

 

هذا المبلغ الذي قدمه الصندوق الدولي، سوف يساعد باكستان على الوفاء بديونها الفورية، علما أن البلاد مثقلة بديون أخرى متراكمة مصدرها الصين دائما.

وهكذا فإن التخوف الغربي من أن تصير باكستان تابعة للصين، في قادم الأيام لا يزال قائما.

البنوك الصينية تستحوذ على أزيد من 30 بالمئة من مجمل الديون الخارجية الباكستانية. والخطير حسب الخبراء الدوليين، أن أغلب الديون التي حصلت عليها باكستان من الصين، تبقى ديونا فورية بأمد أداء قصير، وهو ما يعني أن الفوائد التي تتبعها تبقى مرتفعة جدا. وفي ظل العجز الذي تعاني من باكستان، فإن هذا يعني أن القروض التي قدمتها الصين، تُفرض عليها الآن فوائد مرتفعة جدا، تفوق فوائد صندوق النقد الدولي ومجموعة الدول الأوروبية.

 

في سنة 2013، بسبب عجز باكستان على الأداء، أعلنت الصين عن خطة شراكة اقتصادية مدتها خمس سنوات. لكن بما أن باكستان عاجزة عن حل مشكل الديون المتراكمة، فإن الخبراء في آسيا يتوقعون أن تستمر الشراكة إلى حدود سنة 2030، وسوف تكلف باكستان أزيد من 62 مليار دولار.

ما حظ ليبيا بعد الكارثة الطبيعية التي دمرت البلاد التي لم يترك فيها سقوط نظام القذافي قبل سنوات أي حظوظ لإنعاش الاقتصاد، في ظل وجود «كوارث» ديون أخرى تعصف باقتصاد الدول وتجعلها تابعة للتنين الصيني، ويعصف بها أكثر مما يفعل أي إعصار على الأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى