
طنجة- محمد أبطاش
كشفت مصادر مطلعة أن وزارة الداخلية شرعت في اعتماد مسطرة جديدة لتسليم الرخص الإدارية والتجارية مباشرة إلى المواطنين بمقاطعات طنجة، حيث انطلقت العملية بشكل رسمي بمقاطعة بني مكادة بالمدينة، في خطوة وُصفت بـ«الحاسمة» لتكريس الشفافية والقطع مع ممارسات غير قانونية راكمت نفوذا ومصالح لسنوات.
وحسب المصادر، فإن القرار، الذي دخل حيّز التنفيذ أخيراً، أثار موجة استياء في صفوف بعض المنتخبين ووسطاء كانوا يراهنون على استمرار ما يُعرف بـ«سمسرة الرخص»، حيث اعتادوا لعب دور الوسيط بين المواطنين والإدارة، مقابل وعود أو امتيازات غير مشروعة.
وقالت المصادر إن هذه الخطوة تأتي في سياق وضعية وُصفت بـ«المقلقة» تعيشها المقاطعة على مستوى تدبير العقار، حيث سجلت في السنوات الأخيرة فوضى عمرانية وارتفاعاً في ظاهرة البناء العشوائي، ما فتح الباب أمام تجاوزات مرتبطة بطرق الحصول على الرخص واستغلال ثغرات المساطر الإدارية. وهو ما دفع وزارة الداخلية إلى التدخل لتشديد الرقابة وضبط العملية الإدارية عبر تمكين المواطن من الوثائق بشكل مباشر.
ووفق المعطيات المتوفرة، فإن هذه الآلية الجديدة وضعت حداً لإيهام المواطنين بأن الحصول على رخصة تجارية أو إدارية يستوجب تدخل منتخبين أو فاعلين جمعويين، وهو ما شكل منفذاً للاستغلال والزبونية، ناهيك عن جعلها خزانا انتخابيا. واعتبر عدد من النشطاء والفاعلين المحليين في طنجة هذه الخطوة بمثابة «تحرير للإدارة من قبضة الوساطة»، مؤكدين أنها ستعزز ثقة المواطن في المؤسسات وتضمن الحق المشروع في الولوج إلى الخدمات العمومية بشكل مباشر وشفاف.
ونبهت المصادر ذاتها إلى أن القرار سيضع حداً لمحاولات بعض الأطراف استغلال النفوذ، خاصة في ظل الطفرة العقارية التي تعرفها مقاطعة بني مكادة، حيث تشكل الرخص الإدارية والتجارية أحد المفاتيح الأساسية للاستثمار. ويُنتظر أن تعمم وزارة الداخلية هذا الإجراء على باقي المقاطعات بطنجة، بما ينسجم مع توجهها لتقوية الحكامة الترابية ومحاربة مظاهر الريع والزبونية داخل الإدارات المحلية.
وكانت الوزارة عمدت في وقت سابق، أيضا، إلى قطع الطريق أمام رؤساء المقاطعات بالمدينة، الذين طالبوا بتجاوز قضية الرقمنة في ما يتعلق بالرخص وغيرها، والاعتماد على النسخ الورقية، وهو الأمر الذي جوبه بالرفض من طرف وزارة الداخلية. وقالت مذكرة لوزارة الداخلية في الموضوع، وجهت إلى ولاة الجهات، فضلا عن العمالات والجماعات الترابية، إنه «بعد تسجيل عدم انخراط بعض الجماعات في رقمنة المساطر والخدمات المقدمة إلى المرتفقين، فإنه بالرغم من التكوينات والمواكبة التقنية التي استفاد منها الموظفون المعنيون برقمنة الخدمات، إلا أن بعض الجماعات الترابية مازالت لم تنخرط في مجهود الرقمنة، كما أن الآجال النظامية لا تحترم في العديد منها رغم تبني تلك المنصات والتطبيقات الرقمية.
وأكدت الوزارة في وثيقتها أن هناك عدة قلاقل في هذا الجانب، من قبيل عملية تسليم رخص البناء التي تعتبر مثالا على عدم احترام الآجال النظامية لخدمات الرقمنة، في الوقت الذي يصل معدل الآجال في بعض الجماعات إلى حدود أزيد من 100 يوم، وهو ما يتعارض مع قانون تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية الذي ينص على ألا تتعدى الآجال مدة أقصاها 60 يوما لمعالجة وتسليم القرارات.





