حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحية

المعركة الخاسرة

ليس مستغربا أن قوة حزب العدالة والتنمية لم تكن يوما متحصلة من مجهوداته وبنائه الذاتي بقدر ما هي ناتجة عما يقدمه له السياق السياسي المفاجئ أو خصومه قبل حلفائه من هدايا مجانية في عز أزماته، ففي 2011 استغل الحزب الحاكم رياح ما سمي بـ«الربيع العربي» التي أوصلت سفينة الإسلاميين إلى سدة السلطة التنفيذية حيث لم يكن أكثر المتفائلين في حزب المصباح يحلم بها، وبعد خمس سنوات من التدبير الشعبوي والوعود الزائفة حيث كان السياق مناسبا لتراجع مد العدالة والتنمية، قبل أن يجد في حزب الأصالة والمعاصرة منقذا له من الموت السياسي بسبب «زرواليات» حزب حاول الهيمنة على المشهد السياسي ببشاعة وبكثير من الترهيب وقليل من الترغيب.
واليوم، قبل شهور من الاستحقاقات، يأبى التاريخ إلا أن يعيد نفسه للمرة الثالثة، ويقدم للحزب الحاكم هدايا سياسية بالجملة، بسبب تهور أحزاب المعارضة التي اخطأت الهدف، وأطلقت حربا ضد حزب يتقاسم معها جزءا من التاريخ ويتقاطع مع بعضها في الأفكار والأهداف السياسية. ويمكن أن نؤكد من الآن، قبل فوات الأوان، أن استراتيجية الهجوم المتهور التي تقودها أحزاب المعارضة تجاه حزب التجمع الوطني للأحرار غير مجدية وستؤدي لا محالة إلى نتائج عكسية، لن تخدم بتاتا المصالح الانتخابية لأحزاب الاستقلال والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية، التي من المفروض أن تبحث عن تقاطعات مع أحزاب اجتماعية تشبهها، على العكس من ذلك ستخدم هاته الانشطارية الأجندة السياسية لحزب العدالة والتنمية الذي دبر الشأن العام لمدة عشر سنوات دون أن توجه له أسهم المساءلة عن المآسي التي خلفتها قراراته وسياساته.
بالنسبة لحزب العدالة والتنمية فإن الوضع الانتخابي بدا مثاليا فهو يواجه معضلة كبيرة وفرصة في الوقت نفسه. المعضلة أن الوضع العام والتنظيمي يسيران في غير صالحه، وإن إنهاك السلطة أصابه في مقتل، حيث إن حركة الشارع وأخطاءه القاتلة وقراراته المجحفة مجتهدة في إضعاف مواقعه. لكن، في المقابل، يمكن للحزب الحاكم أن ينجو من حالة الاختناق في ظل سيادة الانقسامية بين معارضيه الطبيعيين، ولعل المعارك الخطأ والصراعات الضيقة هي ما قد يحفّز إخوان العثماني على الاستمرارية، ومحاولة استعادة جزء من الرأسمال الذي بدده الحزب.
وبدل أن تخسر أحزاب المعارضة الكثير من الوقت والجهد للتنكيل بحزب فقط لأنه يتوفر على مواصفات تسمح له بتصدر المشهد الانتخابي المقبل أو لأن بعض الأعيان فضلوا الانتقال إلى صفوفه هاربين من أحزابهم، على تلك الأحزاب أن تركز اهتمامها على وضع التجربة الحكومية على طاولة التشريح والتقييم، لبناء مشروعية سياسية تسمح لها بكسب الثقة لقيادة المرحلة المقبلة، وتفوت الفرصة على حزب قاد تجربتين حكوميتين ويستعد لثالثة بأخطاء الآخرين.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى