النعمان اليعلاوي
يعيش مجلس جماعة سلا منذ أيام على وقع جدل واسع عقب تفجر الخلافات الداخلية حول مشروع “المقبرة الجماعية الجديدة”، الذي كان يفترض أنه أحد أبرز المشاريع الاجتماعية الموجهة لخدمة السكان، غير أنه تحول إلى ملف خلافي أربك عمل المجلس وأعاد إلى الواجهة أسئلة تدبير الشأن المحلي وضعف التنسيق بين مكونات الأغلبية.
وكانت دورة لمجلس مدينة سلا قد أدرجت مشروع إنشاء مقبرة جماعية جديدة ضمن جدول أعمالها، باعتباره مشروعاً ضرورياً بعد امتلاء عدد من المقابر القديمة بالمدينة وصعوبة استقبال المزيد من الدفن.
المشروع، وفق مصادر من داخل الجماعة، كان يهدف إلى إحداث فضاء متكامل يحترم المعايير البيئية والصحية، مع تخصيص ممرات وتنظيم الولوج وتوفير فضاءات للصلاة والوضوء والانتظار، غير أن ما كان يُفترض أن يمرّ بسلاسة، تحول إلى مصدر توتر حاد بين أعضاء المجلس، بعد أن عبر عدد من المستشارين عن رفضهم للطريقة التي دُبّر بها الملف، معتبرين أن هناك “تسرعاً وغموضاً” في اختيار الموقع المقترح، و”غياباً للتشاور المسبق مع السكان والمجتمع المدني”، فضلاً عن “عدم وضوح الكلفة المالية للمشروع ومصادر تمويله”.
مصادر من داخل المعارضة أكدت أن المجلس لم يقدم توضيحات كافية حول المعايير التي اعتمدت لاختيار الأرض المخصصة للمقبرة، ولا حول طبيعة الدراسات التقنية والبيئية التي يفترض أن تسبق أي مشروع من هذا النوع، خاصة أن المشروع يقام في منطقة تعرف توسعاً عمرانياً متزايداً، وأضافت المصادر ذاتها أن “المقبرة الجماعية مشروع اجتماعي نبيل، لكن لا يمكن التعامل معه بعقلية تدبير ارتجالية أو بخلفية انتخابية”، في إشارة إلى اتهامات ضمنية لأعضاء من الأغلبية بمحاولة “استثمار الملف سياسياً” لإظهار دينامية المجلس في تدبير الشأن المحلي.
من جهتهم، عبر عدد من سكان أحياء المدينة، خاصة القريبة من الموقع المقترح لإنشاء المقبرة، عن تخوفاتهم من التأثيرات البيئية والاجتماعية للمشروع، معتبرين أن “اختيار الموقع لم يراع المعايير البيئية، ولا تم إشراك السكان في القرار”، فيما دعا آخرون إلى تسريع إنجاز المشروع بالنظر إلى النقص الكبير في أماكن الدفن داخل المدينة، مشيرين إلى ان العقار المخصص للمقبرة بات محط أنظار “مافيا العقارات” التي وضعته صوب أعينها حيث تم شراء عدد من البقع الأرضية المجاورة للعقار في أفق ما قالت المصادر إلى بحث عن إنجاز “تجزئة سكنية”.
