حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحية

المعركة الخطأ

يخطئ من يعتقد أن غزوة البيانات المفتوحة، التي يخوضها العدالة والتنمية، وحرب التصريحات اللامسؤولة التي يطلقها حزب الأصالة والمعاصرة ضد بعض المؤسسات الحساسة والمخططات الاستراتيجية، التي يعول عليها المغرب لإنقاذ اقتصاده من الانهيار، مردهما إلى الدفاع عن اختصاصات وهيبة السلطة التشريعية، أو نضالا مريرا من أجل محاربة الفساد الذي ينخر أركان بعض الأحزاب التي ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، إنهما ببساطة تهور سياسي كبير وسلوك انتخابوي أرعن في مرحلة دقيقة يجتازها البلد.
فحينما يهاجم عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، قطاع الفلاحة والصيد البحري، الذي يعول عليه المغرب لكي ينقذ الاقتصاد من الأزمة، وعندما يطلق الرصاص العشوائي اتجاه قطاع البنوك مشككا في أرباحه، علما أن القطاع البنكي يلعب دورا أساسيا في التماسك الاقتصادي. وحينما يصفي سائق «التراكتور» حساباته الشخصية مع مولاي حفيظ العلمي، وزير قطاع الصناعة والتجارة، علما أن الخصوم قبل الأصدقاء يشهدون أن هذا القطاع هو الأكثر دينامية خلال السنوات الأخيرة، فهو لا يتوخى من وراء ذلك إصلاحا في السياسات أو تعديلا للقرارات أو تقييما للنتائج المحصل عليها، وهو المطلوب منه «كزعيم» للمعارضة البرلمانية. كل ذلك يبقى خارج حسابات وهبي، الذي يبحث فقط عن «البوز» السياسي ورد «الصرف» لمنافسه، بسبب حرب التزكيات واستقطاب المرشحين، مهما كانت تكلفة ذلك في السياسة والاقتصاد.
بالموازاة مع ذلك، فتحت الذراع البرلمانية للحزب الحاكم جبهة في مواجهة المندوب العام للسجون، لتصفية حسابات سياسوية مع مؤسسة ظلت عصية على تحكم حزب «البيجيدي»، رغم أنها تدخل ضمن وصاية رئيس الحكومة، ولطالما حاول وزراء العدالة والتنمية وبرلمانيوه إخضاع تلك المؤسسة لنفوذهم، مرة بالعصا القانونية، وأخرى بالجزرة لكن دون جدوى. فالحزب الذي يتهم المندوب العام بتجاوز اختصاصاته، والتطاول على عمل المؤسسة التشريعية، ويدعوه بلغة متعالية مملوءة بالتهديد والوعيد إلى الاعتذار والانضباط، هو الحزب نفسه الذي يمرمد يوميا الدستور في الوحل، ويعتدي على أحد أعمدته الصلبة القائمة على الفصل بين السلط، وعدم تدخل السلطة التشريعية في أعمال السلطة القضائية.
فلا يمكن بأي حال من الأحوال في سبيل ربح بعض المكاسب السياسية، في زمن الحملات الانتخابية السابقة لأوانها، السماح للحزب الحاكم بالتدخل في شؤون السلطة القضائية كسلطة مستقلة، محتميا بعباءة الوظيفة الرقابية التي تقتصر على رقابة البرلمان على أعمال الحكومة، وليس سلطة القضاء التي يشرف عليها بمنطوق الدستور الملك محمد السادس. لقد نسي الحزب الحاكم أنه هو من قدم أمس عبر وزيره مصطفى الرميد قانونا يفصل النيابة العامة والسلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، وصوت عليه الحزب بالإجماع، واليوم يحاول مساءلة الحكومة عن قرارات ذات طبيعة قضائية اتخذت في حق مواطنين يتابعان على خلفية قضايا أخلاقية، بعيدا عن مواقفهما السياسية وكتاباتهما الصحفية، كما يحاول البعض أن يروج لذلك.
لذلك قبل أن يعطي الحزبان الأول في الأغلبية والأول في المعارضة الدروس للآخرين باحترام الدستور وصيانة المؤسسات من التطاول، كان عليهما بالأحرى أن يوصيان نفسيهما بذلك أولا، فأن تكون ممثلا في البرلمان وتحتل المرتبة الأولى داخل المؤسسة التشريعية، فهذا لا يخولك سلطة تحريف وظيفة الرقابة البرلمانية والركوب على قضايا حق عام وتحويلها إلى قضايا سياسية، للظهور بمظهر الحزب المدافع عن الحقوق، فيما الحقيقة أن كل هموم الحزب الحاكم هي ركوب الأمواج لكسب تعاطف كاذب، ولو على حساب الدستور والمؤسسات. وأن تتزعم المعارضة المفترى عليها، فهذا لا يعطيك الحق في جر مخططات استراتيجية للدولة إلى مستنقع البوليميك السياسي، ونهج سياسة الأرض المحروقة عبر الضرب والتشكيك في خيارات اقتصادية واستثمارية كبرى، يعول عليها البلد للخروج من حالة الاختناق. زمن الانتخابات لا يمكن أن يبرر كل هذه البشاعة في الخطاب والممارسة.

مقالات ذات صلة
حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى