الرئيسيةسياسية

الداخلية تواجه «مافيا العقار» للجماعات الترابية

محمد اليوبي

بعد تفشي ظاهرة السطو على الممتلكات العقارية المملوكة للجماعات داخل المدن الكبرى من طرف «حيتان» العقار، خلال السنوات الأخيرة، بتواطؤ مع بعض رؤساء الجماعات والمنتخبين، سيتدارس مجلس الحكومة في اجتماعه الذي سينعقد، غدا الخميس، مشروع قانون يتعلق بالأملاك العقارية للجماعات الترابية أعدته وزارة الداخلية، وهو بمثابة نظام قانوني موحد لأملاك الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات.
وبعد المصادقة على هذا القانون بالمجلس الحكومي، ستتم إحالته على غرفتي البرلمان للمصادقة عليه قبل نهاية الولاية التشريعية الحالية، ليكون جاهزا خلال الولاية القادمة للجماعات الترابية. ويهدف مشروع هذا القانون إلى تعديل وتوحيد النصوص التشريعية المنظمة لهذه الأملاك، التي تتميز بتعددها، وكونها متجاوزة، إذ ترجع في مجملها إلى عهد الحماية، كما أنها غير مكتملة بفعل غياب مقتضيات خاصة بتدبير الملك العام الجماعي، إضافة إلى تعقيد المساطر وعدم ملاءمة أساليب تدبير الملك الجماعي، مما يؤدي إلى ضعف المساهمة في موارد الأملاك الجماعية في تنمية هذه الجماعات.
ولتجاوز هذه الوضعية، فإن مشروع القانون يروم تنمية الأملاك الجماعية وتحسين مداخيلها وتحديث أساليب ومساطر تدبيرها وتعزيز المحافظة عليها، ولتحقيق هذه الأهداف، ينص مشروع القانون على تطبيق قواعد الحكامة الجيدة، كإلزامية اللجوء إلى المنافسة كمبدأ عام لتفويت أو كراء الملك الخاص والترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العام، مع تقنين وضبط حالات الاتفاق بالتراضي، مع وضع ضوابط لمسك وتحيين ومراقبة سجل المحتويات وعرضه على مداولات المجلس، وجعله وثيقة إلزامية وأساسية لتدبير هذه الأملاك وحمايتها. كما ينص المشروع على اعتماد تخصيص الأملاك العقارية لاستعمال العموم أو لتسيير مرفق عام كمعيار لتمييز الأملاك العامة عن الأملاك الخاصة، وإقرار مسطرة لتحديد الملك العام للجماعات الترابية، بما يعطي ضمانات إضافية لحماية الحقوق المحتملة للغير، مع تشجيع الاستثمار في الملك العام، بمنح ضمانات للمستفيدين من رخص الاحتلال المؤقت، في حال سحبها لأسباب المنفعة العامة وذلك بإلزام تعليل قرار السحب، ويشترط القانون ضرورة موافقة المجلس الجماعي على الأثمنة الافتتاحية للمزايدات العمومية المتعلقة بالتفويت أو الكراء أو الاحتلال المؤقت للملك العام بإقامة بناء.
وتتولى المديرية العامة للجماعات المحلية إحصاء أملاك الجماعات الترابية وتحفيظها، وضبط وحماية الأملاك الجماعية وتنميتها، فضلا عن تعزيز الرصيد العقاري الجماعي، وتثمين وتحسين مردودية أملاك الجماعات الترابية. وحسب تقرير لوزارة الداخلية، فإن الإصلاح التشريعي وحده غير كاف لتحسين مردودية الأملاك العقارية للجماعات الترابية، بحيث تعمل المديرية العامة للجماعات المحلية على إجراء إحصاء شامل لهذه الأملاك لمعرفة الرصيد العقاري للجماعات، ووضع برنامج شمولي لتعميم نظام التحفيظ العقاري، لحماية هذه الأملاك من الترامي والضياع، وكذلك تحيين محتويات الأملاك الجماعية، بتقييد هذه الممتلكات التي تمت تسوية وضعيتها القانونية بالسجلات العقارية باسم الجماعات، وكذا العمل على تحيين الرسوم العقارية لهذه الأملاك.
ولمواجهة الاستحواذ على الأملاك العقارية الجماعية، سيتم الشروع في تحفيظ الأملاك غير المحفظة وتحيين الرسوم العقارية للأملاك المحفظة بكيفية تدريجية، لحماية الملكية العقارية الجماعية وتعبئتها لتحقيق التنمية المحلية، وذلك من خلال تطهيرها من الحقوق والتحملات والنزاعات، وتأسيس رسوم عقارية تعكس الوضعية القانونية والمادية لهذه العقارات، وضبط سجلات محتويات أملاكها وتحيين البيانات المضمنة بها، حتى تكون مرجعا موثوقا به وشاملا للمعلومات المتعلقة بالأملاك المقيدة فيها وتواكب جميع العمليات الجارية عليها. كما وضعت وزارة الداخلية نظاما معلوماتيا يسمى «أطلس خرائطي» في إطار شراكة مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، يوضح موقع هذه الأملاك ومساحاتها ورسومها العقارية ومشتملاتها، وسيساهم هذا النظام في تدبير واستغلال الأملاك الجماعية.
وستتولى مديرية الممتلكات بوزارة الداخلية القيام بدراسة ميدانية للاطلاع على الوضعية الجارية لاستغلال الأملاك الجماعية عن طريق الكراء والاحتلال المؤقت وتقييم مردودية هذه الأملاك واقتراح الحلول الناجعة لإنجاح العملية، فضلا عن مراجعة الأكرية والإتاوات المستخلصة عن الاحتلال المؤقت للملك العام الجماعي لتحسين مردوديتها، وتطبيق المنافسة كقاعدة عامة في استغلال وتفويت الأملاك الجماعية لتحسين الحكامة وتطبيق الشفافية في تدبير هذا القطاع الحيوي، مع تطبيق الآليات القانونية والحكامة الجيدة في تدبير هذه الأملاك ومراقبة تسييرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى