شوف تشوف

الرأي

إنها مهزلة فعلا..

يونس جنوحي
بعض الفرق البرلمانية تُصدر بلاغات على شكل أخبار في الصحافة الحزبية تدعو فعلا إلى الضحك. تجد أن هذه الفرق «تُحرج» الحكومة دائما، وترفع المذكرات وتُسائل عن بعض المشاكل في القطاعات لكنها لا تتابعها عن كثب. إنها تُسجل الحضور فقط. والدليل أن هذه الفرق البرلمانية، خصوصا منها المحسوبة على الأغلبية الحكومية، تثير المواضيع بعمر افتراضي لا يتعدى بعض الجلسات البرلمانية، ثم تختفي. «فص ملح وذاب». وهكذا يخيب أمل الفئات التي عولت على هذه الفِرق.
أكبر مثال على هذا الموضوع هو مشاكل منظومة الخدمات الاجتماعية. فقد أثير، خلال الأسبوع  الماضي، في البرلمان موضوع التغطية الإجبارية والتقاعد وما يعرف بمنظومة الحماية الاجتماعية التي تُدبر أساسا من طرف مجموعة من الصناديق، أهمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصندوق منظمات الاحتياط الاجتماعي، الذي يجهل جُل المغاربة وجوده أصلا.
المثير أن بعض البرلمانيين المحسوبين على أحزاب الحكومة، يمارسون المعارضة بين الفينة والأخرى، لكن بعد أن يغادر الوزراء المحسوبون على حزبهم الحكومة. وحتى بمجيء وزير جديد من الحزب نفسه، لا تثار إلا الإشكالات السابقة ويصبح المشهد كله وكأنه تغزّل بالوزير الجديد، ولا تثار المشاكل الحقيقية إلا بعد مغادرته الحكومة. وبطبيعة الحال، لن نعدم أمثلة في هذا الباب.
أكبر دليل على ذلك أن بعض البرلمانيين، خصوصا أصحاب المستويات التعليمية المتواضعة، لا يفرقون بين المسرحيات التي كانت تُبث في ليالي الأعياد الدينية قبل اختراع الأنترنيت وبين الجلسات البرلمانية. وتأكد للمغاربة مرات كثيرة أن بعض جلسات الأسئلة الموجهة للوزراء تصبح مجرد تلاوة لأسئلة مكتوبة سلفا، يتوفر الوزراء على نسخة منها ويتكلف ديوانهم بصياغة أجوبة عنها يتلوها الوزير على مسامع البرلماني الذي وجد بدوره صعوبة كبيرة أثناء تلاوة سؤاله على الوزير. وكثيرا ما ضاع ترتيب الأسئلة والأجوبة، وانفجرت القاعة ضحكا عندما يطرح النائب سؤالا ويجيبه الوزير عن السؤال الذي بعده. كل هذا بالبث المباشر عالي الجودة، ويتابعه كل المغاربة.
نحن الآن على مشارف نهاية النصف الأول من شهر نونبر، أي أن الدخول الجديد لم يعد كذلك، بل صار يشبه أي دخول سياسي وحكومي آخر. رغم أننا بصدد دماء جديدة في كل الوزارات. لنأخذ، مثلا، وزارة التشغيل، فبعد مغادرة الوزير يتيم الذي لقي انتقادات كثيرة جدا بحكم انتمائه النقابي السابق وعدم استجابته لعدد من الدعوات النقابية، ومجيء الوزير أمكراز المتخصص في قانون الأعمال، انتظر عدد من النقابيين، ولا يزالون، انفراجا على مستوى الحوار الاجتماعي الذي عرف أزمة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، بل وأصبح المغرب مع هذه الأزمة استثناء مغربيا حقيقيا، وربما نكون الدولة الوحيدة في العالم التي جاء رئيس الحكومة فيها لحضور احتفالات فاتح ماي وصعد إلى المنصة لكي يمارس المعارضة وينتقد الحكومة!
خلال عمر الحكومة السابقة، كانت الفرق البرلمانية تحاول انتقاد رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران خلال الجلسات الشهرية التي كانت تتحول في أحيان كثيرة إلى ما يشبه سوقا أسبوعيا، بدون غبار طبعا، ويتحول النقاش البرلماني حول القوانين إلى تبادل للكلمات النابية والاستعارات.. ماذا ربح المغاربة؟ أرشيفا من اللقطات المضحكة لا تزال متداولة إلى اليوم.
أخيرا فقط، حاول بعض الشبان المغاربة لقاء فرق برلمانية في الرباط، من أحزاب الأغلبية والمعارضة أيضا، لإقناعهم بالحديث باسمهم في البرلمان ومساءلة الحكومة عن قضية تحويل إنتاج نبتة الكيف إلى الاستعمال الطبي، سيرا على نهج الدول المتقدمة التي أنقذت مناطق مختلفة في العالم من الاستهلاك التقليدي للنبتة مع ما يتبعه من مشاكل قانونية واجتماعية. لكن لا أحد إلى الآن استمع إلى هؤلاء الناس أو حاول دراسة المشاريع التي تقدموا بها لإنهاء مأساة البطالة التي تعشش في مناطق زراعة القنب الهندي، خصوصا بين الشباب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى